زراعة الفولاذ


في موسم الانهيارات العربية و الاعتذار المتواصل عن القومية و الانسحاب منها ، يصبح البناء تحت الارض لا فوقها ، و تغادر الاسوار دورها التاريخي كحارس للحدود كما فعلت الامة الصينية لتلعب دور الشرطي الذي يحرس الحدود من"قنفذ"يتسلى بنقل قطعة جبن او كسرة خبز لجياع تم ادراجهم على قوائم المطلوبين دوليا في غزة .

الصين نجحت بدخول بوابة المعجزات بسورها الذي يحمي خاصرتها الرخوة من الاعداء ، فصار السور عجيبة من عجائب الدنيا السبع و صار مصدر دخل للامة الصينية حتى قبل ان تصبح عملاقا اقتصاديا يحقق نسبة نمو فائقة الارتفاع .

الان و بعد عقود و قرون ، ماذا سنقول لباحث او مستشرق يزور المنطقة و يسأل عن سر زرع سور فولاذي تحت الارض بدل زراعة القمح ؟

و لماذا تنفق الدول اموال دافعي ضرائبها على زراعة سور فولاذي في خاصرة بلد يرزح ثلثها تحت وطأة الأمًية و ينام مليون مواطن في العراء و تسجل اعلى نسية فقر و جوع ؟

ماذا ستكون الاجابة ؟ نقص في المياه التي تجري بثلاثة الوان في اراضيها ؟ ام نقص في التربة الزراعية التي شكل سمارها عذوبة و جمال الانسان فيها ؟

ماذا ستقول لمستمع عربي ظل يحافظ على تردد"صوت العرب"يسمع اغنية عبد الحليم حافظ (قلنا حنبني و أدينا بنينا السد العالي ) و السد العالي جنب مصر العطش و بعض الجوع .

ماذا تركنا للمطرب و الشاعر كي يغنيا معا عن سور الفولاذ العظيم ؟

فالاغنية تستنهض الهمم و تشير الى البناء المعلن و تشير حتى الى الموت المعلن ، لكنها ابدا لا تشير الى ما دفن غيلة و قهرا في الارض .

في حصار المدن الروسية ابان ثورتها ظهرت رواية عظيمة اسمها"الفولاذ سقيناه"و كانت تقول كيف طوّع الروس الفولاذ و نالوا نصرهم ، لكن لم نسمع ابدا عن زراعة الفولاذ الا في زمن الهزائم .

لن نملك اجابة على سؤال كوني او محلي عن سر زراعة الفولاذ في ارضنا الكبرى و على حدود ارضنا"الصغرى"التي يـأتي لها الناس افرادا و زرافات كي يوصلوا لها ما يداوي بعض جراحها .

ماذا سنقول لاحفاد جالاوي غدا اذا ما سألونا عن سر رفض جدهم الحضور الى هذه الارض ؟

لن نملك اجابة مثل الامة الصينية التي بنت سورها و صار عجيبة من عجائب الدنيا السبع سوى اجابة واحدة اننا امة"عجبة"

Omarkallab@yahoo.com


التاريخ : 09-01-2010
 



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات