هل كانت تعلم المنظمة بعملية ترحيل الفلاشا من السودان الى إسرائيل


حدثني أحد كبار المسؤولين ممن عملوا كسفراء سابقين للمملكة، أنه بينما كانت إسرائيل تخطط لتهجير ستة عشر ألفاً من يهود الفلاشا، من السودان الى إسرائيل، بموافقة الرئيس السوداني جعفر النميري، ونائبه عمر الطيب؛ كان شقيق الرئيس ياسر عرفات سفيراً في السودان، ومعه مجموعة من السفراء العرب كانوا يتجهزون للاستماع الى خطاب الرئيس السوداني أمام حشد من آلاف السودانيين، وكان ينوي اتخاذ عدة قرارات مصيرية وهامة.. !

الرئيس جعفر النميري وبمساعدة السفراء وبقية الضيوف قاموا بإلقاء صناديق المشروبات الروحية في نهر النيل معلناً تحريم الخمرة على الشعب، لكنه كان يعاقرها خفية داخل قصوره الرئاسية ومعه أقرب المقربين من وزراء ومستشارين…

الرئيس المؤمن جعفر النميري بعد أن سمح بتهجير يهود الفلاشا مقابل 60 مليون جنيه من الذهب الإنجليزي أودعت في حسابه بسويسرا، أخبر السفراء العرب بأنه تعرض الى ضغوطات من القادة العرب وعلى رأسهم الرئيس المؤمن (أيضاً) أنور السادات بعد أن طلب إليه مناحيم بيغن شخصياً التدخل من أجل السماح لليهود المساكين بالسفر، فتم نقلهم على دفعات، حتى أنهم كانوا يجلسون القرفصاء في الطائرات لاستيعاب أكبر عدد ممكن خلال الرحلة الواحدة.

عملية النقل تمت من خلال 35 طائرة شحن عسكرية، وأقيم جسر جوي لنقل الآلاف من الفلاشا برحلتين يومياً عبر بروكسل للتزود بالوقود، ثم إلى اسرائيل.

اليوم يبلغ عدد المجندين الفلاشا في الجيش الإسرائيلي ستة عشر ألفاً من المقاتلين الأشداء، يتوزعون على مناطق؛ الغور، وإيلات، وبئر السبع، والسجون الصحراوية لحراسة الأسرى العرب، وقد أشرف على ترحيلهم من السودان ضابط المخابرات الإسرائيلي يعقوب نمرودي الذي استطاع هو ومعه بعض السياسيين اليهود، وكبار ضباط الموساد بناء علاقات في غاية الأهمية مع السودان.

على الجانب الآخر؛ كانت منظمة التحرير الفلسطينية تسعى الى تثبيت وجودها في السودان، وكان لديها علم بتحركات النميري وضابط المخابرات يعقوب نمرودي من أجل ترحيل الفلاشا الى إسرائيل، لكن هل استطاعت تغيير المعادلة، بالرغم من وجود سفارة فلسطينية في الخرطوم، مهمتها ليس فقط تمثيل المنظمة في بلد عربي، إنما لعب أدوار لا تقل أهمية عن الأدوار التي لعبها ضباط المخابرات، واستطاعوا ترحيل ستة عشر ألف يهودي الى فلسطين خلال أيام معدودة.

السؤال المحير، ماذا كان يفعل شقيق الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات (أبو رؤوف) في الخرطوم خلال عمليات ترحيل اليهود من السودان…؟

بقي أن نقول أن النميري وفي أحد خطاباته المشهورة قال للشعب السوداني: من أطاعني فقد أطاع الله، ومن عصاني فقد عصا الله.

الرجل كان يلعب على عدة وجوه، وجه لليهود ووجوه أخرى للعرب، لكن هل من المعقول أن المنظمة لم تكن تعلم شيئاً عن هذه الوجوه التي كان يرتديها جعفر النميري.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات