تغير المسار (سايكس بيكوا)


بعد وضوح أهداف أعدائنا ، ألا يحق لنا أن نعلن هدف أمتنا ومقاومتنا ومهاجمتنا الحقيقي ؟ ألا يتوجب علينا أن نتخذ المسار الصحيح باتجاه النصر، وأعني أن نسقط مفاعيل اتفاقية سايكس بيكو وتفعيل سقوطها هو الخطوة الاستراتيجية التي تغيِّر مسار تاريخنا وتجعل النصر رهن ارادتنا وبأيدينا مهما تكاثر الأعداء واستاء من جهادنا المجرمون الأشرار ؟ أليس الجميع عندنا يقرون بأن سبب بلائنا الحديث هو معاهدة سايكس- بيكو التي نعيش في أقفاصها اليوم ؟

أليس الجميع يرددون أن ما يراد لنا هو معاهدة جديدة مثل معاهدة سايكس- بيكو تقسِّم المقسَّم ،وتجزيء المجزأ لدوام سيطرتهم علينا ؟ أليس الجميع في بلادنا حكاما وشعوباً ومواطنين يعلمون ويرددون أن ضعفنا يكمن في حماقاتنا وتقاتلنا ،وأن قوتنا لا يمكن أن تنشأ الا من خلال وعينا وتنبهنا لوحدة حياتنا ومصالحنا والاعتماد على أنفسنا ؟ أليس من لا يزرع هو دائما عبد لمن يطعمه ؟ وان من لا يعصر شرابه بيده لا يأمن على نفسه من تناول شراب من يعصر الشراب المسموم ؟ وأن من لا ينسج ثيابه بنفسه يبقى معرضا لأن يعيش عريانا ؟ وأن من لا يعتمد على نفسه ، لا أحد يدافع عنه عندما تدلهم الخطوب وتهب الويلات ؟

ان جيلنا هو الآن أمام خيارين : خيار القبول بالانطفاء مختاراً، والذهاب الى النوم في القبور راغباً، والاستسلام لحياة الذل والهوان والقهر مرغماً.وخيار آخر هو رفض كل ما يجعلنا صغاراً جبناء أمام أنفسنا وأمام أعدائنا وأصدقائنا ، ويخلـِّدنا لعنة على لسان الأجيال ووصمة عار في صفحات التاريخ . أما خيار أمتنا فهو خيار واحد وحيد لا خيار إلا َّه هو النصر الذي نسير به الى نصر ٍأكبر ليس بعده الا فوار انتصارات .

و شعوب العالم اليوم هي أيضاً أمام خيارين : خيار الالتحاق بالمجرمين الذين انطفأت انسانيتهم ، وخيار النهوض الذي تمارسه الشعوب العزيزة وتحمي به كرامتها وعزتها وسيادتها على نفسها وتضع لدول الارهاب والتكفير والاستكبار نهايتها .

لقد ثبتت ارادة أمتنا أمام جميع الغزوات والاجتياحات والاعتداءات وكانت كلما دمّر الغزاة تراثها وآثارها ونتاج عباقرتها تطل على الكون من جديد بتراث أجود ، وبآثار أبدع ، وبنتاج أروع ،لأن قوة الحياة فيها أقوى من تتالي وتراكم الاعتداءات . ولذلك نقول لكل من يشكك بقدرة أمتنا على الانتصار أنه كما انتصرت في الماضي على الغزاة القدامى قادرة على الانتصار على الغزاة الجدد .

فيا ابناء أمتنا الواعين الأحرار في بلاد الشام وكل الوطن العربي وعيكم وتنبهكم لوحدة حياتكم ومصالحكم وحقوقكم بداية الخروج من النفق المظلم، وبارادتكم لا بارادة غيركم تغيرون ما بنفوسكم وتكتبون صفحة فجر نهضتكم وانتصاركم .في نفوسكم الواعية الأبية يكمن الرجاء . أنتم وحدكم أمل من لا يزالون في الأرحام . أنتم أمل العالم المتمدن وموضع رجائه. أنتم حملة رسالات الحضارة وهداية البشر .أنتم قدوة المجاهدين بالحق المبين .

ان انقاذ وجودنا وحياتنا ماضيا وحاضرا ومستقبلاً يتطلب أول ما يتطلب ان نزيل الحواجز النفسية والمادية بين الحبوس التي رسمها لنا الأعداء في معاهدة سايكس بيكو ووضعونا فيها، واغلقوا النوافذ علينا لا أن نستمر في تلك الحبوس الكهوف خانعين ومتوهمين أن فيها الأمان والخلاص. الأعداء الآن يعملون جاهدين لتصغيرها وتضييقها ليجبرونا على تنحيف أجسادنا وتقزيم مطامحنا لنتكيف مع ضيقها وصغرها وعـفـنها . هم يريدوننا اليوم أن ترتدي نساؤنا ثياب أطفالنا الرضّع، وأن ينتعل رجالنا الأبطال أحذية الأجنة الذين لا يزالون في أرحام الأمهات .

ان معاهدة سايكس- بيكو هي المسلخ الذي ساقونا اليه ، والاسطبل الذي حبسونا فيه ، والقبر الذي دفنونا فيه ونحن أحياء. فلا حياة للبنانيين والفلسطينيين والشاميين والعراقيين والأردنيين والكويتيين والأكراد الا بتدمير المسلخ . وهدم الاسطبل . والخروج من القبر قبل ان تتعـفـن الكيانات ، وتهتريء العقول ، وتنتن النفوس .

ان التحدي الكبير لحكامنا ومواطنينا في الوطن العربي هو في تمزيقهم لمعاهدة سايكس بيكو وإبطال مفعولها ، وتشكيلهم مجلساً منهم جميعا يديرون من خلاله أحوال أبناء هذه المنطقة لما فيه الخير والأمان والرفاه فيـُكشح الضباب عن وجه رسالات الحضارة المسيحية والمحمدية والعروبية والانسانية ، لأن أمتنا هي رحمها وحضنها ومهدها ونبعها،ولا قيمة راقية لهذه الرسالات الا باتصالها بنبعها الزاخر بالعطاء .

يا أبناء الحياة في بلاد الشام والرافدين لقد بدأت عواصف العدوان الخارجي وجاهلية التآكل الداخلي تتكسر على شواطيء وعيكم وقوة ايمانكم وممتازية مزيجكم وفعل ارادتكم واسطورية صمودكم ، فما نالوا منكم في فلسطين ولا أرعبوكم في لبنان ، ولا حطموا ارادتكم في العراق ولا استطاعوا أن يلووا عزيمتكم في الشام .

أبعد كل هذه البطولات هل يحق أو يجوز السكوت والوقوف متهيبين واجمين أمام معاهدة سايكس- بيكو التي أبرمها المجرمون لتحرف مسيرة أمتنا عن النهضة الى الانحطاط ؟ هل يجوز أن نترك الأنانيين النفعيين الجبناء والخونة والمتآمرين يفعلون ما يشاؤون ليشبعوا شهواتهم الخصوصية التي لم تجلب على شعبنا الا الويل والمآسي وفظائع الخراب ؟

ان الله ليس بحاجة الى من ينصره لأنه ليس بعاجز ولا معاق ، بل هو الناصر العادل الذي لا يظلم أحداُ ولا يساعد أحداً على ظلم أحد . هو العادل القائل :" من عمل صالحاً فلنفسه ، ومن أساء فعليها " . فاذا كانت طبيعتنا شريرة وأفعالنا فاسدة سيئة فلا شيء في الوجود يُغيّر طبعنا ويجعل من فساد أعمالنا صلاحا .

وحتى الله لا يقبل ولا يرضى على ذاته الالهية الا أن يعيّن الفساد ويحكم على الفاسدين. أما اذا كانت نفوسنا صالحة خيِّرة جميلة عزيزة ، وأعمالنا صالحة خيّرة جميلة عزيزة فنحن من يصنع الانتصار ، والله بعدله الإلهي بعد ذلك لا يمكن الا أن يرضى ويُصدّق ويُصادق على الانتصار . لقد ورد في القرآن الكريم : " لايغيِّر الله ما بقوم ٍ حتى يغيِّروا ما بأنفسهم " وانطلاقاً من هذا القول الحكيم نقول :ان الله لا ينصرُ من لا ينصرُ نفسه .

الداء الفتاك أصبح واضحاً،وينبغي ايجاد الدواء قبل استفحاله . وأعني داء الفتك بالانسانية الحضارية لصالح الهمجية. ومن يعتقد أن بلائحة العقاقير يمكن النجاة فهو واهم لأن داء الهمجية ما عاد يُـولد بالصدف بل أصبح يُزرع زراعة، ويُصنـّع تصنيعاً . وأصبحت له مختبرات تـُنمّيه وتـُطوّره .

وأصبح له علماء وفلاسفة ومهندسون وفنيون وأدباء واقتصاديون وأعلاميون وجيوش وادارة وقيادة متحكمة بكل عمليات زرعه وتصنيعه وانتاجه وتنميته وتطويره وتوسيع انتشاره، وهو ما يطلق عليه اليوم:" الارهاب"،ولكن الارهاب لم يكن يوما هو المشكلة كما يحلو للبعض أن يقول ، لأنه مرفوض ومكروه من جميع الناس بالفطرة الانسانية والطبيعة الحضارية .

ولذلك لم تعد مكافحة الارهاب هي الوسيلة الأصوب، بل الوسيلة الأصوب والأصح والأنفع هي مكافحة زارعي بذور الارهاب و مصنعي الارهاب ومطوري وسائل انتشاره وهيجانه وهم هم بالذات الذين يشكلون الاخطبوط الأميركي- اليهودي – الماسوني المنفلت من عصور أعاميق ظلمات كهوف الدهور المليئة بجراثيم ومكروبات الهمجية والتوحش .

فاذا كافحنا الارهاب ولم نكافح هذا الاخطبوط الزارع والمصنـِّع والمتاجر بالارهاب ، فسيستمر الارهاب يدمر كل ما ننتجه من معارف وعلوم وأخلاق وفنون الحضارة . فالحرب في بلاد الشام والرافدين حرب وجود تستهدف التراب وباطن التراب، والماء والهواء ، والحجر والشجر، والحيوان والبشر، وما في الاصلاب وما في الارحام، ولن توفـِّر الأصلاب والارحام ، ولا يرضى العدوانيون الا موقع بيئتنا خالية من كل أثر لحياتنا فيها .



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات