مصر والأردن والمملكة العربية السعودية وآمال الوحدة العربية


واقعنا العربي الراهن بمجمله لا يعكس إلا حالة من الهوان والضعف والتشرذم في بنيان الأمة تغلغلت في دواخل الكثير منا حتى غدا التفكير في تغيير الحال برمته أمرا في الغالب من المحال. وما وزاد في هدم أركان الوطن العربي المشكلات التي عصفت وتعصف به، ابتداء من تفكك الدولة في العراق وفي ليبيا، لأسباب كانت واهية ومعروفة رددها من كان يعرف كذبها حتى صدقها وعمل على الأخذ بها في مؤامرات قادت وأدت إلى ما انتهت إليه، ثم في سوريا نتاجا لما أطلق عليه الربيع العربي الذي لم يجلب لنا إلا أشكالا من القتل والدمار والغدروالاحتلال والتعرض لحملات من التشويه المسمومة، لقيت آذانا صاغية في أصقاع الأرض، صورتنا وحوشا وإرهابيين، لا نتقن غير لغة الاستئصال فيما بيننا والاقتتال، وفي السودان حيث أصبح اثنين في الجنوب والشمال.

وكان من نتائج ذلك كله تكالب من الفرس على الأمة والعمل على محاربتها في أوطانها وغزوها بفكر طائفي مشؤوم، وقد أصابوا مع الأسف قدرا من النجاح في مآربهم ومقاصدهم بتعاون أذناب لهم في أكثر من مكان، ولربما كان احتمال امتدادها إلى مناطق أخرى كبيرا لولا قرارات الملك سلمان التاريخية التي وضعت حدا لهم على أكثر من صعيد.

لكن من لطف العناية الإلهية بمنطقتنا أن المملكة العربية السعودية بلد البقعتين الطاهرتين الحرمين الشريفين، ومن بعدها دول الخليج العربية، ووراءها المملكة الأردنية الهاشمية بلد البتراء والنشامى والنخوة والأبية، ثم جمهورية مصر العربية، أرض الكنانة، وصاحبة الحضارة المتجذرة في أعماق التاريخ، بنيلها وقاهرتها، وإسكندريتها، ودلتاها، سلمت بفضل من الله ثم بفضل حكمة قياداتها ووعي شعوبها من الكمين الذي نصب لها ممن يحيك المؤامرات لهذه الأمة ويسعى لتقسيمها وبث أركان الفرقة فيها، فجُنبت ويلات الحروب والتشرد والجوع والخضوع، وبقيت صامدة في وجه العواصف والأعاصير، تزداد لحمتها فيما بينها على مستوى قياداتها، التي انتصرت لها شعوبها، وأيدتها في أفعالها، كما في عاصفة الحزم الميمونة التي أوقفت أطماع المجوس في بلادنا والتغول علينا.

وبما أن كلا من هذه الدول الثلاث حماها الله ووقاها من كل الشرور ومما يحاك ضدها من المؤامرات، يتوفر فيها ركائز تكمل بها من خلالها بعضها بعضا، بما في ذلك القدرات الاقتصادية المؤثرة في العالم ككل، والموارد البشرية والكفاءات المؤهلة والماهرة، والسواعد البانية، وهي صاحبة موروث حضاري متجذر في التاريخ، ويربطها وحدة المصير، ووحدة الدين واللغة الواحدة، ويربط فيما بينها علاقات أخوة عربية وإسلامية قوية وراسخة، فإن تشكيلهافيما بينها لنواة وحدة عربية لتشد من أزرها وأزر الدول العربية الأخرى، يغدو حلما ليس ببعيد المنال، هذا إذا ما أخذنا بعين الاعتبار يد العون الذي تقدمه المملكة العربية السعودية لكل من مصر والأردن في ظروف تتطلب منها حشدها الطاقات في معركتها مع أعدائها، والقرارات الحكيمة التي اتخذها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز في الوقوف في وجه إيران، وإيقاف شرايين تغذية امتدادها، حزب الله في لبنان، والنظام البعثي العلوي في سوريا، والرافضية المشؤومة الممجوجة في العراق واليمن، ومحاربة الفكر المتطرف، والقوة العسكرية العربية المشتركة التي نأمل أنها غدت حقيقة واقعة تدرأ الأخطار المحدقة بهذه الأمة، كلها عوامل تصب في المنحى الذي نصبو إليه ونرنو، حتى نعود ونتغنى بما تعلمنا في الماضي من شعر يعكس واقعنا يقول ويشدد على أن"بلاد العرب أوطاني من الشام لبغدان ومن نجد إلى يمن إلى مصر فتطوان"، فهل تتحقق الأمنيات، لعل وعسى.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات