من مفاخر جيشنا العربي ، قصة


في جلسة صباحية تتعفر باريج الفخار والزهو بماض مجيد لمجموعة خيرة من ابناء الوطن، يتذاكرون فيها قصصا من دفاتر خدمتهم العسكرية كمكلفين انخرطوا في صفوف الجيش كضريبة وطنية ، يقتطع الشاب عامين من عمره عربونا حلالا من رحيق العمر ونزوات الصبابة والمراهقة، يقدم اجمل لحظات العمر هدية لا اغلى ولا اثمن منها على الاطلاق للثكنات والثغور والحدود مدافعا مرابطا مع عموم منتسبي الجيش.
اخذ الكل يقص علينا ما علق في قلبه وعقله من مواقف تشرف الانسانية قاطبة، فما عساها ان تكون لوطن بحجم قبضة الدحنون والنوار؟ لله درك يا ابا يوسف يوم كنت في ثمانينيات القرن المنصرم القائد الفذ الاسبق لموسيقات القوات المسلحة! لله درك يا جمال بيك الزريقات وانت اليوم ترويدة من تراويد الزمن الجميل على لسان الرجل الخمسيني (اليوم) العشريني العمر والهوى قبل ٣٥ سنة ونيف الطبيب والنطاسي الجهبذ مالك جبر ، طبيب مدارس المجموعة الوطنية ( الحكمة )، واذ كنا بشغف الصغار لحكايا الجدود والجدات نستمع للطبيب مالك جبر فقد اثلج صدورنا واشرأبت منا الاعناق فخارا على موقف من جملة مئات المواقف التي صدرت عن الضابط المرحوم جمال زريقات، القصة تقول:
ذات صباح عسكري ، تفاجأ الطبيب المكلف مالك بدخول قائده عليه داخل العيادة، حياه ورحب به تحية عسكرية واخرى ابوية ، ساله مما تشكو يا سيدي؟
ابو يوسف : دكتور انا لا اريد معالجة، ولكني جئت لادعوك على الفطور معي ومع الضباط في نادي الطعام الخاص بالضباط ( الميس).
الطبيب اعتراه الحرج والخجل ، قال له :اشكرك سيدي، انا في العادة لا افطر مبكرا.
ابو يوسف:لا، ابدا، لا يمكن قبول اعتذارك، عليك ان ترافقني لتناول الطعام معي.
الطبيب المكلف: يتمتم بينه وبين ذاته ( اتراه اليوم يريد ان يهزأ بي ويجعلني اضحوكة يتسلى بها مع بقية الضباط)، استنفر الطبيب المكلف يغالبه التردد بين الارتياح للدعوة او الغضب وردة الفعل مهما كلفه ذلك.لكنه صدع اخيرا لتعليمات الجندية، رافق قائده الى نادي الضباط، دخل واذ بطاولة الطعام تعج بكل صنوف الطعام الذي يقدمه في العادة النبلاء في وجبة الافطار.
يتابع الطبيب سرد القصة: يقول: جلست بخجل وارتباك لانني مكلف لا ينبغي له الجلوس بين مجموعة الضباط وهو عرف متعارف عليه في جيوش العالم باسره، تناولنا الافطار ثم حضر اثنان من مرتب الموسيقات، الاول يحمل اوكورديون بينما الثاني يحمل جيتارا، بعد دقائق احضر الجرسون قالبا من الجاتو، وطلب القائد منا جميعا التحلق حول الطاولة التي وضع عليها الجاتو، بدأ الزملاء بالعزف ، عزفوا لحنا لمقطوعة ( هابي بيرثدي تو يو.......)، وما ان انهو ( هاب بيرثدي تو مالك) حتى ايقنت انني في غمرة احتفال خصص لي بمناسبة عيد ميلادي.كان الموقف اكبر من ان افهمه او اهضمه للوهلة الاولى، ايعقل ان مكلفا بلا رتبة في سلم الرتب العسكرية يحظى بهذا الاهتمام والحفاوة من قائده الاعلى؟
يتابع الدكتور قائلا: كان هذا السلوك الطيب من هذ القائد الفذ طبعه اليومي مع الجميع بلا استثناء.
حتى اليوم يتابع محدثنا وبعد ٣٥ عاما ونيف مدحه وترحمه على روح ابي يوسف الزريقات ( جمال بيك)، موقف من جملة مواقف لا تنسى ابدا، هذا هو الجيش العربي الاردني ، هؤلاء هم الغالبية الغالبة من ضباطه وقادته دائما، لا فرقة ولا تمييز، لا فئوية ولا جهوية، لا طائفية ولا عرقية، لا مقرب ولا بعيد، لا جبروت ولا تسلط او كبر، انهم مفتاح السر لوحدة الصف ومنعة هذا الجيش، انهم الصحابة والبررة في زمن الردة وتهافت القيم ، هنيئا للوطن بجيش هذاا طبع وسجايا منتسبيه، والف رحمة على روحك الطاهرة وارواح من رحلوا من امثالك يا ابا يوسف، ومتع بالصحة يا رب من لا زال منهم بيننا يملؤوننا فخارا واعتزازا بما صنعوا، واذ لا يعدم المعروف بين الناس الا الجحود والنكران فشكرا لك دكتور مالك ايما شكر على حفظك للجميل ونشرك الفضيلة لتكون عبرة لنا وآية.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات