أردوغان في مواجهة جديدة مع الإسرائيليين


ما بين مسلسل "وادي الذئاب" المتهم بمعاداة السامية ، ومن بعدها تصريحات أردوغان الناقدة للدولة العبرية وبين الرد الإسرائيلي المتغطرس ، تدخل العلاقات التركية الإسرائيلية مرحلة جديدة من التوتر.

بعد جدل المسلسل جاءت تصريحات أردوغان على هامش لقائه مع رئيس الوزراء اللبناني ، والتي وُصفت تصعيدا من طرفه ضد الإسرائيليين ، وهي كذلك في واقع الحال ، إذ طالب بـ"ضرورة ممارسة الضغط على "إسرائيل" لأنها تستمر في انتهاكاتها الجوية والبحرية". ووصل به الحال حد الدعوة إلى إصلاح في هيكلية الأمم المتحدة بسبب عدم تطبيق الدولة العبرية "لأكثر من مئة قرار"صادر عن مجلس الأمن". موضحا أن "القرارات التي لم تطبقها قد تجاوزت مئة قرار ، الأمر الذي يدعو إلى ضرورة القيام بإصلاحات في الأمم المتحدة ، لانه لا معنى لتلك القرارات ولا قيمة لها إذا كانت تتخذ ولا مجال لتطبيقها" ، معلنا أن تركيا لن تصمت إزاء ذلك.

الرد الإسرائيلي لم يتأخر بدوره ، فهنا ثمة دولة لا تبتلع الإهانة بسهولة ، فكيف حين يكون وزير خارجيتها رجل يسوق نفسه على أنه الأكثر تشددا في الدفاع عن سمعة دولته وكبريائها (أعني المتطرف ليبرمان) ، وتمثل الرد في لقاء مهين للسفير التركي في تل أبيب أجراه نائبه ليبرمان ، تلاه اعتذار عابر.

يأتي ذلك كله بعد مرحلة من الود تلت مرحلة من التوتر إثر الحرب على قطاع غزة ، حيث عادت المياه إلى مجاريها بين الطرفين ، وتجلى ذلك في زيارة استثنائية لوزير الصناعة بنيامين بن إليعزير تم التعامل معه خلالها كزعيم دولة وليس مجرد وزير عادي ، واستغلت في إبرام صفقات بدا معها أن الأمور عادت أفضل من السابق ، وهو ما عكسته الصحافة الإسرائيلية بشكل لافت خلال الأسابيع الأخيرة. ثم جاءت الترتيبات المتعلقة بزيارة وزير الحرب الإسرائيلي باراك المقررة يوم الأحد 17( ـ 1) لتؤكد التطور الإيجابي في العلاقات (الزيارة لم تعد مؤكدة بالطبع).

من الصعب الجزم بمآل الأزمة الجديدة ، أعني من الناحية السياسية ، لأن العلاقات التجارية بين الطرفين لم تتأثر عمليا بالأزمات السابقة ، ولا يتوقع أن تتأثر بالأزمة الجديدة ، لكن الواضح أن التشدد الإسرائيلي في رفض الوساطة التركية مع سوريا له علاقة بالتوتر الجديد ، فضلا عن مجاملة أردوغان للشارع التركي الذي يشعر بعبء الغطرسة الإسرائيلية ، الأمر الذي تبدى مرارا وتكرارا في الموقف من الفلسطينيين وحصار قطاع غزة على وجه التحديد. وقد كان ملحوظا حجم المشاركة التركية في قافلة شريان الحياة 3 ، لا سيما من طرف نواب الحزب الحاكم ، ومتابعة أردوغان شخصيا ووزير خارجيته لحركة القافلة منذ مرورها بتركيا والاحتفال اللافت بها ، وحتى دخولها القطاع.

في هذا السياق يشير الرد التركي الهادىء نسبيا على السلوك الإسرائيلي حيال السفير التركي في تل أبيب (أقله إلى الآن) ، يشير إلى أن أردوغان ، وإن مضى في لغة تصعيد عينها على الشارع التركي الذي يعشق (بشتى أطيافه) هذا اللون من السلوك القوي لمسؤولي بلده ، يبقى من الصعب عليه تجاهل تعقيدات العلاقة مع دولة هي الأكثر دلالا بين دول العالم ، في ذات الوقت الذي تعدّ فيه مفتاح العلاقة ، ليس مع واشنطن فحسب ، وإنما مع أهم دول أوروبا ، تحديدا ألمانيا وفرنسا ، ومن ثم بريطانيا ، والتي ستكون لها كلمة الفصل في قرار ضم تركيا للاتحاد الأوروبي.

من هنا تبدو حسابات أردوغان معقدة إلى حد كبير (بخاصة في ظل التخاذل العربي) ، ولن تلبث أن تدفعه إلى تهدئة الموقف ، تماما كما فعل في المرة السابقة ، لكن عناصر التهدئة في الموقف عادة ما تكون أقل صخبا من عناوين التصعيد ، في حين لا ترى تل أبيب أن الفرصة مواتية لخسارة حليف مهم في المنطقة ، في وقت تركز نظرها على مواجهة المشروع النووي الإيراني ، مع تسويق بضاعة نتنياهو السياسية التي لا خلاف على أنها صعبة التسويق إلى حد كبير.

بالنسبة للمواطن العربي والمسلم يبدو أردوغان بخطابه القوي حيال الدولة العبرية زعيما كاريزماتيا ، فيما تمنحه خلفيته الإسلامية مزيدا من الشعبية ، حتى لو أكد كل يوم أنه زعيم علماني يحرص على مصالح بلده وحضوره ودوره لا أكثر ، في وقت يبيع عرب آخرون مصالح بلدانهم وشعوبهم من أجل مصالحهم.

الدستور


التاريخ : 14-01-2010
 


 



تعليقات القراء

ابو زيد

شو يا زعاترة بدك تروح على المحكمة يغاريت القاضي يغرمك 20 او 30 الف علشان
كل اللي اعطتك اياهم ايران وقطر يخلصوا وترجع شحاد مثل اول

ابو زيد
17-01-2010 07:58 PM
احمد
يا استاذ زعاترة انا مستغرب منك ومن مقالك ففي طيات المقال يبدو جليا أنك معجب بالرجل وحزبه وهو في الحقيقة يشرف كل رجل حر ، المفارقة هنا أنك أنت نفسك في برنامج الإتجاه المعاكس الذي عرض قبل فترة تزيد على العام وفي وضع هزيل لك هاجمت أردوغان وحزبه واعتبرتهم حزبا دخيلا على الحركة الإسلامية وأنه يستغل الدين للوصول الى مآربه وسؤالي هو هل حققت أنت ومن تمثل من الحركات الإسلامية الحقيقية عشر ما حقق أردوغان وحزبه ؟ الجواب طبعا ظاهر للعيان ولا يحتاج الى إجابتك .
أنا أعلم تمام العلم أنك تتمنى لهذا الرجل أن يسقط حتى تتشفى به وتقول حينها هذا الذي قلناه من قبل ولكن الحقيقة تبقى واضحة وضوح الشمس التي لا تحجب .
18-01-2010 06:56 AM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات