الظليل تخلت عن أهلها عندما تخلوا عنها


الظليل كانت قرية بجلالها وجمالها , وإشراقه شمسها , وكثرة خضرتها وصفاء مائها . ونقاء هوائها. كانت فريدة يحلو العيش فيها. تقسمها طريق زراعية وحيدة إلى نصفين . تمتع النظر .لا يتعدى عدد بيوت الحجر فيها عدد الأصابع . وتنتشر فيها بيوت الشعر . والخيام . يبقى الماء يسيل في واديها أشهر بعد فصل الشتاء. تغذيه قيعان شرقية , يزداد سيله مع ازدياد هبه الرياح . تفوح في كل مكان رائحة القيصوم والبابونج والشيح . وتكثر فيه الطيور والحيوانات البرية .

سميت بالظليل لظل أشجارها . وكان المارين منها يستظلون ويرتاحون تحت أشجارها العالية الظليلة  
يتمسك أهلها بالكرم والعادات الطيبة التي ورثوها عن أبائهم وأجدادهم . محبين للجار ويحترمون المسن ويساعدون الضعيف. واكتسبوا من الطبيعة العديد من الصفات منها الحرية والإنسانية .

يجتمعون كل مساء في ما يسمى "بالديوان" يتداولون فيه أمور حياتهم ومشاكلهم ويسمعون ما استجد من أخبار. كانوا مطمئنين قنوعين . يقضون يومهم بأمان وسكون . كانوا يعرفون أسماء جميع سكان المنطقة. اليوم تعددت عليهم الأسماء والجنسيات . ويصعب على الكثير منهم نطق بعض الأسماء الغريبة مثل الصينية والهندية وغيرها....

وجاءها المستثمر. وأصبحت مدينة صناعية . يعمل أهلها بالسخرة عند المستثمر الأجنبي. واستبدلوا الحرية بجدران تحجب عنهم رؤية السماء والنجوم والشمس . وتلوث مائهم وهوائهم . وازدادت الضوضاء والفوضى . والقلق. كانوا نادرا ما يركبون سيارة . أصحت من أهم مشاكلهم اليوم كثرة السيارات وحوادثها.

تعدد سكانها من اسقاع الأرض . وتعددت الديانات . واللغات . والألوان . وأصبح أهلها كالغرباء وهم يعيشون فيها . وانحرفت ألسنتهم وأختلط نسبهم .وتعددت لغاتهم . ودخلت عليهم مفاهيم غريبة وعادات جديدة . أصبحوا لا ينعمون بالأمان والاطمئنان الذي كان ينعم به آبائهم وأجدادهم . وبدلوا المادة مكان الروحانية . وذابت العديد من مبادئهم وعاداتهم أو نسوها.

لا يعلمون ما سيحدث لهم ولقريتهم الظليل بعد أن جاءهم المستثمر بحجة القضاء على البطالة وتحسين ظروف معيشتهم .



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات