سقوط نظرية الامن الشامل


استراتيجية ومفهوم جديد لمؤسسة الامن

سأتناول هذا الموضوع في عدة مقالات وهو في الحقيقة جزء من مقدمة كتاب قمت بتاليفه وهو الان بمرحلة الطباعة بعنوان ادارة المفاوضات الخاصة بازمة الاختطاف واحتجاز الرهائن والذي دفعني للكتابة الطريقة التي تتم بها معالجة المواقف الامنية والطريقة التي توجه فيها الاتهامات وطريقة دفاع مؤسسة الامن عن نفسها مما اوحى ان هنالك خلل طارئ في طريقة ادارة الازمات والتعامل مع الحوادث الامنية وللانصاف هنالك مرض مزمن يعتري جسم هذه المؤسسة وقد ان الأوان لمعالجته فما هو موجود لدينا حاليا لايفي بمتطلبات مجتمع متحضر و لا يتناسب مع مؤسسة يفترض بانها مؤسسة ضباط مهنيين وأحد الدعائم الرئيسة لاستقرار المجتمع . فالموقف يتطلب معالجة جذرية لأصل الداء على اسس علمية وموضوعية وهذا يتطلب جهدا وطنيا تشترك فيه الجامعات ومعاهد الابحاث الامنية المتخصصة وخبراء القوانين والتشريعات ومؤسسات المجتمع المدني فلدينا الامكانيات المادية والموارد البشرية والبنية التحتية وكل اسباب النجاح وساتحدث عن بعض الاسباب الموجبة للاستراتيجية الجديدة وبعض الحلول المقترحة في هذه المقالة وفي مقالات لاحقة :-

1:- اهتراء وسقوط نظرية الامن الشامل : منذ البداية كان على هذه النظرية الكثير من علامات الاستفهام الا انها ملأت الفراغ في تلك المرحلة فهي إستنسخت بالاساس من مجتمع لا يمت للمجتمع الاردني بصلة وبقيت دون مراجعة او تقييم حتى وصلنا الى مرحلة التضخم والتوسع في فهم النظرية وتطبيقها الى ان وصلنا الى مرحلة ادارة الدولة بطريقة امنية وبما يشبه عسكرة المجتمع.

2:- عمومية التشريعات التي تحكم مؤسسة الامن : واهمها قانون الامن العام ومثال لذلك من واجبات الامن العام المحافظة على ارواح واعراض وممتلكات المواطنين او المحافظة على الامن والنظام العام او القيام باية واجبات تتطلبها التشريعات النافذة وتنفيذ القوانيين وتطبيقها فهل يعقل ان تتحمل مؤسسة واحدة كل هذه الأحمال او ان يتم تخصيص خمسمائة شرطي فقط ! لمراقبة ومنع التدخين حسب تصريح وزير الصحة .

اجزم ان الدول العظمى تعجز عن توفير موازنة لهكذا عدد وتفريغهم لهذه المهمة فلماذا هذا التوريط لمؤسسة الامن بحجة انها مسؤولة عن تطبيق القوانيين .

3:- التضخم والنمو المشوه في الهيكل التنظيمي لمؤسسة الامن: اذا نظرنا الى طبيعة عمل الادارات التي تتبع مؤسسة الامن نجد انها احمال اضافية اثقلت كاهلها والهتها عن القيام بدورها المفترض والرئيسي المتمثل في منع وقوع الجريمة والقبض على فاعلها ان وقعت وتقديمه للقضاء وسأعطي بعض الامثلة ولنبدأ بادارة ترخيص السواقيين والمركبات . اليست البلديات هي المسؤولة عن اصدار رخص المهن والانشاءات والرخص بانواعها المختلفة اليس هذا من صميم عمل البلديات فلماذا تكون البلديات مؤتمنة على اصدار رخص هي في اهميتها وحساسيتها اهم بكثير من اصدار رخصة مركبة او رخصة قيادة وغير مؤتمنة على اصدار رخصة لمركبة او اجراء فحص فني لماذا لا يتم اسقاط هذا الحمل الكبير عن كاهل مؤسسة الامن ويتم توفير مبالغ طائلة كلفة ابنية وصيانة

واجهزة ورواتب ومرتبات ويتم استغلال الوقت والموارد في عمل امني حقيقي وبنفس الوقت نضمن عملا يوميا ودخلا ثابتا لبلديات متهالكة اثقلتها الديون وعجزت عن تنفيذ مشاريعها التي تمس ايضا حياة و ممتلكات المواطنيين ويتم فتح باب التنافس بينها لتقديم خدمة محترمة لمواطنين يستحقون الاحترام. وقد قمت باعداد دراسة تتضمن استخدام احدث التكنلوجيا العالمية باقل جهد بشري وبدون اي تكلفة اضافية حول ترخيص المركبات عن طريق البلديات وارسلتها الى من يهمه الامر قبل حوالي السنة بدون ان احصل على اي رد من تلك الجهة. اوليست البلديات ووزارة الاشغال والنقل هم من خططو المدن والقرى وشيدو الطرق فلماذا يلقى امن الطريق على ادارة السير والدوريات الخارجية ولماذا تتحمل ادارة السير المسؤولية عن حوادث الطرق فقد اثبت تاريخ هذه الادارة فشلها وعجزها عن تحمل هذه المسؤولية اليس من الجنون ان يقتل وزير العدل ومدير الامن بحادث سير فمن خطط وصمم الطريق ومن ربى الاجيال على احترام القانون وحس المسؤولية هو الذي تقع عليه مسؤولية امن الطريق والحد من حوادث السير وليكن لهذه الجهات ضابطتهم العدلية فهم المستفيدين من تحصيل الاموال المترتبة على مخالفات السير والتراخيص. كما ان الضرورة تقتضي ان تتبع ادارة مكافحة المخدرات وتزوير النقد الى وزارة المالية او البنك المركزي ويتم دمج ادارة الجمارك ومكافحة التهريب والمخدرات في ادارة واحدة لكي تتمكن من الحصول على المعلومات والموازنة التي تتناسب وخطورة الدور المطلوب منها فعصابات تهريب المخدرات تمتلك احدث التكنلوجيا ولديها موازنات ضخمة ولها اساطيلها البحرية والجوية لا بل وغواصات ايضا فكيف يمكن مواجهتها بموازنة هزيلة هذا ان وجدت وبزورق بحري عفا عليه الزمن كما ان الارتباط بالبنك المركزي ووزارة المالية يتيح لضباط هذه الادارة حرية وسهولة الوصول الى المعلومات فشبكات المخدرات تجني اموالا طائلة فلابد لهذه الاموال من مصارف وبنوك ومشاريع وهمية وحقيقة ليتم غسلها فاذا فهمنا حركة اموال هذه الشبكات نستطيع تدميرها وشل نشاطها والضرورة تقتضي ان يكون لهذه الادارة محطات استخبارية في السفارات الاردنية في البلدان المنتجة او المصنعة او التي تستعمل للعبور وبالحد الادنى ضابط ارتباط وهل شاغر الملحق الثقافي اهم من شاغر ضابط الارتباط وهل مستقبل اجيالنا وابناؤنا يتوقف على الملحق الثقافي لا فمستقبل الاجيال وحمايتهم يعتمد على ما نوفره من امكانيات لضباط مكافحة المخدرات. ونحن بالاتجاه الصحيح حول انهاء تبعية مراكز الاصلاح والتأهيل الى وزارة الداخلية ولن اذكر الكثير من ادارات ووحدات مؤسسة الامن التي تعتبر احمالا زائدة حتى لايفهم من كلامي بانني اسعى الى خصخصة مؤسسة الامن او تفكيكها وبدلا من اسقاط هذه الاحمال الاضافية عن مؤسسة الامن نجد ان هنالك تضخما ونموا مشوها في هيكلة هذه المؤسسة بحيث يتم استحداث ادارات ووحدات جديدة فتارة شرطة الاداب واخرى شرطة البيئة وثالثة شرطة سياحية ورابعة وحدة امن وتشجيع الاستثمار ولم استطع ان افهم لغاية الان ما المقصود ببدعة الشرطة المجتمعية فاذا كانت وزارة التربية والتعليم ووزارة الاوقاف والمؤسسات ذات العلاقة عاجزة عن تربية الاجيال ووزارة البيئة عاجزة عن حماية البيئة ووزارة السياحة عاجزة عن حماية السياح والاماكن الاثرية والسياحية وهيئة تشجيع الاستثمار عاجزة عن القيام بدورها لماذا يلقى هذا العجز على كاهل مؤسسة الامن ويتم الطلب منها القيام بعمل هذه الوزارات والمؤسسات اوليست الزراعة والمياه والصناعة والغذاء اولويات ومهمة لماذا لا يتم استحداث شرطة المياه وشرطة الزراعة وهلم جرا حتى نصل الى عسكرة المجتمع بالكامل وحينها ستقوم مؤسسة الامن بادارة الدولة .

لقد لاحظت مؤسسة الامن بعض التضخم الموجود وكمحاولة منها لالقاء بعض الاحمال الزائدة عن كاهلها القت مدركة او غير مدركة مرغمة او صاحبة قرار عن كاهلها اهم جزء فيها وهو قلبها النابض (قوات الاسناد) فقد ولَد وفرَخ جهاز الامن العام الاردني جهاز اخر شبيه له بالواجبات والصلاحيات سمي جهاز الدرك واذا بقي الحال على ما هو عليه (الادارة بالطريقة الامنية) سيتولد عنه جهاز اخر وهذا ماحدث بالضبط لدى دائرة المخابرات العامة فقد القي عليها عبئ وحمل مكافحة الفساد فبدلا من ان يتم تطوير ديوان المحاسبة وتعزيز دوره بتشريعات وكوادر وامكانيات مادية تمكنه من مكافحة الفساد والقيام بدور المحاسبة وهذا واجبه اصلا القي هذا الدور على عاتق مؤسسة امنية فقامت دائرة المخابرات بانشاء وولادة ادارة مكافحة الفساد ومن ادارة مكافحة الفساد ولدت هيئة مكافحة الفساد ومنها ولد ديوان المظالم والان نشكو من تعدد الجهات المعنية بمكافحة الفساد وتداخل وتضارب الصلاحيات في ما بينها وتتم المطالبة الان بضرورة وجود هيئة اخرى تنسق عمل كل هذه الادارات والهيئات والدواويين واترك للقارئ الحكم على مدى نجاعة هذه المؤسسات بمكافحة الفساد.وللحديث بقية

عضو المنظمة العالمية لمناهضة عمليات احتجاز واختطاف الرهائن
موسس نادي الامير الحسين بن عبد الله الثاني المعظم في اميركا



تعليقات القراء

احمد كامل
كلام اكاديمي لبناء دولة مؤسسات بس بدو توضيح اكتر لكيف بدهة ادارة المخدرات تتبع وزارة المالية
05-01-2010 08:38 PM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات