الدكتور يعقوب زيادين .. في ذكراه الاولى


فقد الاردن في مثل هذا اليوم من العام الماضي ، شخصية وطنية عزّ نظيرها ، عرفت على مستوى الوطن العربي والعالم ، ذاك هو الدكتور يعقوب زيادين ، المناضل الشيوعي العنيد ، الذي عرفته الساحة الاردنية على مدار عشرات السنين ، مناضلا امميا صلبا ، لا تلين له قناة ، قابضا على جمر المباديء ، رغم اشتداد لظى نيران الانتكاسات ، خاصة بعد عام 1989 ، العام المأساوي للحركة الشيوعية العالمية ، والذي راهن الكثيرون بعده ، على اختفاء الحركة الشيوعية .

لكن المناضل زيادين ، وامثاله من المناضلين الاشداء على الساحة الدولية ، جعلوا من هذه الكبوة ، انطلاقة نهوض جديدة ، فكانت الانتصارات التي حققتها الشيوعية ، عبر صناديق الاقتراع ، وبالاخص في دول امريكا اللاتينية ، أملا جديد بمسار نضالي جديد ، وما زالت المسيرة تنظلق قدما للامام ، اكثر ثباتا ، على تحقيق اهدافها النبيلة ، في نصرة الكادحين حول العالم .

ان قصة حياة الدكتور يعقوب زيادين ، هي بحد ذاتها نضال مرير ، ضد الفقر والتخلف ، حتى قبل ان يعتنق الشيوعية ، ابن السماكية ، القرية النائية الفقيرة في اطراف محافظة الكرك ، انطلق في اوائل القرن الماضي ، الى دمشق وبيروت ، طلبا للعلم ، رغم الفقر والظروف الاقتصادية البائسة لاهله ، وفي زمن عاش فيه اهل قريته القحط وضيق ذات اليد ، فكان طبيبا في زمن انعدمت في المدارس ، في ارجاء واسعة من الاردن ، وكانت شهادة الطب له في ذلك الزمان ، انتصارا للارادة والعزيمة والاصرار ، قبل ان تكون انجازا علميا ، لا يقوى على مثل هذا الانجاز ، الا اصحاب الارادة الفولاذية ، المفعمة بالتحدي والاصرار .

ما كان يلفت النظر ، في شخصية الدكتور يعقوب زيادين ، هو ذلك التفاؤل والأمل ، الذي كان يبدو دائما على وجهه ، من خلال تلك الملامح التي تبعث على الارتياح ، والابتسامة الدائمة على محياه ، انها ملامح وابتسامة من يعرف طريقه جيدا ، ويثق بحتمية الوصول الى نهايتها المبتغاة .

لم اطلع على اي افكار تطويرية لادبيات الحزب ، سعى من خلالها الدكتور زيادين ، الى الغاء بعض المفاهيم السلبية ، التي علقت في اذهان عامة الناس ، ولم اقرأ له سوى كتاب "البدايات" ، ولم اقرأ الكتاب الاخر " ليست النهايات" بعد ان فقدته ، والتي وزعت علينا عند حضور حفل تأبينه الاربعين ، لكنني اعرف ، انه بممارساته العملية ، ساهم في تبدل مثل هذه الافكار في اذهان الناس ، خاصة ما يتعلق منها بالدين ، فكان يواظب على الدخول للكنيسة ، في كل المناسبات الاجتماعية ، وبالاخص في الجنازات التي كان يحضرها ، وفي الافراح ايضا ، وهذه الممارسة بحد ذاتها ، كان لها الدور الايجابي ، في التاكيد على احترام الحزب للعقائد الدينية ، وعلى دورها الايجابي ، في تعميق المفاهيم الانسانية ، اضافة الى ذلك ، كانت علاقاته الطيبة مع اقطاب بعض الاحزاب الدينية ، كحزب جبهة العمل الاسلامي ، ومشاركته في انشطة سياسية مشتركة معها .

اما علاقته مع الدولة الاردنية ، التي عانت من السلبية كثيرا في الماضي ، فقد اصبحت ودية بعد الديقراطية عام 1989 ، وسعى الدكتور زيادين ، مع كل القوى الخيرة ، لتعزيز مسيرة الاصلاح والنهوض الاقتصادي بكل ايجابية ، وهنا نذكر مشاركته في اول انتخابات نيابية بعد الديمقراطية ، التي كانت تاكيدا ، على ان تلك المرحلة ، هي انجاز وطني كبير بكل المقاييس .

نستذكر الدكتور يعقوب زيادين ، ونترحم عليه ، بعد عام من رحيله ، كرجل مباديء ، لم يحد عن مبادئه طيلة 94 عاما من حياته ، ناضل بكل الوسائل السلمية ، من اجل السلم الاجتماعي ، والعدالة الاجتماعية ، وانتفاء الظلم والفقر والجهل والمرض ، ومن اجل فقراء الوطن وكادحيه ، الذي ولد بينهم ، وعاش معاناتهم في شبابه ، والتصق بقضاياهم ، وهو الطبيب الاخصائي ، القادر على الانسلاخ عن طبقتهم ، كما فعل الكثيرون .



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات