فوضى سوق العمل الأردني .. "


يبدو واضحآ لجميع المتابعين لمسار وخطوط عمل سوق العمل الأردني ، أن سوق العمل بالأردن وصل الى مرحلة يمكن أن توصف بمرحلة "الفوضى" ،ولأسباب عديدة ولابعاد وخلفيات عديدة ، فأزمة سوق العمل بالأردن، أنعكست بشكل دراماتيكي على فئة مؤثرة من فئات المجتمع الأردني ، الا وهي فئة الشباب ، فهناك اليوم وللأسف مئات الالاف من الشباب الاردني الباحث عن عمل يتماهى مع طبيعة دراسته سواء اكانت مهنية أو اكاديمية ، وهذا حق مشروع لهؤلاء الشباب ، ويضاف لهؤلاء الشباب الباحثين عن عمل أيضآ عشرات الالاف من الشباب الذين يعملون باجور زهيده جدآ ، وبعضها لايتجاوز الحد الادنى للاجور المعتمد في الأردن.

فوضى هذا السوق بدأت تاخذ بالفترة الاخيرة عدة منحنيات ،واصبح واضحآ للجميع أن الكثير من شركات القطاع الخاص ، أصبحت "تستعبد "موظفيها وبأجور زهيدة، بل بعضها أصبح يشغل عاملين اردنيين بدون مقابل ، بحجة تدريبهم لمعرفة الكفاءة التي يملكونها ، ومن ثم يقومون بالضغط عليهم بالعمل وبشكل مأساوي جدآ ولا اخلاقي لاجبارهم على ترك العمل ، وهذه المشاهد تتكرر بشكل يومي ومعظم الباحثين عن عمل يعرفون تفاصيلها ، ناهينا عن حالات الاستغلال الجنسي لبعض العاملات ،أو الباحثات عن عمل ببعض شركات صغيرة تعمل بسوق العمل الأردني.

ومن تأثيرات هذه الفوضى بسوق العمل الأردني ايضآ أن بعض شركات القطاع الخاص والمنظمات الاهلية أصبحت بالفترة الاخيرة، تغامر وتقامر بمصير العاملين لديها والمهم لديها هو تحصيل اكبر قدر من الارباح بغض النظر عن المخاطر التي تواجه العاملين فيها، بظل غياب كامل للرقابة الحكومية على عمل هذه الشركات، أو المنظمات الاهلية ، مما يزيد من حالة التسلط التي يفرضها بعض مالكي او مدراء هذه الشركات والمنظمات على العاملين في هذه الشركات .

ومن افرازات هذه الفوضى أيضآ بسوق العمل الأردني ، هو ظهور شركات وهمية، أو شركات تسويق تستغل بعض المواطنيين الأردنيين أو بعض الباحثين عن عمل ، بمحاولة للربح السريع ، مستغلين حاجة بعض المواطنيين وبعض الباحثين عن عمل ، للوصول إلى غاياتها القذرة ، ومثل هذه الحوادث أصبحت ظواهر مثبته ، ومعظم المتابعين لفوضى سوق العمل بالفترة الاخيرة ، يلاحظون نمو ظواهر شركات التسويق وشركات القروض الوهمية وو.. ألخ ، مما يؤكد على أن قطاع المراقبة الحكومي غائب بشكل كامل عن متابعة عمل هذه الشركات ، ويثبت أن منظومة التشريع والردع ، لم تعد تجدي نفعآ مع هؤلاء ،والسبب هو غياب دور رقابي فاعل للحكومة بهذا الاطار.

ومن افرازات فوضى سوق العمل بالأردن ايضآ ، هو أستغلال حاجة بعض الباحثات عن عمل وخصوصآ الفتيات الغير متزوجات ، لاجبارهن على ممارسة اعمال لا اخلاقية ، والبعض من الشابات الاردنيات ، يعرفن ويدركن أو مررن بظروف مشابهة لشركات تحاول أستغلالهن ، باعمال لا اخلاقية وغير مشروعة ، وهناك قصص كثيرة وقضايا كبرى راح ضحيتها مستقبل الكثير من الفتيات اللواتي أجبرن نتيجة الحاجة للعمل بمثل هذه الاعمال الا اخلاقية وغير المشروعة واللواتي أصبحن ضحية لغياب مبادئ وتشريعات حكومية تضبط مسار سوق العمل وفق منظور اخلاقي يضبط علاقة العامل بمرؤوسيه بعيدآ عن سياسة الاستعباد والاستغلال.

بالاضافة إلى كل افرازات الجوانب السيئة لفوضى سوق العمل الأردني ،برزت بظل هذه الفوضى ظاهرة " الاجور الزهيدة مقابل ساعات عمل طويلة" ، فهناك شركات لاتمنح عامليها الا عطلة يوم واحد بالاسبوع وبعضها لاتمنح مطلقآ وساعات عمل تتجاوز حاجز الـ12 ساعة وبرواتب لاتصل إلى حد الحد الادنى للاجور، وهذا يدلل كما قلنا على غياب كامل للذراع الرقابي على عمل هذه الشركات ومالكيها والذين يجنون ارباح خيالية من وراء تشغيلهم للشباب الباحثين عن عمل باجور زهيدة ولساعات عمل طويلة.

ومن افرازات هذه الفوضى أيضآ ، هو ظهور وتمدد ظاهرة شركات التوظيف ومواقع التوظيف الالكترونية ، والتي اصبح بعضها للأسف يستغل أيضآ حاجة الشباب الباحثين عن عمل ، للترويج إلى شركات معينة، بل واستغلال حاجة البعض للعمل لدفعه لدفع مبالغ مالية بحجة مساعدته على توفير العمل له ، وإن صدقت واوجدت له عمل بداخل أو خارج الاردن، فانها تتقاضى رسوم وعمولات خيالية ، وهذا مايدلل على أن جميع مشاريع وزراة العمل والهادفة إلى تشجيع مبادرة المعارض الوظيفية التي ترعاها الوزارة قد باءت بالفشل ، والدليل توسع عمل شركات التوظيف ومواقع التوظيف الالكترونية ، بالمقارنة مع نتائج سيئة واقبال ضعيف لمبادرات التوظيف الحكومية"الإعلامية ".

ختامآ،أن تمدد وانتشار ظاهرة فوضى سوق العمل الأردني ، تحتاج إلى ضبط وحزم من قبل ادوات الرقابة الحكومية الخاصة بسوق العمل الأردني بهذه المرحلة تحديدآ لأن أغفال تمدد هذه الظاهرة ، سوف يكون له عواقب كارثية على سوق العمل الأردني ، وعلى الباحثين عن العمل.

*كاتب وناشط سياسي -الأردن.

hesham.habeshan@yahoo.com



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات