ردا على الناقد طارق الشناوي ..


أعتقد أن أخلاقيات مهنة النقد الفني لا تتضمن استفزاز مشاعر و أحاسيس الفنانين لدرجة تصنيفهم بالفشل أو بالنجاح، بل تختص هذه المهنة بالدرحة الأولى و على سبيل المثال لا الحصر بالمادة الدرامية إذا تم انتاجها بالحرفية المطلوبة أم لا، و تختص ايضا بالبحث بجودة المُنْتَجْ و بدرجة تفاعل الممثلين مع بعض بالمادة الدرامية ثم تصنيفها بالفئة الدرامية السليمة ثم مقارنتها بمثيلاتها من الأعمال الناجحة ثم بعد خلق هذه المقارنة بالصورة الناجحة البحث بمدى تقاعل الجمهور معها، ثم يمكن الأستفاضة باية افكار أو خواطر شخصية عن المادة أو بأية تفاصيل مهنية و تقنية قد تهم الرأي العام...أما أن يتجرأ الناقد بتصنيف البشر إذا كانوا ناجحين بعملهم أم لا فهذا ليس من شأن الناقد و يمكن له في حالات محدودة جدا الإشارة الى مدى نجاح الفنان بحياته المهنية بعد الخوض بجميع أعماله بلا اسثناء حيث للفنان الحق بهذه الحالة في نقاش جميع أعماله أمام الجمهور و الراي العام مع ذكر الأسباب المقنعة لتصنيفه بعدم النجاح و بهذا القالب السلبي فلا يجب أن تكون الأحكام إنطلاقا من الأهواء و الفكر الشخصي للناقد إطلاقا كي يكون الحُكْم عليه بكل عدل و إنصاف، فنجاح الفنان يحدده الجمهور أولا و أخيرا مع الأخذ بعين الإعبتار حساسية هذا الموضوع،

هنالك عدة اسباب لنجاح المادة الدرامية أو فشلها، فيجب ذكر اسباب مهنية أكثر من عدم الإقبال على الفلم في حفلة عرض واحدة آخذين بعين الإعتبار أن الافلام الجديدة تُعْرَضْ داخل و خارج مصر و بأكثر من دولة عربية و لفترات ليست بقليلة من الوقت كي تأخذ المادة الدرامية الجديدة رواجها بين الناس، فهل حفلة واحدة حضرها الأستاذ الفاضل طارق الشناوي ستحدد نجاح مادة درامية ام فشلها؟ لا أظن ذلك، و يجب أن نأخذ بعين الإعتبار ايضا أن هنالك عدد لا بأس به من البلاد العربية تمر بآزمات كبيرة و الظروف الراهنة بالمنطقة عموما قد تؤثر على طباع الناس و قد تكون مرهقة للغاية بحيث اتبعدهم عن متابعة الترفيه و التسلية و هذا قد يؤثر على مبيعات الافلام عموما التي تُعْرَضْ بالسينما المصرية التي نعتز بها و بعطائها للحركة الدرامية بالوطن العربي،

أود الإشارة الى فلم من أفلام الأستاذ الفنان محمود عبدالمغني الذي لعب به دور كبير مع نجوم لهم قيمتهم الكبيرة بالوطن العربي و على سبيل المثال لا الحصر مثل الفنانة منى زكي و الراحل نور الشريف و الفنانة يسرا و غيرهم من الفنانين الذين أبدعوا بمسيرتهم الفنية الكبيرة، و كان لي نظرتي الخاصة بخصوصه و اسمه "دم الغزال"، فشاهدته لأكثر من مرة فكم ابدع الفنان محمود بتقديم شخصية ريشة الشاب الذي تعرض للضرب المبرح على يد لص في حارته السكنية مما دفعه للتخلي عن وظيفته كطبال لراقصة الحي الذي يسكن به و الإنتماء لفريق من المتعصبين للإنتقام مِنْ مَنْ ذاق الذل و التهميش على يدهم، و قد نشرت انطباعاتي حول هذا الفلم في مقالة لي بإسم "نبؤة دم الغزال" حيث اعجبت بما قدم الفنان محمود بهذا الفلم، و أنا مقتنع بأن لهذا الفنان موهبة رائعة استنادا لما قدمه بهذا الفلم و في عدة أعمال قيمة لا يجب الإستهانة بها و لا مكان لنا هنا بالخوض بها حيث يجب على النقد الفني أن يعطي العمل حقه بما يتعلق بالنقاط السبلية و الإجابية و سيطول حيثيات شرحنا كثيرا حول هذه المواضيع،

و بهذا السياق أطرح بعض من الأمور التي يجب على الفنان الإنتباه لها خصوصا بهذه الايام التي تكثر بها المشاكل السياسية و الأمنية و التي قد تمنع العديد من المنتيجين بإستثمار نقودهم بهذا القطاع مما قد يدفع البعض الى الإنتاج التجاري لتغطية اي عجز بالإنتاج في مصر و غيرها من الدول العربية، و بذلك تكون الأقلام الدسمة التي غالبا ما أمتعتنا بالماضي بالأعمال الطيبة في سكون تام لتظهر على الساحة أقلام تكتب السيناريو بصورة تجارية و لا تمتلك موهبة خلق الحبكة الدسمة و الشخصية العميقة التي قد تمتحن قدرة الفنان بتدقيم الشخصية بصورة جيده و مقنعة للجمهور، فالكاتب الجيد سيبدع بكتابة السيناريو و الحوار للعمل الذي سيتحدى قدرة الفنان بصورة ايجابية بتقديم الشخصية للجمهور و سيساعده بتقديم شخصية مقنعة للناس، فلذلك لا يجب إلقاء مسؤلية العمل الدرامي على فنان واحد إطلاقا، بل هنالك عدة نقاط يجب أن تؤخذ بعين الإعتبار، و هذا الموضوع مقلق حيث أن ما ينوجد على الساحة من أعمال حاليا عليها مآخذ كثيرة جدا،

اتمنى أن تؤخذ هذه النقاط بعين الإعتبار حين تقديم برامج النقد على الشاشات في مصر و العالم العربي عموما مع الأخذ بعين الإعتبار أن عملية تَقْيِمْ النجوم أمر حساس جدا لا يجب أن يقدم إلا من رؤية مشوار فني كامل و شامل للفنان، و حيث أن في ارشيف العديد من النجوم الناجحين و الذين لهم باع طويل بهذه المهنة و لهم جمهور كبير بالعالم العربي أعمال لم تلاقي استحسان عند الجمهور مقارنة مع أعمال آخرى لهم...فهذا لا يعني بأنهم فشلوا بمسيرتهم الفنية، بل الفنان المخضرم بمهنته سيأخذ هذا الإختبار بعين الإعتبار و سيثابر الى أن يقدم عمل أحسن من الذي قدمه بالماضي، إنه أمر نسبي جدا و قد يلعب الحظ دوره ايضا بهذه المعادلة...و لكن كنقاد وظيفتنا هي أن نلقي الضوء على الأمور و أن لا نلعب دور الآلهة بتصنيف البشر بهذه الصورة الجارحة و غير المهنية، و قبل أن انهي هذه الكلمة أتمنى أن يؤخذ رأي بصدر رحب من قبل الأستاذ طارق فنحن ننظر الى السينما المصرية بعين الإحترام و التقدير لأن مصر هي اكبر منتج للفنون بالوطن العربي و من واجبنا الحفاظ على هذه الشعلة وضاءة بحياتنا و خصوصا بهذه الايام المظلمة من مسيرتنا في منطقة الشرق الأوسط...و لأننا نعيش بظلام كبير من واجبنا أن نحافظ على هذه الشعلة الوضاءة كي لا تنطفئ من حياتنا إطلاقا، و الله ولي القصد أولا و أخيرا،



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات