حكومات برلمانية


بدأنا نسمع في الاونة الاخيرة اصوات تنادي بتشكيل حكومات برلمانية بعد الانتخابات التشريعية المقبلة المنوي إجراؤها مطلع العام القادم ، وغالب هؤلاء هم نواب حاليين او نواب سابقين يهيأون انفسهم لخوض الانتخابات القادمة , ويأملون باصطياد عصفورين بحجر واحد , نيابه ووزارة معاً .

هناك اكثر من تعريف للحكومات البرلمانية , احداها أنها تلك الحكومة التي تحصل على ثقة مجلس النواب على بيانها الوزاري ، او بأنها الحكومة التي تتشكل من الكتلة البرلمانية الأكبر في مجلس النواب , أو تلك التي تتشكل بعد التشاور مع أعضاء مجلس النواب ويقرون تشكيلتها . وخبراء السياسة يؤكدون ان جميع اشكال الحكومات وانواعها والوانها هي برلمانية عندما تكون قد نالت ثقة المجلس النيابي على اساس بيانها الانتخابي .

اما عندنا فمفهوم الحكومة البرلمانية هي التي يشترط ان تضم تشكيلتها الوزارية عدد لا بأس به من النواب .

والسؤال الذي يطرح نفسه لماذا الدعوة الى مثل هذه الحكومات , والتي لم تثبُت نجاعتها وجدواها التجارب السابقة , وخاصة بعد عودة الحياة البرلمانية عام 1989بعد قرار فك الارتباط مع الضفة الغربية , وكان حينها النواب يشكلون الاغلبية في العديد من الحكومات .

حتى ان جلالة الملك الحسين رحمه الله عبر عن رايه في الجمع بين النيابة والوزارة والمنع خلال مقابلة تلفزيونية عام 1996 قال فيها ( ان الجمع له عيوبه وانه من اسباب تفاقم مشاكلنا بسبب حرص النائب على التركيز على خدمة منطقته ), وهذا هو الواقع . والامر الاخر كيف يستطيع النائب ان يمارس الرقابة والتشريع وهو في الوزارة , ويعمل فيها كجهة تنفيذية , وكيف سيطرح الثقة بالحكومة الذي يعتبر احد اركانها في حال اضطر المجلس لطرح الثقة بتلك الحكومة لاي سبب ! ان عنصر التوازن في النظام البرلماني مبني على اساس التعاون لخدمة الصالح العام والرقابة والمساءلة التي يمارسها البرلمان على السلطة التنفيذية .

ومن ابرز سمات النظام البرلماني انه يقوم على اساس الفصل المرن بين السلطات مع وجود تعاون وتوازن بين السلطتين التنفيذية والتشريعية , لا الدمج بينهما .

ان الذين يستشهدون ببعض الديمقراطيات المرموقة التي ُتشكل فيها حكومات برلمانية مثل بريطانيا , اقول لهؤلاء ما وجه المقارنة بيننا وبينهم وكيف يتم مقارنتنا بهم , فبريطانيا رائدة الديمقراطية في العالم يسيطر على الحياة البرلمانية فيها حزبان رئيسان تتشكل منهما الحكومات , وفي الغالب تتشكل من حزب واحد إما العمال او المحافظين .

فعندما نصل لفكر حزبي يشكل احزاب بعيدة عن الشخصنة والقطبية المحكومة بمصالح افراد , حينها تفرز الاحزاب نواب حزبيون لهم برامج تخدم البلد ويمثلون الشارع بصدق , وليس نواب تفرزهم العشائرية والفئوية والمناطقية , عندها نقول اننا نريد حكومات برلمانية .

ان تجربة توزير النواب في ما سميت بالحكومات البرلمانية , كانت عبارة عن اقحام وزج لهؤلاء في وزارات استرضائية , لم يحققوا فيها غير مصالح ومنافع شخصية لهم ولناخبيهم , وادى بالتأكيد لتغييب دورهم الرقابي والتشريعي الذي بالاصل جاء انتخابهم على اساسه .

والسؤال ما الحكمة ان نعيد هذه التجربة مرة اخرى ؟

فلنترك السلطة التنفيذية تقوم بدورها , وليتحمل النواب المهمات الموكلة اليهم والتي كفلها لهم الدستور بالرقابة والتشريع بحيادية ونزاهة .



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات