عن أي حرية إعلام وديمقراطية نتحدث


أجزمُ إن غالبية المتابعين للشأن الأردني الداخلي والخارجي على السواء، لم يتفاجئوا، بقرار الصحفية الأردنية "أمل غباين " باللجوء السياسي ،بعد ان اغلقت جميع ابواب الحماية بوجهها ،بعد فتحها لملف هام وخطير تعرضت على آثره لتهديدات امنية من قبل اشخاص كنا نعول عليهم ان يقدموا لها الحماية بدل ان يكيلوا لها سيلا من الاتهامات والغمز واللمز والتجريح، بالمحصلة "أمل غباين "لم تكن الأولى ولن تكون الاخيرة بمسلسل اللجوء السياسي فهناك حالات كثيرة واعداد كثيرة لصحفيين وإعلاميين أردنيين قرروا ان ينحوا نفس المنحى في بلد اصبح فيه للفساد وللفاسدين حماية من قبل لوبيات واشخاص ومسؤوليين تحميه وتحميهم .

تزايد حالات اللجوء السياسي في الأردن للاعلاميين والصحفيين تؤكد أن هناك ممارساتٍ خاطئة، تمارسُها بعض الاجهزة والمؤسسات المرتبطة بالنظام الأردني اتجاه الشعب الأردني، فهناك اليوم العشرات من التقارير والدراسات المحلية والعربية والدولية التي تؤكدُ إن الأردن خلال العقد الأخير على الأقلّ ،بدأ يتراجعُ بشكلٍ كبير على سُلّم الترتيبات والتصنيفات العالمية للدول الديموقراطية، فهنالك اليوم حالةٌ غير مسبوقة من التعديات على حرية الاراء والتعبير، وغيابٌ شبهُ كامل للممارسة الديموقراطية الشعبية ، وكلُّ هذا يتم وسط حالة من التضييق الأمني والسياسي على حرية الإعلام والإعلاميين .

اُعتُقل عددٌ كبير من الصحفيين والكتّاب في العام المنصرم – 2015 م، وحتى الفيسبوكيين في الأردن ، وتحت ذرائع كثيرة، تحميها للأسف قوانين وتشريعات رجعية قاتلة للحرّية ، كما وتمّ فصل العديد من الكتّاب والصحفيين من أصحاب الرأي الآخر، المعارض لجزءٍ من سياسة النظام والحكومة الأردنية من أعمالهم الحكومية التي يعتاشون منها، وهناك مجموعة من الضغوط المعيشية التي يتعرض لها اصحاب الرأي الاخر وهذه التجربة مررتُ ومازلت امر بها “شخصياً “،وهذا طبعاً يدخلُ من باب الترويع لكل شخصٍ، يُعارض سياسات قمعية تُفرض على الشعب العربي الأردني.

وفي العام 2016 م .. وفي الوقت الذي تحارب فيه، معظم حكومات العالم ظاهرة الفساد ، نجدُ إنّ بعض الدوائر المرتبطة بالنظام بالأردن تُعاقب كلّ من يطالب بمحاكمة الفاسدين وفتح قضايا الفساد ، فعندما طالبنا وغيرنا بمحاكمة وليد الكردي” الهارب من وجه العدالة ” ،وغيره.. وغيره ،عوقبنا بالتضييق علينا معيشيآ على الاقل، ومع ذلك سنستمرُ بالمطالبة بمحاكمة الفاسدين والمفسدين، والمتورطين بقضايا عطاء المطار وأراضي معان وسكن كريم وشركات البوتاس والإتصالات وأمنية والفوسفات والكهرباء والأسمنت وميناء العقبة و أمانة عمّان والبلديات والملكية الاردنية، وبيع مبنى مديرية التنمية الاجتماعية، وصفقات دبي كابيتال، وعطاء مصفاة البترول، وشركة توليد الكهرباء وكهرباء اربد، وفضائح الأستثمار واراضي الديسي والجفر ، وحصص الحكومة من الأسهم في كل من بنك الأسكان وبنك القاهرة – عمّان ، وبنك الصادرات والتمويل، وبنك الإنماء الصناعي واراضي ألاغوار ، ومصنع رب البندورة في الأغوار، والألبان الأردنية والبتراء للنقل، والأجواخ الأردنية، والدباغة الأردنية والخزف الأردنية، والعربية الدولية للفنادق، والأردنية لتجهيز الدواجن ومصانع الورق والكرتون، والمؤسسة الصحفية الأردنية، والكازينو ومؤسسة سكّة حديد العقبة، وقضايا المخدرات، والرشى، والعطاءات الحكومية، والفساد الإدراي، والتنفيع ، واستغلال الوظيفة العامّة ، و… ألخ.

ومع استمرار بعض الدوائر والاجهزة التي تدور بفلك النظام الأردني باقرار قوانينٌ تضيّقية على حرية الإعلام والصحفيين والإعلاميين والكتّاب، وعلى كل شخص يُخالف رأي وتوجهات النظام والحكومة بالأردن ، فاليوم نرى بشكلٍ غير مسبوق، تضييقاً كاملاً على حرية الإعلام، وهنالك عشراتُ القضايا المنظورة أمام القضاء، و التي يُحاكم بها إعلاميون وصحفيون اليوم في المحاكم الأردنية، والهدف هو ترويع وترويض الإعلام ذو الرأي الآخر .

ختاماً ، إن فتح ملف الحرّيات وإكذوبة الإصلاح بالأردن، يحتاجُ لوقتٍ طويل ومقالات عدّة ودراسات عديدة، لتسليط الضوء على حجم القمع الذي تمارسهُ الحكومة الأردنية ومن خلفها بعض أقطاب النظام الحاكم، وبعض الأجهزة الأمنية على حرّية الإعلام ذو الرأي الآخر الذي يخالفُ توجهات النظام والحكومة، وعلى هؤلاء بمجموعهم، أن يعلموا إن كُثرة الضغط ستؤدي آجلاً أم عاجلاً للانفجار، وهذه دعوة مفتوحة ومستمرة للنظام الأردني، للتعقل بأفعاله اتجاه من يخالفهُ الرأي، فالتلويح بالقبضة الأمنية والتهديد بمنع لقمة العيش، قد تجدي نفعاً بالوقت الحالي، ولكنها على المدى الطويل، سترتدُ بشكلٍ سلبي على الجميع، فهل سنرى، أسلوب تعامل ديموقراطي وعصري من قبل النظام مع الإعلام ذو الرأي الآخر والبدء الفعلي بمعالجة قضية "أمل غباين وغيرها "؟؟، سننتظر القادم من الأيام..

*كاتب وناشط سياسي – الأردن .
hesham.habeshan@yahoo.com

 



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات