الخيانة .. بين الأضمار والأظهار


إضاءة على المشهد في مصر
تَهميشُ المَواطِنِ العربية تِباعا الواحدة تلو الاخرى ، تمهيدا لتهشيمها ، وإعادة تدوير عِظامِها ، وإستكمالُ نهب كل ما تبقى من ثرواتها ، حقائق بَيِّنَةٌ أمام كل ذي سمعٍ وبصرٍ شهيد .

فبعد ان كانت مفردات وطقوس الخيانة مع العدو ، تتسلل في الخفاء ، وصلنا في ظلال اتفاقيات الأذعان مع العدو ( كامب ديفيد ، اوسلو ، ووادي عربه ) الى وقائع غير مسبوقة في عهر التواطؤ العلني ، لا تفرق بين العيب والحرام ، مُصادمة لكل قواعد وثوابت الوطنية ، تثير في مبادرات خطرة ، موجات متبجحة من التملق اللزج للعدو . تكاد ان تجعل من مراتب الخيانة ذات الأنياب الضارية ، مجرد وجهات نظر ، وإن كان الضحايا في النهاية هم الوطن واهله .

عايشت منذ ايام مُستَمعاً ومُحاوراً ، أسبوعاً صاخباً شَهِدَتْهُ مصر . فقد تَزامَنَت زيارتي لأرض الكنانة ، مع فضيحة اللقاءِ المُعْلَنِ للنائب توفيق عكاشه ، لممثلي العدو الصهيوني في منزله . واقعةٌ فتحت بوابات الجدل والغضب الشعبي الهائل ، من كل اطياف المشهد السياسي في مصر ضد مرتكبها عكاشة ، وعلى اكثر من صعيد . دون ان تحصرها في واقعة واحده ، بل تعميما ضد كل هواة الجلوس مع العدو الصهيوني ، من غير رجالات الدولة ، الذين تلزمهم معاهداتهم بذلك .

وبالمناسبة ، هذا العُكاشة ، في مقدمة مُهَرِّجي الأعلام السياسي في مصر ، رداح شتام بذئ . يقود جوقةً تعمل على شيطنة الفلسطينيين ، وتشكليل ثقافة معادية لهم . بل تفوق على العدو في تبني الخطاب الصهيوني في هذا الشأن .
إتسع رحم ردود الفعل الغاضبة عليه ، للكثير من الأرتدادات المناسبة للحدث . ولكن رد الفعل الأبرز ، جاء عبر ضربة الحذاء التي سددها نائب آخر ، قبل طرد عكاشة من البرلمان المصري ، واسقاط عضويته فيه . تعبيرا عن رأي الشعب ، في عكاشة وأمثاله وما يمثلون .

لم يختلف اثنان ممن التقيت في مصر وخارجها ، على ان ما فعله عكاشه مالك قناة الفراعين ، لا يختلف عن ما سبقه اليه ، النائب ا الأسبق في البرلمان الأردني ، حماده فراعنه وزميل له . اللذان في تحد سافر لمشاعر الشعبين الأردني والفلسطيني الرافضين للتطبيع ، قاما في حينه وهما نائبان ، بزيارة كنيست العدو الصهيوني . ولولا الحماية التي تأمنت لهما في حينها ، لبطش الناس علنا بهما .

فمهندسوا مصالح العدو ، إن وجدوا ضالتهم ، بين اولئك الذين لا ينتمون حقا او بالأساس لأوطانهم ومصالح امتهم ، يسارعون للأستثمار جيدا في كل متخاذل عربي ، عبر قنوات التواصل . سعيا وراء تحويله الى متواطئ او عميل . وفق معادلات وترتيبات القوة الناعمة للعدو . فمن المؤكد ، ان قصص الأيقاع او التطوع هذه ، مرشحة للأستمرار والتوالد . فما بين خائن أوعميل ، أومتواطئ أومغفل أو واهم ساذج ، مساحات واسعة شاسعة لسرد الاسماء . النائبان الأسبقان : حماده فراعنه وزميله ، لم يكونا الأولين ، وعكاشة لن يكون الاخير فيها .

ما فعله النائب المصري المطرود ، فتح ملف التطبيع على مصراعية من جديد . فمن يطبع مع العدو الأستراتيجي لأمة العرب ، لا يقل خطرا عن المتآمرين والطابور الخامس ، ولو باسم معاهدات ألأذعان . وكشف أن جلابيب الخيانة ومضارب التواطؤ ، بعد اوسلو وما سبقها وما لحقها من اتفاقيات ، تتسع لمن هب ودب في العمالة والنذالة والتفريط .

عدم الاستقرار السياسي والأمني في الوطن العربي ، ومصر في اللجة منه ، حمَّلَ اللقاء المكشوف المشار اليه ، سلسلة طويلة من علامات الأستفهام المشروعة . توقيت الخطوة وأهدافها المُشَفَّرَة، لم تكن مصادفة ، ولا عبثُ غَبيِّ بهلوان . فلا مكان للصدف أو العشوائيات ، في معادلات وترتيبات العدو . واللقاء بلغات رسائله المتحرشة والمضمرة ، قصف علني . جاء ضمن توجه مؤسسات العدو، لتمرير عدة رسائل مفتوحة ، ومجسات نبض مفضوحة ، وعروض شراكة مفخخة . بغرض :
- إعادة تسويق العدو جماهيريا على انه المنقذ من الدواهي التي تعيث فسادا وإفسادا في كل مناحي الوطن العربي برمته .

- إرغام الناس على قبول العدو والكف عن المقاومة ، من خلال زرع فكر التطبيع في اذهانهم ، من صغرهم بالتربية والتعليم .
رى اقتصادية وثقافية .
- اختراق الموقف الشعبي المصري الرافض للتطبيع بالخلخلة وبالتفكيك المتواصل . بعيدا عن الأتصالات الرسمية العلنية والسرية ، يرى جُلُّ المصريين ان الكيان الصهيوني ، هو الأكثر عداء لمصر ، على الرغم من المعاهده والمواقف الرسمية لحكوماتهم ، المسايرة سرا وعلانية ، لبعض مصالح العدو .

- للأستفراد بالفلسطينيين ، لا بد من اقناع بسطاء الناس في كل مَواطِنِ العرب ، ان مسارات المشكلة الساخنة بعيدة عنهم ، ولا علاقة لهم بها ، لأنها محصورة مع الفلسطينيين فقط .

- ان الذين يحمون الفساد في مضاجعه القُطرِيَّة ِ، لا يقلقون من خيانة ارباب التطبيع . كلاهما بعد ان قبض الثمن علانية ، يريد إذلال الوطن . والتسليم بما ستؤول اليه حال المنطقة .

ما اكثر القضايا التي قد نختلف بشدة من حولها . ولكن ، من المؤكد ان الوطن ليس من بينها . فما حدث او قد يحدث ، يخبرنا باننا مُلزَمين على قراءةٍ نقدية ، لِشهوةِ بعض المُتواجدين على ساحة الأعلام السياسي ، فشهوات بعضهم ، لا تقوم إلا على التواطئ الموصلِ الى الخيانة مُكتَمِلة العناصر ، والمتنصلة من الشرف ، بحثا عن شهرة الكيفما كان وبأي ثمن كان .

رفض التطبيع ، لم يعد وحده كافيا . فالمسألة اخطر من مجرد استقبال ، او ذاك الهراء الذي يتخفى تحت يفط بالية ، تدعي ان بلادنا لديها اتفاقيات سلام .

يتعين علينا لآلاف الأسباب ، طرحَ جديدٍ قبل ان تستفحل الأمور وتتراخى القبضات .

فنحن امام الجيل الرابع من شلل اصحاب الحناجر والخناجر، الذين يستغلون اللحظات الحالكة ، فيروجون لصهينة الأستقرار والأمن والأمان ، للطعن في الظهر الوطني .

دون أن ننسى ولو للحظة ، أن بيننا وبين اعداءنا ، بُحورٌ من الدماء الطاهرة ، تسيل صبح مساء ، في فلسطين وسوريا والعراق واليمن وليبيا والصومال ، يجدف فيها وعبرها ، طغمة من الجواسيس الملغومين بالسلوك الأرهابي . يواجههم مواكب من الشهداء ، وباقات من المناضلين المقاومين ، على كل المستويات .



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات