كيف نصرع الفساد؟


التغيير الذي نطمحُ اليه منذ عقود , والفقر الذي نعاني كلَ يوم وليلة , والعدالة التي نطالب ..ستبقى أحرفاً مطبوعة على الصفحات الكترونيّة لن تقدّم شيئاً في مستقبل خيرٍ منشود بقدر ما ستؤخّر أكثر, ما دامت لم تُلحق بالعمل الجاد على الارض ولم تُحارب الفساد في عقرِ داره . مُعاناة الاردنيّ مسلسل متواصل يتكرر في كل مشهد و بدأ يأخذ طابعاً مسلمّاً به ويَسخر من فكرنا و أفقنا المطالب بالعدالة والإصلاح والتنميّة والحياة الكريمة...

لماذا مجلس النّواب ؟ يُدرك الجميع أنّ هذه السلطة هي ثِقلُ الصّراع بين الحقّ والباطل, وسرّ الفصل بين الاخيار الاوفياء وبين الأشرار المنافقين . والمحيط الذي نعيش في هذا العصر يُؤمِنُ بحريّة الشعوب حتى في ارذل مستوياته ولا ينكر حقها في التعبير عن رأيها والمطالبة بحقوقها وتقرير مصيرها - مع أنّه على الجانب السياسيّ وترٌ معروف عزفت عليه القوى العظمى لتحقق أهدافها وطموحاتها في المنطقة- ولأنَّ مجلس النّواب هو الشعرة بين انْ يكون العدل و الاصلاح والنمو والتطور أو لا يكون..ولأنَّ ممثلي الشعب هم من سيشرّعون ويراقبون ويحاسبون وهم بالنهاية من سيقرّر أي طريق سنسلك ...هذه حقيقة نعرفها جميعا حين نصارح انفسنا بكمّ المرات التي لمنا وغضبنا ومقتنا واستحقرنا مجلسٍ سبق لنفاقه وسخافته وانعدام رؤيته...انّ ايماننا بأنّ هناك مجلس يمثلنا حق التمثيل يحسم نصف المعركة ويبقى النصف الأخر مرهونٌ بصوتنا الانتخابيّ!

ولا ضير من الاعتراف بأن المهمّة صعبة لكنها على أصحاب المبادىء النبيلة والقيم الجليلة ليست مستحيلة , ففي ظل قانون تحيّز للفساد والتخلف والظلم ستكون المعركة شرسة ولكن لا مجد بلا تضحيات , وضمن نطاق لا يستهان به من النفاق الاجتماعي من البيت وحتى العشيرة سيكون التحدي أعظم وسيكون الطريق مليئا بعراقيل وحواجز وحقول الغام , وفي هذا فانّ الخطوة الاولى تبدأ اختراق الحاجز النفسيّ والاجتماعي فمتى تحرر الانسان من خجله وضعفه وتبعيّته وانتمائه الارعن للأشخاص سيكون في صف الحق , ومتى آمَن أنّ الاصلاح يبدأ من داخله لن يثنيه أحد عن الّلحاق بركب المصلحين.
أنّ الايمان بالرأي لا ينقص حق الجميع بالحوار فمع اي طرف انت على الصعيد الاقليمي والانساني والسياسي

ليس مهما في هذه المرحلة, لكن المهم العقلانية والمنطق في ترتيب الاولويات فمتى ادركناها جيدا أصبح جو النقاش للمصلحة العامة وأصبح الاجماع خالصا للوطن والشعب , ما يهم ان نكسب الوقت لصالحنا وما يهم أكثر أنْ يجتمع العقل والقلب معاّ ضد المرتزقة الذين يعبثون بقوت ابنائنا ومستقبلهم ...ففي ظل الفقر والبطالة والفساد سيكون الرأيُّ مشتتاً هشاً ضائعا لا قيمة له ولا وزن , مع أي طرف أنت؟ ستجيب عليه من خلال المجلس الكفؤ الذي سيمثلك , مجلس قادر على ان يضعنا على الطريق الصحيح وعلى اولى درجات سلم النهضة والحضارة وستكون الاغلبية للرأي الصائب لأنّ لا أحد هناك يقرر سوى العقلاء المخلصين فقط ..

وفي خضم ذلك ستظهر على الساحة أسلحة موجّهة مؤثّرة ,الاعلام التأطيري الفاسد على رأسها , ليؤطّر ما استطاع أن يؤطّر ,ولينفث سُمَّه في وجوه الضعفاء فكريا وقلبيا من خلال الخبر الكاذب الملفق والاشاعة الحقيرة ,سلاح بحجم كبير , وسيظهر على الملأ الصوت العدو والعميل من على المنابر العربية والعالمية بلحن اقتصادي تارة وأمني تارة أخرى في محاولة لاستدراك شيئا قد يسلبه امتيازاته الاستعمارية ووحشية حريته...اطراف كثيرة ستحاول كبح الجِماح في صراعنا نحو البقاء ...

لكن اذا لم تتحرك النخب الوطنية الصالحة هذه الايام من خلال مبادرة حقيقية تهيأ المناخ وتسيطر منذ البداية ستكون كلمة الفصل للفئة التي فقدت توازنها الاجتماعي واستقرارها النفسي والتي مع استحكام طبقة فاسدة طوال عقود أختلط الامر عليها فلم تعد تميّز بين حاويات الرذيلة و كنوز الفضيلة, هذه الفئةُ في الواقع هي منْ يعوّل عليها الطّرح الرسمي في تصريحه عن موازنة ايدولوجيّة وعدالة تكفل غطاءا لكافة المكونات وهذا في الأصل الهدف الذي يسعى اليه لضمانِ استمرارُ وجودِ النِصابِ الأكبرِ من ممثلين نواب فارغين فاقدين.و ستكون قراءة نتائج الانتخابات القادمة مهمّة في غاية السهولة من خلال قانون انتخابات حسم الأمر مبكراً , و بهذا الصمت والسكوت ستجري الانتخابات البرلمانية القادمة ولن يكون المجلس القادم الا استنساخ عما سبقه , وسنعود الى نفس الدائرة وفي دوامة متجددة ستغرق كل جميل نحلم به .

نريد للحكمة ان تغيب عن الطابع النشمي فعندما يسير الفكر بلا وجهة ويستفحل التعصب المجبول بالحاجة , وتحتكم الامور الى المصلحة الخاصة ,يختلف القياس فيكون وزن الشخصية بالغرام وطول القامة بالسنتيمتر , وفي ظل زاوية بين الانتماء والولاء اراها كالزاوية بين الاتجاه الجغرافي الحقيقي و المغناطيسي , وخطّان لا ينطبقان باتجاه مصلحة الوطن ,سيحتاج الفرق في الاتجاه الى تصحيح بمعادلة شعبية حرة لا ان يتم معالجته سياسياً وفقا للنظرية المستخدمة الان ...

shnaikatt@yahoo.com



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات