العصا الغليظة


كانت زوجة الراعي تلقاه حاملة طعامه وشرابه بيد والعصا بيد وتعض على طرف ثوبها ، كانت تحتفي بعودته من العمل وتقيم له حفلا ثنائيا مهيبا كل يوم ، كانت هيفاء غيداء رشيقة أنيقة ، تلقاه مبتسمة ، وتكشف له عن ثغر دقيق رقيق عطر وهي تحمل طعامه وشرابه بيد والعصا بيد وتعض على طرف ثوبها . يأكل طعامه ويشرب شرابه وتتوسل اليه أن يضربها بالعصا ان كان منفعلا ليفرغ شحنة الغضب الذي كان تسببه ظروف العمل ومعاركة الغزاة وهم يجوبون الفيافي والبوادي ،ويغيرون على الناس والرعاة ويسرقون كل شيء ،غير انه لم يفعل ولم يضربها في يوم من الأيام وان اشتد به الغضب ، وكانا سعيدين هانئين على هذا الحال.

كانت تتوافر فيه كل الصفات الحسنة ولم تكن تنقصه إلا الوسامة . كان وجهه في الحقيقة كوجه حمار، ولا يسر الناظرين وقد تضاعف حجم أعضائه ،وقد قيل انه رفع بغلا محملا ذات يوم بيد واحدة. يضاف هذا الى انه مكتمل الرجولة ذائع الصيت وحاز معايير الشهامة والمروءة وأوتي بسطة في الجسم ورجاحة العقل ، وكان - والحق يقال- غليظ العصا دفّاقا شديد الاقتحام ويضرب في العمق .
وكان الى ذلك فارسا عملاقا له صولات وجولات ، وكان اذا امتطى فرسه يترك في أنحاء جسدها الكثير من المتعة ويغرقها بالنشوة والانتعاش ، وكانت الزوجة تحب هذا النوع من الرجال وقد شغفها حبا رغم انه كان دميما بشعا قبيح الوجه ، وكانت سعه فمه تساوي اربعة او خمسة امثال سعة فمها ، وكانت هي - والحق يقال - تشعر بالكثير من المتعة وتغرق بالنشوة والانتعاش عندما تستقبله وهي تحمل طعامه وشرابه بيد والعصا بيد وتعض على طرف ثوبها ، الا انه رغم كل هذه المواصفات المخبأة والمكشوفة وبعد مرور خمسة سنوات على الزواج لم يخرج من بين صلبه وترائبه ما يفيد الحمل او ينفع للإنجاب .

كان هذا يغيض الرجال ويتمنون لو كانت كل زوجاتهم مثلها ، يحملن طعامهم وشرابهم بيد والعصا بيد ويعضضن على أطراف أثوابهن ,شعرت نساء الحي بالغيرة والخطر وذهبن إليها وقلن بصوت واحد :- ما بالك تحتفين بهذا الراعي كل هذا الاحتفاء!؟ لقد أفسدت حياتنا ، تحملين طعامه وشرابه بيد والعصا بيد وتعضين على طرف ثوبك ،نحن زوجات سادة الحي ،لا نحمل طعامهم وشرابهم بيد ولا العصا بيد ولا نعض على أطراف أثوابنا . أن أزواجنا هم الذين يخدموننا.

كان التفريق بين المرء وزوجه من يوميات نساء ذلك الحي وكانت العصا الغليظة أهم أدوات ذلك العصر وتفعل فعلها وتحكم العلاقة بين الرجال بالنساء .

بقي شيئا واحدا تجدر الإشارة إليه وليس من العدالة إغفاله او إخفاؤه ،وهو ان كثيرا من النسوة كن يحسدنها وتقول كل واحدة منهن في نفسها ليته كان زوجا لي ، وتتمنى لو كانت زوجة لذلك القبيح تحمل طعامة وشرابه بيد والعصا بيد وتعض على طرف ثوبها لتشعر بالكثير من المتعة وتغرق مثل زوجته كل يوم بالنشوة والانتعاش.

كان في الأمر غموض خجول، وكنّ يسألنها لمعرفة المجهول وكشف السر، أسئلة كانت جريئة أحيانا

ووقحة أحيانا أخرى ، وكانت تستحي ان تجيب والتزمت جانب الصمت .
في المساء عاد الراعي الى البيت ، لم تكن زوجته تحمل الطعام بيد والعصا بيد ولا تعض على طرف ثوبها ، ولم ترد عليه تحية المساء، لم تلتفت إليه ولم تعره أدنى اهتمام، وقال مستغربا :- ما بالك يا عزيزتي اليوم ، لا تحملين طعامي وشرابي بيد والعصا بيد وتعضين على طرف ثوبك ؟ . . أشاحت وجهها ولم ترد.. تابع وقال :- من أتى إلى بيتنا اليوم ؟ استدارت وابتعدت وبالكاد قالت :- نساء الحي . قال :- هذا ما توقعته .عليهن لعنة الله.

توقفت والتفتت إليه ثم قالت :- لن احمل بعد اليوم طعامك وشرابك بيد ولا العصا بيد ولن أعض على الثوب ، أفهمت يا هذا رجل !؟ .

وهكذا لم تعد الحسناء تسره إذا نظر وتطيعه إذا أمر، ابتعدت وابتعدت عنه كثيرا، ثم أعادتها - والحق يقال - عصاه الغليظة سيرتها الأولى لتستأنف حمل طعامه وشرابه بيد والعصا بيد وتعض على ثوبها .



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات