شكّل الدكتور نبيل شواقفة رئيس جامعة البلقاء التطبيقية حالة استثنائية حين طلب من مجلس التعليم العالي عدم التمديد له لفترة اربع سنوات قادمة ليس لأنه وجد وظيفة أعلى وأهم وليس لأنه ينوي التعاقد مع دولة خليجية راتبها هناك اضعاف راتبه هنا بل لأنه متصالح مع نفسه يرى في الوظيفة فرصة لخدمة بلده ودعم مسيرة التعليم فيه بحسب ما لديه من طاقة وقدرات وتوجهات ولم يعتبر الوظيفة فرصة للاثراء والحصول على المنافع والمكاسب .

حينما قرأت نص الكتاب الذي رفعه للتعليم العالي يطلب فيه عدم التجديد له لم اصدق ما قرأت وعدت للقراءة مرة ثانية وثالثة عندها شعرت ان في هذه الدنيا من يستحق الاحترام .

فاذا كان هناك من يعبد المنصب ويسجد له ويجد نفسه فيه و لا يستطيع الاستغناء عنه فان الدكتور الشواقفة كان شخصا مختلفا تماما فقد كان فوق المنصب لا يعبد الوظيفة ولا يتكسب من خلالها ولا يعتبر ان حياته مرتبطة بها كما هو حال الكثيرين .. الدكتور الشواقفة اوضح في مبرراته ان في هذا الوطن الكثيرين فمن اصحاب الكفاءات الذين يستحقون ان يتبوؤا المناصب العليا ولا يجوز ان تظل هذه المناصب حكرا ( محكورا ) عليه او على احد بعينه ضاربا بذلك مثلا أعلى لكل من يرى ان الوظيفة العامة هي محطة من محطات العمر تسخّر لخدمة الناس لا لخدمة من يتبؤّها..

لقد تحلى الدكتور نبيل الشواقفة بأخلاق العلماء وقرر ان يفسح المجال لرئيس آخر ليحمل الامانة من بعده واضعا نفسه وخبراته سلفا تحت تصرف الرئيس الجديد كائنا من يكون .

لقد عمل هذا الرجل لاربع سنوات رئيسا لأكبر جامعة في الاردن ولم تشبه طيلة تلك الفترة اي شائبة ولم يسجل عليه موقف يدينه بل على العكس كان الرجل محترما لعمله ولوظيفته وللمجتمع الذي يعمل فيه .. اتمنى ان نصل الى مرحلة من الفهم الراقي للوظيفة العامة بحيث ننحاز فيها للوطن ولا نعتبرها ملكا دائما وموردا للمكاسب واذا ما غادرها الموظف لأي سبب من الاسباب فانه يسعى لخرابها ووضع العقبات امام من ياتي من بعده ليكون محكوما عمله بالفشل ويظل الناس يتحدثون عن انجازاته هو فقط .

اقول للدكتور نبيل شواقفة المحترم انك فرضت احترامك على كل من عرفك وانك وان غادرت الموقع فانت لم تغادر قلوب كل المخلصين والمحبين والمنتمين للوطن .

سنظل نتحدث عن رئيس جامعة غادر موقعه بطواعية فاسحا المجال لغيره لكي يكمل المشوار الذي سبقه اليه غيره ولم يحاول ان يستجدي او يتوسط لدى اصحاب القرار لكي يبقوه رئيسا لدورة جديدة .. بصراحة نحن بحاجة الى مسؤولين من شاكلة الدكتور نبيل الذي لم ولن يفقد وهجه على عكس الكثيرين الذين انطفأت شموعهم لحظة مغادرتهم للموقع وخسروا احترامهم امام اقرب الناس اليهم.