مشهد إعلامي جديد خطير


في تفسيرها القاطع لما تعنيه فقرة في قانون المطبوعات عن "وسيلة النشر" ، تكون محكمة التمييز الموقّرة قد أعطت دائرة المطبوعات والنشر صلاحيات تشمل كلّ ما يتعلّق بالعمل الاتّصالي ، وليس مجرّد الاعلامي ، ورؤية شاملة لقانون المطبوعات يعني أنّ علينا الغاء قوانين وتعديل أخرى ، واجراء مسح شامل في الأردن لاخضاع كلّ من ينشر "المعاني أو الكلمات أو الأفكار بأيّ طريقة من الطرق" لهذا القانون: وفي تقديرنا فانّ الأمر يعني التالي:

- أنّ الجيل الجديد من الهواتف النقالة التي تُستخدم لنقل الرسائل المكتوبة والمسموعة والمرئية ، ومعروف أنّه يتمّ استخدامها بشكل واسع ، لا بدّ وأن تخضع لقانون المطبوعات حسب التفسير وتكون مرخّصة.

- أنّ المدونات الالكترونية الشخصية على الشبكة العنكبوتية ينبغي أن تُرخّص قبل البدء بالعمل بها ، وهي تُعدّ بعشرات الآلاف.

- أنّ على التلفزيونات والاذاعات بما فيها التلفزيون والاذاعة الأردنية أن تعمل ضمن سيادة قانون المطبوعات وهذا يتطلّب اعادة صياغة البيئة القانونية بالغاء قانون المرئي والمسموع والغاء دائرة المرئي والمسموع أو الحاقها بدائرة المطبوعات.

- لا بدّ من النظر الى قانون المطبوعات بناء على التفسير بصورة شاملة ، بمعنى أنّه لا بدّ أن يكون لكلّ وسائل النشر المذكورة وهي تُعدّ بالملايين رئيس تحرير مسؤول ، وأن يكون عضواً في نقابة الصحافيين الأردنيين ويحمل الخبرة اللازمة ، الاّ اذا كانت وسيلة نشره متخصصة فينبغي أن يكون رئيس التحرير متخصصاً.

- بناء على هذه الصلاحيات اللامحدودة لا بدّ أن يكون لدى دائرة المطبوعات جهاز بشري قد يتعدى عدده الآلاف من الموظفين ، وأن يمتلك الأجهزة المتطورة اللازمة التي تعترض عمل الوسائل لتكشف عملها ، ومدى قانونيته ، وتحويل المخالف الى المحاكم.

- هذا الجهاز المتطور ، الذي لا تملك مثله حتى أجهزة فائقة في الدول الغربية ، لا بدّ أيضاً أن يملك القدرة على حجب الوسائل الخارجية التي تُخالف مواد في قانون المطبوعات الأردني ، تماماً كما يتمّ منع صحيفة أو مجلة من دخول الأردن في المناطق الحدودية عند مخالفتها قانوننا.

- لا بدّ لكلّ الوسائل المذكورة أن تُعيد تصويب وضعها بحكم القانون ، وأن تتقدّم بالترخيص أولاً كشركة في وزارة الصناعة والتجارة ، ثمّ طلب آخر لدائرة المطبوعات للترخيص ، ليتمّ رفعه لمجلس الوزراء فيردّ بالقبول أو الرفض ، وينشر القرار بالجريدة الرسمية.

هذه بعض الأفكار التي يعنيها قرار محكمة التمييز ، وفي قناعتنا أنّ المحكمة نظرت الى المواد القانونية ، وقدّمت رأيها القاطع بناء على هذه المواد ، وهو رأي سديد بالضرورة ، واذا كانت هناك من مشكلة ضخمة ستأتي فهي في هذه المواد المطّاطة في قوانيننا ، ولن ننسى أنّ المادة المعنية في القانون "كلّ من ينشر "المعاني أو الكلمات أو الأفكار بأيّ طريقة من الطرق" قد وُضعت أصلاً في القانون في العام 1999 ، لغاية سياسية معيّنة مع بدء ظهور المواقع الالكترونية ولكنّها لم تُستخدم ، وها هي تضعنا أمام الجدار ، في تطوّر اعلامي لو طُبّق فعلاً لكنّا أمام مشهد لم يسبق لنا أن رأينا مثله.

الدستور


التاريخ : 14-01-2010
 


 



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات