تيران وصنافير حلم بن غورين لقيام "إسرائيل"


في البدء أنصح نفسي وكافة الإنسانيين الأشراف في منطقة الشرق الأوسط ، بـ الاستقراء الجيد للتاريخ ، وبخاصة الذي يمتد من تغير النظام في مصر ، وفشل واشنطن ـ إيزنهاور في احتواء النظام المصري العربي الجديد بقيادة الرئيس جمال عبد الناصر إلى اليوم ، لتعي كل هذه الطلائع الإنسانية الشابة ، ما الذي يراد من خلال تبادل الأراضي بين الدول العربية في هذه المرحلة الأخطر على الأمتين العربية والإسلامية ، سيما وأن الوعي في الخارطة التاريخية هو الذي يكشف لنا خفايا ودهاليز الخارطة الزمنية ، ولو عدنا إلى حرب 67 وإلى قرار الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر بإغلاق جزيرة تيران بوجه السفن الإسرائيلية ، سندرك أهمية الجزيرتين ، تلك التي تعتبر المنفذ الوحيد لمياه البحر الأبيض المتوسط ، والسؤال الأخطر هنا لماذا في هذا التوقيت بالذات يتم إعطاء السعودية الجزيرتين ؟!!

في الحقيقة إن التحولات الجيوسياسية في المنطقة والعالم تفرض خرائط لم تكن موجودة إلا في ذهنية المهاجر الألماني هنري كيسنجر المحرك التاريخي للبيت الأبيض ، إضافة إلى أن تسارع الأحداث لم يعد يسمح بالتخفي السياسي ، وهذا ما أضطر السعودية إلى الدخول من نافذة كامب ديفيد ، لان السعودية غير خاضعة أصلاً لاتفاقية كامب ديفيد ، ذلك الدخول الذي تم بمجرد إعطاء السعودية تلك الجزيرتين التي يقام عليها فعلياً مشاريع إسرائيلية ضخمة جداً ، ما يعني أن السعودية سياسياً انتقلت من الموافقة سراً على كامب ديفيد إلى الموافقة علناً ، وبالتالي تنظم إلى مصر والأردن والسلطة الفلسطينية ، تلك الدول التي تشكل اليوم ما يسمى غداً و في الأروقة السياسية العالمية ( دول مجلس تعاون البحر الأحمر المتوسط ) الدول التي يضاف لها كل من إسرائيل وإريتريا ، والسؤال لماذا إريتريا ؟!

ببساطة لأنها الورقة الأخطر في المستقبل الإسرائيلي القادم، كيف ؟! إريتريا تسيطر على الجهة الغربية لباب المندب ، والسعودية بالطبع حاضرة في الجهة الشرقية ، وهذا ما يفسر لنا أهمية استهداف اليمن أخر القلاع العربية في الدفاع عن باب المندب وعموم المياه العربية في البحر الأحمر ، والتي لن تصبح عربية في حال نجاح المخطط الشيطاني ، لأنه وبحسب خبراء آل صهيون توجد في المجلس إريتريا دول غير عربية وكذلك إسرائيل ، سؤال أخر أكثر براءة : ترى لماذا يستدعى ملك المغرب إلى اجتماع مجلس التعاون الخليجي ؟!! اجتماع خليجي فما علاقة ملك المياه الأطلسية ؟! لابد من وجوده يا ساده ليكتمل النصاب البحري ، خاصة وأن الاستدارة من الرجاء الصالح لا تتم إلا بموافقة المغرب ، إذاً عملياً تيران وصنافير يضاف لهما باب المندب حلم بن غورين في قيام إسرائيل الكبرى ، ولكن لهذا الحلم مخطط لا ينتهي عند تبادل الأراضي العربية التي تبدأ بالجزيرتين ، كيف ؟!

بعد إعطاء السعودية الجزيرتين ، سيفرض على السعودية أن تعطي قسماً من أراضيها لمصر ، ليفرض على مصر في المقابل إعطاء أراضي للسلطة الفلسطينية تمتد من العريش بور فؤاد إلى غزة من أجل إقامة ( وطن بديل للفلسطينيين ) ، بالتالي نحن مقبلين على تسويات كبرى في المنطقة تسويات من شأنها أن ترحل مليون فلسطيني من الضفة الغربية إلى المنطقة المتفق عليها كدولة فلسطينية ، وخلاصة العطاء المصري للسعودية يقول : إن قضية الجزيرتين بداية لما يسمى في العرف الإسرائيلي ـ المفاوضات الثنائية ـ البعيدة كل البعد عن الأمم المتحدة ، ومحكمة العدل الدولية ، والمنظمات ألأممية المسئولة عن رسم الخرائط الحدودية ، إذاً الجزيرتين هما بداية التبادل الثنائي في التسويات القادمة ، ودعونا نركز على الثنائيات ، خاصة وأن الأمر لن يتوقف عند تشييد محطات إنذار مبكر لصالح إسرائيل في الجزيرتين ، لأن هناك أراضي عربية جديدة لغايات توسعية أمنية ، هذا مع ضمانة فلسطين التاريخية لإسرائيل وإلى الأبد ...!!

وهنا أعود و أتساءل : ترى ما الذي حدث في الاجتماع الذي سربت خبره هاآرتس الإسرائيلية بين السيسي وعباس ؟! أجزم بأن الحديث كان حول موضوع الوطن البديل في أراضي سيناء المصرية ، والذي سيتم بموافقة كل من عباس وحماس ، لهذا أقول لكم جميعاً ما من دولة عربية إلا وستخضع للتمدد والتقلص ، من خلال التسويات الثنائية ( تبادل الأراضي ) من أجل السلام في منطقة الشرق الأوسط ، تلك التسويات التي ستبقى الجزيرتين مقدمة لها ...!!

للأسف إن عجز الأنظمة العربية وتبعية أكثرها ، والفساد والإثراء غير المشروع على حساب العرب والمسلمين ، قد جعلنا في حالة من التردي سمحت للقوى الصهيو ـ تكفيرية أن تفرغ أحقادها وشراستها ، إلا أنني أقول لـ هنري كيسنجر نحن كما قلت تماماً : ( شعب نائم إذا قام سيأخذ حقه الذي أخذ منه وهو نائم ) وأبشركم بقيامنا ، نعم ، لقد قمنا يا سادة بدليل ما يحدث في اليمن من مقاومة ليس لها مثيل في التاريخ الإنساني ، وبدليل ما حدث في سورية من صمود أسطوري فاق كل التوقعات والرهانات ، وكذلك بدليل ذلك التحالف الذي يضم روسيا وإيران والمقاومة الإسلامية في لبنان والعراق وكل شرفاء العالم ..!!

وإذا كان للتاريخ محطات هامة علينا أن نتوقف عندها لندرك ما يحدث مثل : أن "هنري كيسنجر" وزير الخارجية الأمريكي – في اجتماعه بالرئيس السادات بالقاهرة في 7 تشرين ثاني 1973 لبحث تنفيذ انسحاب القوات الإسرائيلية إلى خطوط 22تشرين أول نقل إلى الرئيس المصري أن أهم ما تطالب به الحكومة الإسرائيلية هو موضوع تبادل الأسرى وموضوع رفع حصار مصر على باب المندب. وكانت السيدة جولدا مائير رئيسة وزراء إسرائيل قد التقت بالوزير الأمريكي في واشنطن في أول تشرين ثاني قبل لقائها الأول بالرئيس نيكسون وأكدت له أن عليه أي دكتور كيسنجر أن يجد حلاً لقضيتي "تبادل الأسرى، ورفع الحصار عن باب المندب" إن هو أراد الحفاظ على وقف القتال وخلق جو يتيح انعقاد مؤتمر السلام.

نستذكر ذلك لبيان مدى أهمية ما يحدث اليوم ، سيما وأن الباحث في الوثائق التي تغطي فترة ما عرف بجولات كيسنجر المكوكية في الشرق الأوسط، بهدف فك اشتباك القوات المصرية والإسرائيلية في قناة السويس، والقوات السورية والإسرائيلية في مرتفعات الجولان، يمكنه العثور على الكثير وجميعه يفسّر الواقع الحالي بحذافيره، يقول كيسنجر للسادات في إحدى تلك الاجتماعات الماراثونية التي أجراها في المنطقة: “طلب الإسرائيليون فتح طريق باب المندب للسفن الإسرائيلية، وأنا قلت لهم إن هذا شرط سهل أيضا. وأيضاً السماح للسفن الإسرائيلية باستعمال قناة السويس، عندما تنظف، وتفتح للملاحة مرة أخرى” فقال السادات:” هذا موضوع سياسي وليس عسكرياً” فبادر كيسنجر :” أنا أنقل لك ما قالوا فقط. الشرط الآخر انسحاب كل القوات والمتطوعين الأجانب من مصر” فقال السادات: ” هذا اقتراح سخيف”، ولكن كيسنجر تابع الشروط الإسرائيلية: “تحديد أجهزة لمراقبة ومتابعة تنفيذ الاتفاقية. وهذا شيء مفهوم، أما الشرط السادس فأنا لا أفهمه جيدا، وهوعن عدم التدخل في رحلات الطائرات المدنية” ليتدخل سيسكو (مساعد وزير الخارجية للشرق الادنى): “يقصدون أن تسمح مصر بمرور الطائرات الإسرائيلية فوق أراضيها إلى الدول الإفريقية، ومنها”، ويتابع كيسنجر : “أعتقد أن هذا يخص مفاوضات السلام النهائية”، فيفهم السادات الرسالة: ” إنهم يريدون رفع المقاطعة عنهم، هذا موضوع سياسي وليس عسكرياً ....!!

وأخيراً يتراءى لي كمؤسس للهيئة الجليلة على المستوى العالمي ، أن من يعشق العربية والوطن العربي لا يمكن له أن يعشق بديلاً عنهما ، وهنا قد يعشق معها إلا أنه لا يقوى على الحياة إلا بالعربية والوطن العربي الباقي رغماً عن أنوفكم ، وسيبقى غايتنا والهدف ، وهو خيارنا ولا رجعة عنه ، إنه العشق والحياة قبل كل شيء ، لهذا سيبقى حلم بن غورين مجرد حلم لا أكثر ... !! خادم الإنسانية . مؤسس هيئة الدعوة الإنسانية والأمن الإنساني على المستوى العالمي



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات