الرئيس المحروس .. والإعلام المنقوص


ما زلنا نحلم بأن يكون لدينا رئيسا للوزراء يشبه وصفي التل ، ووصفي التل لم يكن من مواليد المريخ ، ولم يكن يحمل رقما وطنيا من كوكب الزهرة ، ولم تكن جيناته الوراثية مختلفة عن الجينات الوراثية لسبعة ملايين أردني ، ولكنه كان قريبا من الشعب فأحبه الشعب ، وقريبا من الجيش فصفق له الجيش ، ومتناغما مع أحلامنا ، فأصبحنا نراه بالأحلام ونراه تارة خلف المحراث البلدي ، وتارة يحمل الفأس ليزرع بيديه خمسا وثلاثين شجرة لزاب في بيته على طريق الكمالية ... بل حين كان وصفي التل مديرا للإذاعة الأردنية ، كان يشرف على كل كلمة من كلمات الاغاني الوطنية التي تُبث عبر أثير الاذاعة الأردنية ، لأنه كان يفهم جيدا أن الإعلام هو الذراع الأيمن الذي يتكئ عليه النظام في ايصال الرسالة الملكية كما يريدها الملك للداخل والخارج ...
وللأسف فمنذ أكثر من عشرين عاما ما زال الإعلام الأردني يتخبط ويتراجع ويموء تحت غطاء الشخصنة المقيتة ، لأننا بعد وزارتي صلاح أبو زيد وعدنان ابو عوده للإعلام (أطال الله في عمريهما ) لم يعد لدينا سوى ضجيج أبواق اعلامية أزعجت المشاهدين واغضبت المستمعين ، فهرب الجميع الى محطات عربية أكثر رحمة لأذواقهم السمعية والبصرية ، والسب وراء كل ذلك أن رؤساء الحكومات جميعهم كانوا ينظرون لمهارات شخص وزير الإعلام مثل مهارات وزير الثقافة او التنمية الاجتماعية أو غيرها من الوزارات الخدماتية ...
إن وزير الإعلام بالمفهوم التقني والمعرفي والجماهيري لا يقل اهمية عن وزيري الداخلية والخارجية (إن لم يكن أهم) لأنه معني أولا وأخيرا بتقديم رسالة الوطن كاملة غير منقوصة من حيث اشاعة قيم الولاء والإنتماء ، وتشبيك أواصر اللحمة الوطنية بين افراد المجتمع بما يتناسب مع الرؤيا الملكية السامية التي تضع هموم المواطنين في سلّم اولوياتها كرسالة اعلام ، ولذلك يضطر جلالة الملك دائما لتوجيه رسالته للشعب الأردني من خلال محطات تلفزيونية عربية لإيصال رسالته الى شعبه بسرعة ...
منذ ذلك الزمن الذي كان قبل عشرين عاما ، ما زال رئيس الحكومة هو الذي يدافع عن فشل الإعلام الرسمي الأردني المرئي والمسموع ، في الوقت الذي كان من واجب هذا الإعلام الرسمي أن يقوم بالترويج لأي قرار حكومي قبل شهرين من اتخاذه ، لكي يقدم بين يدي الحكومة رأي الشارع بالرفض أو القبول لأي قرار ...
هذه الحكومة ستكون ناجحة من خلال معرفتنا بشخص رئيسها اذا كان لديه وزيرا للإعلام ومدراء للمؤسسات الإعلامية الرسمية يعرفون كيف يجب أن يتم (تدوير ) الحرف الواحد والكلمة الواحدة قبل بثها من خلال الأثير من أجل اعادة الجمهور الأردني لشاشته الوطنية ولإذاعته الأردنية بأسرع وقت ممكن ... نريدك رئيسا من الله محروسا ... ولكنك ونحن ايضا لا نريد أن يبقى اعلامنا منقوصا ...



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات