برنامج التعليم الموازي والرسوم الدراسية


لا يمكن لأي شخص أو طرف كان أن ينكر أن برنامج التعليم الموازي الذي طبق في الجامعات في الأردن وبدأ العمل فيه في العام 1996 انطلاقا من جامعة العلوم والتكنولوجيا الأردنية، فتح آفاقا وفرصا رحبة للعديد من الطلاب الذين لم يحالفهم الحظ في الحصول على مقعد جامعي في البرنامج الدراسي المنتظملإكمال دراستهم الجامعية في التخصصات التي يرغبون بها، وتحقيق آمالهم وطموحاتهم الشخصية علميا ومهنيا، بما في ذلك كثير من الطلاب العرب، وأبناء الأردنيين المقيمين في الخارج الذي قصدوا وطنهم للدراسة لما يعرفونه من أن الجامعات الأردنية لا تطبق إلا برامج تعليمية تتميزبفعاليتها وقوتها، ولا يقدر على اجتيازها ولا يتخرج منها إلا من هو أهل للتخرج، وبما يعنيه ذلك من أن الأمر ليس مجرد سنوات من النزهة يقضيها الطالب في الحرم الجامعي، بل رحلة من الجهود المثابرة والاجتهاد المتواصل وسهر الليالي الطوال للحصول على الشهادة الجامعية، المبتغى المنشود، في النهاية، وهو برنامج نرفع بسببه قبعاتنا احتراما وتقديرا لمن عمل إحياء فكرته وتطبيقها.

ومن خلال مقارنة بين برنامج الدراسة الموازي وبرنامج القبول الموحد والتنافسي، يُلاحظ أن البرنامجين متماثلان في كل الأوجه من الناحية الدراسية، بما في ذلك عدد الساعات المعتمدة، والمحاضرات، والمواد الدراسية، والقاعات والمختبرات، وتعليمات الاختبارات، والتقييم والمتابعة الأكاديمية، والمحاضرين، إضافة إلى متطلبات التخرج والحصول على الشهادات العلمية، إلا أن ثمة اختلافين جوهريين بين البرنامجين وهما الاختلاف في الرسوم الجامعية، ورسوم الساعات الدراسية التي تبلغ في بعض التخصصات هذه الأيام ثلاثة أضاف أو أكثر مما هي عليه في البرنامج التنافسي على نحو تقريبي.

وعلى أن الفروقات في الرسوم الجامعية ورسوم الساعات المعتمدة في بدايات البرنامج الموازي كانت معقولة، ويمكن تحملها، إلا أن الزيادات المضطردة التي طرأت عليها في السنوات الأخيرة، غدت تثير العديد من الملاحظات التي تتمثل بداية في توجيه رسالة حازمة للطالب الدارس في البرنامج الموازي تقول له إما أن تذعن وتدفع ما يفرض من زيادات أو أنتترك دراستك، والخيار في كلتا الحالتين عائد لك، فتراه يدفع مكرها حتى لا يخسر مقعده الدراسي الذي تمناه وعمل طويلا لأجله، هذا مع العلم الجامعة بأن من يجلس على مقاعدها سيبذل الغالي والنفيس لتحقيق مراده في الاستمرار في الدراسة والتخرج، غير آبهة بحجم المعاناة الملقى على كاهل الأسر في توفير الأقساط الدراسية لأبنائها.

كما أن الطالب في البرنامج الموازي ربما يمثل في نظر إدارة الجامعة بقرة حلوبا، تدفع دونما تفكير، ترفد ميزانية الجامعة بمبالغ جمة، تزيد من خلالها الجامعة الإنفاق على مشاريعها في التوسع والإنشاءات، وتحسين مستوى معيشة موظفيها بزيادات سنوية مضطردة فيما يحصلون عليه من رواتب ومزايا، وكل ذلك ناتج في الاعتقاد الجازم، عن حرص الطالب وأسرته على تحقيق هدفه في الحصول على الشهادة الجامعية التي تمهد له الطريق لخوض غمار الحياة سبيلا لتحقيق طموحاته في العمل، والزواج والاستقرار، وقبل ذلك خدمة وطنه في الميدان الوظيفي الذي يناسبه، سواء كان في القطاع العام أم الخاص، وهو حق مشروع لا جدال في ذلك.

أم أن الطريقة التي تتم بها زيادة الرسوم، والتي بلغت في أحد التخصصات التي تدرس في إحدى الجامعات المرموقة قبل حوالي السنتين 100% تعني انتهاج "سياسة تطفيش" تهدف إلى تقليل أعداد الطلاب الذين يلجأون للدراسة في البرنامج الموازي، بمعنى اقتصار التعليم على فئة الأغنياء أو المقتدرين ماديا دون الفقراء، ومن ليس معه فلا يلزمه، على أن من المعلوم أن التعليم حق لكل إنسان مؤهل لكي ينهل من المصادر العلمية التي تناسبه في الطب والهندسة والصيدلة واللغات وغيرها، وهو في النهاية يصب في صالح الوطن، لما له من تأثير إيجابية دلالته في البحث والتطوير والإنجاز.

من هنا نوجه رسالتنا لإدارات الجامعات الأردنية المعنية بإعادة النظر في رسوم التعليم الجامعي الموازي، رأفة بأسر الطلبة التي لم يعد باستطاعتها تحمل مزيد من الأعباء المادية في ظل الظروف الحياتية الصعبة السائدة، والتي ربما لجأ كثير منها لبيع ممتلكاتهم سبيلا لتحقيق غاياتهم في حصول أبنائهم على الشهادة الجامعية التي يطمحون إليها ويتطلعون.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات