عمل "الجنس اللطيف" بالمقاهي .. كسر لحاجز "العيب" في مجتمع محافظ
جراسا - خبير اجتماعي: النظرة السلبية تعود لازدراء العمل في مجالات التخديم مقابل المال
نادلة بمقهى: أكسب قوت يومي بجهدي وهذا ما يجعلني مرتاحة بحياتي
غير آبهين بنظرة المجتمع لطبيعة عملهن في الصالات المغلقة, وخارجين عن ما "ألفه" البعض في اقتصار المرأة على الأعمال المكتبية أو البعيدة عن الاختلاط والاحتكاك المباشر مع الجنس الآخر, في بيئة شرقية لطالما رأت المكان الأنسب للمرأة في بيتها وأسرتها.
لأسباب اختلفت بين "مادية" و"عشق للعمل " في المطاعم والمقاهي, أقبلت العديد من الفتيات من دون تردد للعمل كنادلات في بعض مقاهي دمشق، ضاربات بعرض الحائط ما وضعه مجتمعهن من عادات وتقاليد وتحفظات حول ذلك.
أكسب قوت يومي بجهدي
وفي زيارة لسيريانيوز لإحدى مقاهي دمشق، الذي فضل صاحبها "الجنس اللطيف" للعمل في تقديم الطلبات لزبائنه، تحدثت لين" 24 عاماً" وهي إحدى النادلات في المقهى عن سبب اختيارها لهذه المهنة " كان سبب اختياري لعملي بالبداية هو كسر حاجز الخجل وحب التعامل مع أفراد المجتمع, فمن خلال المواجهة مع الزبائن تتكون لدي مقدرة على التواصل مع الآخرين".
وعن نظرة المجتمع والعائلة لها قالت لين "بالنسبة للمجتمع الذي حولي، فقد لاحظت أن المعارضة والنظرة السلبية تنحصر في الجيل القديم من المجتمع أما الجيل الجديد فلم أرى استغرابا واضحا بل كان هناك تشجيع في بعض الأحيان".
وأضافت" أنا على علاقة حب مع شخص، وهو يشجعني على عملي, كما أنني لا اسمح لنفسي بأخذ مصروفي منه أو من أي أحد بعائلتي, فأنا أكسب قوت يومي بجهدي، وهذا ما يجعلني مرتاحة بحياتي, لكن طبعا هذا كله سيختلف عند زواجي, لأنني سأتفرغ كليا لزوجي وأطفالي".
المضايقات حسب المقهى
وحول إمكانية التعرض لمضايقات وإزعاجات من الزبائن، أضافت لين " يتفاوت هذا الموضوع باختلاف مستوى المقهى أو المطعم، و لم أر أية إزعاجات في الكافيتيريا التي أعمل بها حاليا كون الزبائن أغلبهم من فئة المثقفين من صحفيين وأطباء ومؤلفين دراما وغيرهم, بينما في الأماكن التي يتواجد فيها المشروبات الكحولية فإمكانية التعرض للتحرشات تزداد, ولكن بالنهاية الأمر راجع للفتاة فهي من تضع الحدود وتلزم الزبون بمعاملتها معاملة تليق بها".
أما فيما يتعلق بنوعية اللباس ومدى إمكانية تأقلمها معه مهما طلب منها قالت لين" أرفض تماما اللباس المغري أو"التنانير" القصيرة في حال طلب مني ارتداءها, لأن تواجدي هنا لمجهودي الذي أقدمه، وليس لأنثويتي أو لعرض جسدي مقابل أشياء أخرى, كما أنني أتمنى أن نعتبر مثلنا مثل باقي الرجال العاملين في هذا المجال.
وطالبت لين المجتمع الشرقي" بتغيير نظرته للفتيات العاملات في المطاعم وخاصة الجيل القديم منه، لأن عملنا هو لإثبات ذاتنا وليس لشيء آخر".
الإعلام أساء للناديلات
ومن جهة دانا (صاحبة الخبرة الطويلة في العمل بالمطاعم)، كان لها رؤية مستقبلية وخطة مرسومة لمجرى عملها وتقدمه, حيث تفكر "في تطوير نفسها للوصول لأفخم الفنادق وذلك من خلال تحسين لغتها عبر دورات انكليزية تجريها".
ورفضت دانا (التي بدأت العمل في تقديم الطلبات منذ 6 سنوات وتنقلت بين عدة دول بينها الأردن ولبنان) فرص العمل المتاحة لها في محلات يتواجد بها مشروبات كحولية, "لعدم قبولها التنازل عن بعض الأمور لإرضاء الزبائن".
وقالت"العمل في أماكن المشروبات الروحية مختلف عن غيره بالنسبة لإساءات فهناك لابد من التعرض لمثل هذه المواقف, كما لا يمكن التعامل بحزم معها كون الزبون مخمور ومن الصعب التعامل معه".
وحول تناول الإعلام لهن كعاملات في مطاعم قالت دانا إن " الإعلام أساء لنا من خلال بعض المواضيع التي طرحت وكلامهم مردود عليهم, فنحن أغلبنا نملك سمعة ونملك أخلاقنا التي ندافع عنها مهما جرى, وفي نهاية المطاف العمل ليس عيباً, وهو مصدر رزق لنا مع مراعاتنا لطبيعة مجتمعنا الشرقي المنغلق نوعا ما".
سبب اختيارها المهنة ليس مادي فقط..
وعن خططها المستقبلية قالت دانا" أنا الآن بصدد تطوير نفسي في عدة مجالات منها التعامل مع الزبائن واللغة الانكليزي, لأنني أطمح أن أحصل على وظيفية في فنادق 5 نجوم, و أنا متأكدة من النجاح كوني أحب عملي ومخلصة له ".
تعدي الإناث على أعمال الذكور في مجالات الحياة، كان كلاماً مرفوضاً بالنسبة لدانا، وقالت"هناك أمور لا نستطيع نحن كإناث مجاراة الرجال بها, نظراً إلى أنها تتطلب الجهد العضلي والبنيان الجسدي القوي, لكن بشكل عام لا يوجد هناك مانع من التكاتف والتكامل بين الرجل والمرأة".
و أضافت "العلاقة بين الرجل والمرأة علاقة تكاملية, وأنا أحترم الزوج الذي سأرتبط معه وحتما سأقنعه بعملي وذلك من خلال محبتي له, بالنهاية سوف نشكل أسرة واحدة ولا بد من التعاون فيما بيننا للوصول للهدف المطروح".
وكان السبب الرئيسي لاختيار دانا هذه المهنة ليس مادياً، و قالت" السبب الرئيسي في اختياري لمهنة النادلة في المقاهي لا يتعلق بالمال, فأنا استمتع بها كثيرا بغض النظر عن المادة والراتب الذي أحصل عليه, وأشعر أنني مرتاحة نفسيا لتواجدي هنا, لأنني مؤمنة بأنني سوف أفعل شيئا مفيدا بالنهاية وذلك لأنني أؤمن بقدراتي".
نظرة الغرب للنادلة أكثر انفتاحا من الشرق
المقارنة بين معاملة الأجانب المتوافدين إلى المقهى، ومعاملة العرب من زبائن ، كانت أمراً صعباً، وأردفت دانا" بشكل عام لا أرى فارقا كبيرا بين معاملة الزبائن العرب أو الأجانب، كون المقهى مستهدف من قبل بعض الفئات المثقفة نوعاً ما ، ولا أعتقد أنها معبرة عن كافة فئات المجتمع العربي, لأن النظرة تختلف بالكامل في الخارج ونلاحظ النظرة السلبية في معظم الأوقات, وعندها نستطيع المقارنة بين عقليتهم المنغلقة وعقلية الجاليات الغربية المتواجدة في سورية وهي منفتحة جدا, لدرجة أنهم لا يشعروك بأن هناك أمراً غريباً عند تقديمي لهم الطلبات".
الذكور بين مؤيد ومعارض..
واختلفت آراء بعض الشباب فيما يتعلق بعمل المرأة في الصالات بين مؤيد ومعارض حيث أكد هاني البقاعي (28 عام_تاجر) على أن " الحرية الشخصية ليس فقط للمرأة بل لكلا الجنسين في اختيار عملهن وأن الحياة صعبة ولا تحتمل أن نضع عوائق أمام مصدر الرزق".
وأضاف"من جهتي لا أرى أي مانع من خوض الفتيات في مثل هذه الأعمال مادامت ضمن حدود الأدب وعدم الابتعاد عن السبب الرئيسي للعمل وهو كسب الرزق, فمصاعب الحياة تزداد وفرص العمل ليست سهلة".
وعن تقبل المجتمع لمشاركة المرأة الرجل في كافة الأعمال قال هاني" مجتمعنا لا يتقبل مثل هذه الأمور, كما أن المرأة برأيي لا تستطيع الخوض في كافة الأعمال خاصة التي تتطلب جهد جسدي, ففي النهاية الرجل رجل والمرأة امرأة, ولكن توجد الكثير من الأعمال التي تستوعب الجنسين بحيث يصبحان مكلين لبعضهما البعض".
من جهة أخرى، تمنى أنس عدم انتشار ظاهرة عمل الفتيات كنادلات في المطاعم "لانتقاصها من أنوثتها وقيمتها" حسب رأيه.
وأوضح أنس(خريج إعلام) سبب رفضه بقوله" مكان المرأة الأنسب هو منزلها على رأس أسرتها, فنحن جميعا اعتدنا رؤية أمهاتنا في المنزل ومخصصةً كامل وقتها لأطفالها وأسرتها, ولطالما ارتبطت كلمة أنثى بالحنان والعطف, فهذا العطف والحنان برأيي يختفي عند انشغالها بعملها وخاصة إن كان العمل هو كنادلة في مطعم أو مقهى".
وتابع" الذي نراه الآن في بعض المقاهي والمطاعم ما هو إلا تقليد أعمى للغرب وأضع المسؤولية بشكل كامل على أصحاب المطاعم الذين يستغلون الأنثى لإغراء الزبائن وعدم الخوض بالنقاش بخصوص الفاتورة, والأمر بعيد كل البعد عن حق المرأة وغيره مما يقال".
تدريب الفتيات لكسر حاجز الخجل لديهن
ولمستثمري المقاهي، كانت هناك اعتبارات معينة لاستقطاب الجنس اللطيف للعمل لديهم، والتقت سيريا نيوز مستثمر كافتريا المركز الثقافي الروسي، فهد نصر, الذي يعتمد في خدمة روّاده على الفتيات، وقال إن " رواد الكافتريا اغلبهم من العائلات والفتيات لذلك اعتمد في العمل على الجنس اللطيف، عدا عن أنهم مطيعات أكثر من الشباب في العمل وأكثر منهم حرصاً على أداء العمل بدقة ونظافة".
وأضاف " كما أن لمكان العمل دور كبير في استقطاب الفتيات العاملات ففي المناطق الشعبية التي استثمر بها الكافتريات لا أحبذ عمل الفتيات بها، لأن الشعب العربي ما زال متمسكاً بشرقيته لحد بعيد، إضافةً إلى المطاعم التي تحوي مشروبات روحية ففي هذه الحالة تصعب القدرة على توقع تصرفات الزبائن بالنسبة للفتيات".
أما دافع العمل الرئيسي للفتيات فكان من وجهة نظر نصر هو "العامل المادي"، وقال " الحاجة إلى المال وشعور الفتاة بقدرتها على الاعتماد على نفسها مادياً هو السبب الرئيسي لعمل الفتيات في المطاعم و المقاهي، وهذا لا يعني استغلال محاسن وطوعية الفتاة في العمل مقابل مردود مادي قليل".
وأردف إن " عمل الفتاة يحوي بطياته على مساوئ لصاحب العمل في البداية ، فطبيعة الخجل لديهن، وعدم القدرة على التواصل مع الزبون يتطلب منا إخضاع العاملة لفترة تدريبية أولاً، عدا عن عدم قدرة الفتاة على الالتزام بدوام طويل أو مسائي".
وحول أكثر المشاكل شيوعاً والتي تتعرض لها العاملات، قال نصر إن" المعاكسات وطلب الفتيات للجلوس مع الزبون على الطاولة أكثر ما تتعرض له الفتيات العاملات لدينا من مشاكل، حيث أننا نتعامل مع الزبون المخل بالآداب بشدة"، مضيفاً إن "طبيعة المجتمع المحيط بالفتيات العاملات وخاصة أسرهم، يسبب ترك الفتاة للعمل بعد فترة قريبة من بدئه".
خبير: الرفض يعود لموروثين ديني واجتماعي
أما عن نظرة المجتمع الشرقي بشكل عام والسوري بشكل خاص لهؤلاء الفتيات, ومدى تقييمه لهن مع بداية استقباله هذه الظاهرة ونسبة قبوله لها، قال الخبير النفسي والاجتماعي أسامة خليفة لسيريا نيوز إن" المجتمع الشرقي يقف موقف الحذر من أي شيء جديد يطرأ على عاداته وتقاليده المتوارثة، كرفضه بدايةً دخول المرأة إلى عالم الفن والتمثيل، ومن ثم تحولها إلى جزء مهم من الفن فيما بعد".
وأوضح خليفة سبب رفض المجتمع الشرقي لعمل المرأة عموما، حيث قال" تعود النظرة السلبية للمجتمع أو تحفظه على عمل المرأة في الأشغال المختلطة وخاصة التي تعتمد على جهد المرأة الجسدي، إلى موروثين ديني واجتماعي، أما الديني فيعود إلى العصر العباسي ودخول عناصر غير عربية إلى المجتمع العربي، ما دعا المسلمين ذلك الوقت إلى اختصار تواجد المرأة في المنزل وقيامها بالواجبات المنزلية، ومنعها من الاختلاط بالآخرين، عكس ما كانت عليه سابقاً في صدر الإسلام كمشاركتها بالقتال أو مداواة الجرحى".
وفيما يتعلق بالسبب الاجتماعي تابع " هناك موروث اجتماعي قديم لم يتحرر منه المجتمع الشرقي بعد، ويعود إلى زمن العبودية حتى الآن، حيث كان ينظر بازدراء للشخص العامل في مجالات التخديم والتي تعتمد على الجهد اليدوي أو الجسدي لتخديم شخص آخر مقابل قيمة مادية معينة، فكيف لو كان هذا الشخص هو امرأة في مجتمع شرقي؟ ".
وأضاف خليفة إلى ذلك " العقليات الموجودة في مجتمعنا الشرقي من أساسه " وتابع إنه" هناك بعض الناس الذين يجدون في عمل المرأة الخدمي شيء من التحرر أو ينظرون إليه نظرة احترام وتقدير للجهود المبذول، في حين لا يقبل هذا العمل لأخته أو أمه مثلاً ويحصر عملها في المنزل أو يشترط عدم الاختلاط".
أما السبب الرئيسي لخوض المرأة في مجالات العمل هذه بمجتمعاتنا، قال خليفة إن " السبب الرئيسي يعود إلى الحاجة المالية، وهذا ما يدفع الفتيات إلى الخوض في مجالات لم يألفها المجتمع".
(محمد سويد_حازم عوض_سيريانيوز)
خبير اجتماعي: النظرة السلبية تعود لازدراء العمل في مجالات التخديم مقابل المال
نادلة بمقهى: أكسب قوت يومي بجهدي وهذا ما يجعلني مرتاحة بحياتي
غير آبهين بنظرة المجتمع لطبيعة عملهن في الصالات المغلقة, وخارجين عن ما "ألفه" البعض في اقتصار المرأة على الأعمال المكتبية أو البعيدة عن الاختلاط والاحتكاك المباشر مع الجنس الآخر, في بيئة شرقية لطالما رأت المكان الأنسب للمرأة في بيتها وأسرتها.
لأسباب اختلفت بين "مادية" و"عشق للعمل " في المطاعم والمقاهي, أقبلت العديد من الفتيات من دون تردد للعمل كنادلات في بعض مقاهي دمشق، ضاربات بعرض الحائط ما وضعه مجتمعهن من عادات وتقاليد وتحفظات حول ذلك.
أكسب قوت يومي بجهدي
وفي زيارة لسيريانيوز لإحدى مقاهي دمشق، الذي فضل صاحبها "الجنس اللطيف" للعمل في تقديم الطلبات لزبائنه، تحدثت لين" 24 عاماً" وهي إحدى النادلات في المقهى عن سبب اختيارها لهذه المهنة " كان سبب اختياري لعملي بالبداية هو كسر حاجز الخجل وحب التعامل مع أفراد المجتمع, فمن خلال المواجهة مع الزبائن تتكون لدي مقدرة على التواصل مع الآخرين".
وعن نظرة المجتمع والعائلة لها قالت لين "بالنسبة للمجتمع الذي حولي، فقد لاحظت أن المعارضة والنظرة السلبية تنحصر في الجيل القديم من المجتمع أما الجيل الجديد فلم أرى استغرابا واضحا بل كان هناك تشجيع في بعض الأحيان".
وأضافت" أنا على علاقة حب مع شخص، وهو يشجعني على عملي, كما أنني لا اسمح لنفسي بأخذ مصروفي منه أو من أي أحد بعائلتي, فأنا أكسب قوت يومي بجهدي، وهذا ما يجعلني مرتاحة بحياتي, لكن طبعا هذا كله سيختلف عند زواجي, لأنني سأتفرغ كليا لزوجي وأطفالي".
المضايقات حسب المقهى
وحول إمكانية التعرض لمضايقات وإزعاجات من الزبائن، أضافت لين " يتفاوت هذا الموضوع باختلاف مستوى المقهى أو المطعم، و لم أر أية إزعاجات في الكافيتيريا التي أعمل بها حاليا كون الزبائن أغلبهم من فئة المثقفين من صحفيين وأطباء ومؤلفين دراما وغيرهم, بينما في الأماكن التي يتواجد فيها المشروبات الكحولية فإمكانية التعرض للتحرشات تزداد, ولكن بالنهاية الأمر راجع للفتاة فهي من تضع الحدود وتلزم الزبون بمعاملتها معاملة تليق بها".
أما فيما يتعلق بنوعية اللباس ومدى إمكانية تأقلمها معه مهما طلب منها قالت لين" أرفض تماما اللباس المغري أو"التنانير" القصيرة في حال طلب مني ارتداءها, لأن تواجدي هنا لمجهودي الذي أقدمه، وليس لأنثويتي أو لعرض جسدي مقابل أشياء أخرى, كما أنني أتمنى أن نعتبر مثلنا مثل باقي الرجال العاملين في هذا المجال.
وطالبت لين المجتمع الشرقي" بتغيير نظرته للفتيات العاملات في المطاعم وخاصة الجيل القديم منه، لأن عملنا هو لإثبات ذاتنا وليس لشيء آخر".
الإعلام أساء للناديلات
ومن جهة دانا (صاحبة الخبرة الطويلة في العمل بالمطاعم)، كان لها رؤية مستقبلية وخطة مرسومة لمجرى عملها وتقدمه, حيث تفكر "في تطوير نفسها للوصول لأفخم الفنادق وذلك من خلال تحسين لغتها عبر دورات انكليزية تجريها".
ورفضت دانا (التي بدأت العمل في تقديم الطلبات منذ 6 سنوات وتنقلت بين عدة دول بينها الأردن ولبنان) فرص العمل المتاحة لها في محلات يتواجد بها مشروبات كحولية, "لعدم قبولها التنازل عن بعض الأمور لإرضاء الزبائن".
وقالت"العمل في أماكن المشروبات الروحية مختلف عن غيره بالنسبة لإساءات فهناك لابد من التعرض لمثل هذه المواقف, كما لا يمكن التعامل بحزم معها كون الزبون مخمور ومن الصعب التعامل معه".
وحول تناول الإعلام لهن كعاملات في مطاعم قالت دانا إن " الإعلام أساء لنا من خلال بعض المواضيع التي طرحت وكلامهم مردود عليهم, فنحن أغلبنا نملك سمعة ونملك أخلاقنا التي ندافع عنها مهما جرى, وفي نهاية المطاف العمل ليس عيباً, وهو مصدر رزق لنا مع مراعاتنا لطبيعة مجتمعنا الشرقي المنغلق نوعا ما".
سبب اختيارها المهنة ليس مادي فقط..
وعن خططها المستقبلية قالت دانا" أنا الآن بصدد تطوير نفسي في عدة مجالات منها التعامل مع الزبائن واللغة الانكليزي, لأنني أطمح أن أحصل على وظيفية في فنادق 5 نجوم, و أنا متأكدة من النجاح كوني أحب عملي ومخلصة له ".
تعدي الإناث على أعمال الذكور في مجالات الحياة، كان كلاماً مرفوضاً بالنسبة لدانا، وقالت"هناك أمور لا نستطيع نحن كإناث مجاراة الرجال بها, نظراً إلى أنها تتطلب الجهد العضلي والبنيان الجسدي القوي, لكن بشكل عام لا يوجد هناك مانع من التكاتف والتكامل بين الرجل والمرأة".
و أضافت "العلاقة بين الرجل والمرأة علاقة تكاملية, وأنا أحترم الزوج الذي سأرتبط معه وحتما سأقنعه بعملي وذلك من خلال محبتي له, بالنهاية سوف نشكل أسرة واحدة ولا بد من التعاون فيما بيننا للوصول للهدف المطروح".
وكان السبب الرئيسي لاختيار دانا هذه المهنة ليس مادياً، و قالت" السبب الرئيسي في اختياري لمهنة النادلة في المقاهي لا يتعلق بالمال, فأنا استمتع بها كثيرا بغض النظر عن المادة والراتب الذي أحصل عليه, وأشعر أنني مرتاحة نفسيا لتواجدي هنا, لأنني مؤمنة بأنني سوف أفعل شيئا مفيدا بالنهاية وذلك لأنني أؤمن بقدراتي".
نظرة الغرب للنادلة أكثر انفتاحا من الشرق
المقارنة بين معاملة الأجانب المتوافدين إلى المقهى، ومعاملة العرب من زبائن ، كانت أمراً صعباً، وأردفت دانا" بشكل عام لا أرى فارقا كبيرا بين معاملة الزبائن العرب أو الأجانب، كون المقهى مستهدف من قبل بعض الفئات المثقفة نوعاً ما ، ولا أعتقد أنها معبرة عن كافة فئات المجتمع العربي, لأن النظرة تختلف بالكامل في الخارج ونلاحظ النظرة السلبية في معظم الأوقات, وعندها نستطيع المقارنة بين عقليتهم المنغلقة وعقلية الجاليات الغربية المتواجدة في سورية وهي منفتحة جدا, لدرجة أنهم لا يشعروك بأن هناك أمراً غريباً عند تقديمي لهم الطلبات".
الذكور بين مؤيد ومعارض..
واختلفت آراء بعض الشباب فيما يتعلق بعمل المرأة في الصالات بين مؤيد ومعارض حيث أكد هاني البقاعي (28 عام_تاجر) على أن " الحرية الشخصية ليس فقط للمرأة بل لكلا الجنسين في اختيار عملهن وأن الحياة صعبة ولا تحتمل أن نضع عوائق أمام مصدر الرزق".
وأضاف"من جهتي لا أرى أي مانع من خوض الفتيات في مثل هذه الأعمال مادامت ضمن حدود الأدب وعدم الابتعاد عن السبب الرئيسي للعمل وهو كسب الرزق, فمصاعب الحياة تزداد وفرص العمل ليست سهلة".
وعن تقبل المجتمع لمشاركة المرأة الرجل في كافة الأعمال قال هاني" مجتمعنا لا يتقبل مثل هذه الأمور, كما أن المرأة برأيي لا تستطيع الخوض في كافة الأعمال خاصة التي تتطلب جهد جسدي, ففي النهاية الرجل رجل والمرأة امرأة, ولكن توجد الكثير من الأعمال التي تستوعب الجنسين بحيث يصبحان مكلين لبعضهما البعض".
من جهة أخرى، تمنى أنس عدم انتشار ظاهرة عمل الفتيات كنادلات في المطاعم "لانتقاصها من أنوثتها وقيمتها" حسب رأيه.
وأوضح أنس(خريج إعلام) سبب رفضه بقوله" مكان المرأة الأنسب هو منزلها على رأس أسرتها, فنحن جميعا اعتدنا رؤية أمهاتنا في المنزل ومخصصةً كامل وقتها لأطفالها وأسرتها, ولطالما ارتبطت كلمة أنثى بالحنان والعطف, فهذا العطف والحنان برأيي يختفي عند انشغالها بعملها وخاصة إن كان العمل هو كنادلة في مطعم أو مقهى".
وتابع" الذي نراه الآن في بعض المقاهي والمطاعم ما هو إلا تقليد أعمى للغرب وأضع المسؤولية بشكل كامل على أصحاب المطاعم الذين يستغلون الأنثى لإغراء الزبائن وعدم الخوض بالنقاش بخصوص الفاتورة, والأمر بعيد كل البعد عن حق المرأة وغيره مما يقال".
تدريب الفتيات لكسر حاجز الخجل لديهن
ولمستثمري المقاهي، كانت هناك اعتبارات معينة لاستقطاب الجنس اللطيف للعمل لديهم، والتقت سيريا نيوز مستثمر كافتريا المركز الثقافي الروسي، فهد نصر, الذي يعتمد في خدمة روّاده على الفتيات، وقال إن " رواد الكافتريا اغلبهم من العائلات والفتيات لذلك اعتمد في العمل على الجنس اللطيف، عدا عن أنهم مطيعات أكثر من الشباب في العمل وأكثر منهم حرصاً على أداء العمل بدقة ونظافة".
وأضاف " كما أن لمكان العمل دور كبير في استقطاب الفتيات العاملات ففي المناطق الشعبية التي استثمر بها الكافتريات لا أحبذ عمل الفتيات بها، لأن الشعب العربي ما زال متمسكاً بشرقيته لحد بعيد، إضافةً إلى المطاعم التي تحوي مشروبات روحية ففي هذه الحالة تصعب القدرة على توقع تصرفات الزبائن بالنسبة للفتيات".
أما دافع العمل الرئيسي للفتيات فكان من وجهة نظر نصر هو "العامل المادي"، وقال " الحاجة إلى المال وشعور الفتاة بقدرتها على الاعتماد على نفسها مادياً هو السبب الرئيسي لعمل الفتيات في المطاعم و المقاهي، وهذا لا يعني استغلال محاسن وطوعية الفتاة في العمل مقابل مردود مادي قليل".
وأردف إن " عمل الفتاة يحوي بطياته على مساوئ لصاحب العمل في البداية ، فطبيعة الخجل لديهن، وعدم القدرة على التواصل مع الزبون يتطلب منا إخضاع العاملة لفترة تدريبية أولاً، عدا عن عدم قدرة الفتاة على الالتزام بدوام طويل أو مسائي".
وحول أكثر المشاكل شيوعاً والتي تتعرض لها العاملات، قال نصر إن" المعاكسات وطلب الفتيات للجلوس مع الزبون على الطاولة أكثر ما تتعرض له الفتيات العاملات لدينا من مشاكل، حيث أننا نتعامل مع الزبون المخل بالآداب بشدة"، مضيفاً إن "طبيعة المجتمع المحيط بالفتيات العاملات وخاصة أسرهم، يسبب ترك الفتاة للعمل بعد فترة قريبة من بدئه".
خبير: الرفض يعود لموروثين ديني واجتماعي
أما عن نظرة المجتمع الشرقي بشكل عام والسوري بشكل خاص لهؤلاء الفتيات, ومدى تقييمه لهن مع بداية استقباله هذه الظاهرة ونسبة قبوله لها، قال الخبير النفسي والاجتماعي أسامة خليفة لسيريا نيوز إن" المجتمع الشرقي يقف موقف الحذر من أي شيء جديد يطرأ على عاداته وتقاليده المتوارثة، كرفضه بدايةً دخول المرأة إلى عالم الفن والتمثيل، ومن ثم تحولها إلى جزء مهم من الفن فيما بعد".
وأوضح خليفة سبب رفض المجتمع الشرقي لعمل المرأة عموما، حيث قال" تعود النظرة السلبية للمجتمع أو تحفظه على عمل المرأة في الأشغال المختلطة وخاصة التي تعتمد على جهد المرأة الجسدي، إلى موروثين ديني واجتماعي، أما الديني فيعود إلى العصر العباسي ودخول عناصر غير عربية إلى المجتمع العربي، ما دعا المسلمين ذلك الوقت إلى اختصار تواجد المرأة في المنزل وقيامها بالواجبات المنزلية، ومنعها من الاختلاط بالآخرين، عكس ما كانت عليه سابقاً في صدر الإسلام كمشاركتها بالقتال أو مداواة الجرحى".
وفيما يتعلق بالسبب الاجتماعي تابع " هناك موروث اجتماعي قديم لم يتحرر منه المجتمع الشرقي بعد، ويعود إلى زمن العبودية حتى الآن، حيث كان ينظر بازدراء للشخص العامل في مجالات التخديم والتي تعتمد على الجهد اليدوي أو الجسدي لتخديم شخص آخر مقابل قيمة مادية معينة، فكيف لو كان هذا الشخص هو امرأة في مجتمع شرقي؟ ".
وأضاف خليفة إلى ذلك " العقليات الموجودة في مجتمعنا الشرقي من أساسه " وتابع إنه" هناك بعض الناس الذين يجدون في عمل المرأة الخدمي شيء من التحرر أو ينظرون إليه نظرة احترام وتقدير للجهود المبذول، في حين لا يقبل هذا العمل لأخته أو أمه مثلاً ويحصر عملها في المنزل أو يشترط عدم الاختلاط".
أما السبب الرئيسي لخوض المرأة في مجالات العمل هذه بمجتمعاتنا، قال خليفة إن " السبب الرئيسي يعود إلى الحاجة المالية، وهذا ما يدفع الفتيات إلى الخوض في مجالات لم يألفها المجتمع".
(محمد سويد_حازم عوض_سيريانيوز)
تعليقات القراء
أكتب تعليقا
تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه. - يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع |
|
الاسم : | |
البريد الالكتروني : | |
التعليق : | |
اصلا من وجهة نظر الدين والاعراف فان الامر مرفوض ، لكن حتى من منطلق المنطق ، نسبة كبيرة من الشباب مو لاقية شغل بينما البنات لا ، اكيد صاحب العمل لما يتقدم لنفس الوظيفة رجل وامرأة فانه سيختار المرأة لاسباب تسويقية ، مما يعود سلبا على الشباب والذي من المفترض انه هو الذي يعمل لانه سيعيل الاسرة اما البنت فلا ، فلتقولوا عني رجعية ، فأنا افتخر بهذه الرجعية ، مكان المرأة بيتها ومملكتها .
وين الشرف راح حتى بناتنا يكونوا ملطشه لاصحاب النفوس المريضه .
لا دخلنا الحضاره من اوسع ابوابها اعطونا زغروته حسبي الله ونعم الوكيل على كل واحد بده بناتنا تطلع عن قيمها واخلاقها .
شوفو الدعارة باسم فنجان قهوة
والله كلامك صحيح 100% اللي بدها تعمل العيب لا بهمها وظيفة ولا بهمها حجاب
والشغل مش عيب ما دامت الاخلاق موجودة