السنيد يكتب: عندما تضعف الشعوب تستبد السلطة


كتب النائب علي السنيد - السلطة نظرياً هي قيد الحرية، وقد انتجها عقل الانسان لاحداث التنظيم، ونتيجة العيش في جماعات، وكي ينتقل الفرد من حالة الفوضى الى الانضواء تحت اطار اجتماعي سرعان ما ان تولدت عنه بالضرروة السلطة التي عدت شرا لا بد منه، وذلك كي يصار الى تنظيم شؤون الجماعة.

والسلطة مستبدة بالطبيعة، ولم يضبطها على مسار التاريخ الا انتفاضات الشعوب، وثوراتها التي اعادتها الى صيغتها الشعبية المقبولة.
وقد انتج لها الفكر البشري آليات وصيغ لممارستها في اطار مؤسسي وكي يتم تجنب ما يمكن ان تعانيه الشعوب جراء استبدادها، وقد تكون الدولة ككيان افضل ما اخترعه عقل الانسان وذلك من تجليات الخيال.

وعندما تضعف الشعوب وتستكين فهي تعطي الفرصة السانحة للسلطة لكي تتمدد ، وتتسع وربما انها تستبد، ومعروف ان صراع السلطة، والشعوب قديم قدم التاريخ، وكلما توسعت السلطة كان ذلك نذير اندحار وانكفاء الشعوب، وكذلك يعبر نمو وتطور حريات الشعوب عن اعادة تموضع السلطة وتقيدها في اطار مؤسسات شرعية ودستورية.

والفيصل في كل ذلك هو مستوى الوعي الشعبي، ومدى تقبل الحالة الشعبية لشكل السلطة، ومن أي جهة مستمدة حيث السلطة القديمة ما تزال تدعي انها مستمدة من جهات غيبية، وشرعيتها مبنية على مجموعة من الخرافات والاساطير والتي ليس من اقلها قداسة الفرد المطلق الذي لا تمس روحه الخطأ. والشكل الاكثر حداثة للسلطة اصبح يعبر عنه اليوم بالنظم الديموقراطية الشرعية، حيث السلطة واضحة وتصدر عن صناديق الاقتراع، واصوات المواطنيين والتي تتجلى في العمليات الانتخابية، وتقيد في حدود المؤسسات الدستورية.

وحتى مع تطور المؤسسية وتحول السلطة من الفرد المطلق المقدس الى السلطة المتولدة عن اصوات المواطنيين ، وتشكل النظم السياسية الحديثة من سلطات معينة ظلت الحريات في حالة تحسب من انقضاض السلطة عليها في حال توسعها، ونزوعها نحو الاستبداد.

ولا شك ان العملية السياسية تخص حياة ملايين الناس، وهي عملية ادارة الدولة، وتقع في صميم عمل السلطة، وهي تتعلق بادارة موارد الدولة، وعلاقاتها الخارجية، وملفاتها الامنية والاقتصادية، ومنسوب الحريات فيها، وربما انها تسفر عن مكتسبات كبيرة للجهات الممارسة لهذه السلطة التي تسعى دوما للتفلت من رقابة الشعوب، وربما انها تستولي على ما لدى الشعوب من حقوق وحريات عامة. وهو ما تطلب نضالات متواصلة لهذه لشعوب على مدار التاريخ لاعادة السلطة الى مصدرها الشعب، ووقف عملية الاستيلاء عليها ، واستخدامها ضد هذه الشعوب، وبمخالفة لارادتها الحرة ومحاولة ايجاد مصادر شرعية لهذه السلطة بعيدا عن مصدرها الحقيقي وهو الشعب.

والشعوب الحرة دفعت ملايين الضحايا من ابنائها لاستعادة حرياتها، ولازالة الاستبداد الذي تعرضت له في التجربة التاريخية من استبداد السلطة، وعمليات الاستيلاء على المؤسسات، وجعل الشعوب الطرف الاضعف في عملية الحكم، وهي تعاني القهر وترزح تحت وطأة الاستغلال، ونهب المقدرات الوطنية.

اما السلطة الحديثة فهي الاكثر استقرارا وقد خرجت من رحم الثورات الشعبية منذ عدة قرون خلت واستمرت في تطورها حتى اليوم، وقد دانت بعملية نشوئها الى الشعوب اخيراً، وتستند الى صناديق الاقتراع، وتجري في اطارها عملية سياسية متجددة، وتتيح للشعوب ان تتأطر بقوى سياسية كي تفرز الاغلبية والاقلية الشعبية في المؤسسات، ويكون البرنامج السياسي هو الطريق لخطب ود الناخب او المواطن، والذي يمتلك من خلال صوته السياسي نسبة معينة في السلطة، وتقوم هذه السلطة بمراعاة مصالح الشعوب، والعمل على تطويرها واحداث التنمية لصالح اجيالها، والحفاظ على حقوقها وحرياتها، وحماية مدخراتها ومواردها المالية.

وهي سلطة لا تستعلي على المواطن الذي يعد هو جوهر عملية الحكم، والتي تتيح لكافة الجهات ان تشارك دون اقصاء او تتهميش، وليحتكم الجميع الى قواعد العمل الديموقراطي وهذه النظم هي الاقدر على التطور والنماء، والاكثر في عطائها واصبحت تحاسب شعبيا على مستوى الرفاهية وليست على حقوق الحد الادنى.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات