وحدة المظهر والمخبر


المصلحون لهم حدس يستطيعون به رؤية المستقبل والحاضر مع التزامهم بالخلق الرفيع والعفة في القول والفعل، وهم منصفون مع أنفسهم، لأنّ شعارهم الصدق والأمانة والإستقامة، والإحساس بالواجب، والشعور الوهاج بمن حولهم، لأنهم لا يتعاملون مع واقعهم بسلبية وإنعزالية، بل يختلطون بالناس يألفون ويؤلفون، هدف المصلحين من قادة الرأي والفكر والعقيدة إرشاد الناس وتنويرهم، يبذلون جهودهم ليل نهار في سبيل راحة وسعادة الآخرين، يمدون أيديهم لإنقاذ عباد الله من المشكلات الكثيرة التي تعترض طريقهم، بالرأي الصائب وصدق المشورة، وبيان طوق النجاة الآمن، هم أصحاب القلوب الكبيرة الذين فهموا أنفسهم، ودربوها على التحمل والصبر، وهم مثل ملائكة الرحمة، ملائكة الحفظ والصيانة في مجتمعهم، يتصارعون مع قوى الشر والباطل، ويتصدون لرياح الأفكار الماكرة التي تهب على الناشئة بالحجة والمنطق البليغ، يسعون لإطفاء حرائق النفوس والقلوب، وهم مستعدون لمجابهة أي طارئ بفكرهم النير، ووجدانهم الحي، ونفوسهم الكبيرة.

عبثاً من يحاول إصلاح مجتمعه ونفسه لا تقبل النصيحة والإصلاح، لابد من وحدة المظهر والمخبر، على الإنسان أن يطهر قلبه أولاً من مظاهر الغل والحقد والحسد، إلى جانب استقامة السلوك والتصرف، والبعد عن السفاسف والترهات التي لا تليق به، عندها يستطيع أن يكون لبنة قوية في بناء مجتمعه، وقدوة خيره لمن حوله، أما من يترك نفسه وهواها، ولم يتجرد عن الأنا، ولم يفتح عالم أحاسيسه الداخلية، مثل هذا، وإن تكلم بمعسول الكلام، وإن كان في قمة البلاغة، فإنه لن يستطيع إنارة القلوب والأرواح ولو بشمعة نورها خافت.

إنّ قادة المحبة يحملون لمجتمعهم باقات الزهور الجميلة التي تفوح منها الروائح الطيبة، عليهم طابع التواضع والمهابة والجدية، دائمو التنظيم والتقويم والمراجعة لأنفسهم وأعمالهم، على شفاههم بسمة المحبة والوفاء، قلوبهم عامرة بنور الله، نظراتهم تشع بالمشاعر الإنسانية، يغمرون الناس بجميل حوارهم وكرم أخلاقهم، يرسلون مع خيوط شروق الشمس وغروبها ولمعان النجوم رسائل مودة ومحبة لأمتهم العطشى لرؤية المثل الأعلى من مصلحي وطنهم ومجتمعهم، لا يتنكرون للوطن والمواطن، ينأون بأنفسهم عن شبح الإبتزاز والاستغلال والفئوية والجهوية، رائدهم قوله تعالى" إن أريد الا الإصلاح ما استطعت وما توفيقي إلا بالله "، وما عساي أن أقول لأولئك الذين يشترون بآيات الله ثمناً قليلاً، فألف لعنة على من يتلاعب بعقيدة وتاريخ هذه الأمة، وألف لعنة على أعداء ماضي وحاضر هذه الأمة، وألف لعنة على من دمر اقتصاد وتربية وسياسة هذه الأمة، وألف لعنة على من خَرّب فكر وثقافة هذه الأمة، وألف لعنة على المتشائمين الذين يرون مستقبلنا مظلماً ويوهمون الناس بذلك.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات