لماذا تثير بعض الرجال النساء الحازمة (الأسباب النفسية)؟


هذه الأسطر تحتوي على وجهة نظر شخصية و خاصة حول هذا الموضوع الذي مازال ضمن قوائم المحظورات في مجتمعنا العربي، بل ربما يكون من أكثر المسائل المحرمة في مجتمعنا المحافظ الشرقي و التلقيدي، بحقيقة الأمر و بالرغم من أنني لست طبيب نفسي إلا أنه بعد ان درست طب النفس في مرحلة شبابي المبكرة لمدة سنتين كجزء من مقررات اللاهوت و الفسلفة في كلية بلبنان تعرفت عن قرب كم ان ميولنا الجنسية و العاطفية هم من أشد المؤثرات في حياتنا على الإطلاق...بل من الممكن أن تسبب لنا السعادة او التعاسة بصورة جذرية بحياتنا لذلك التصالح مع هذا البعد من حياتنا هو ضروري و الحديث عن حيثياته أمر لا مفر منه،

مجتمعنا عموما لا يقبل الرجل الضعيف التي تهيمن عليه السيدة إطلاقا مهما كانت الأسباب، فالرجل خُلِقَ ليكون سيداً في مجتمعنا في كل شيئ فمنذ حداثَتِهْ تربيه أسرته على مبادئ لا تقبل النقاش بأن القوة من صفاته الرجولية و يجب أن يتصف بالخشونة و الفحولة ايضا و أن المرأة بالرغم من المؤسسات الإجتماعية التي تنادي بمساواتها بالرجل إلا أن في البيت تُـقْـلَـبْ الأمور رأساً على عقب فتصبح هي الخاضعة لأمر زوجها و هذا هو المقبول دينيا أيضا عند المسيحية و الإسلام...شرط أن لا تُهَانْ بأي طريقة كانت، و إذا أخطأت بأي شيئ او حتى لم تطيع زوجها فيجب أن يحاسبها على ذلك و مع كل أسف نسمع بحوادث مؤسفة جدا يضرب بها الرجل زوجته بكل همجية و صورة غير متحضرة ليثبت لأسرته و للمجتمع من حوله بأنه هو السيد و الرجل، لكي لا نبتعد عن الموضوع الرئيسي لهذه المقالة أنوه هنا بأن ضرب الزوجات مرفوض بالأديان السماوية و لعلها ظاهرة سيئة جدا تحدث في أُسَرْ غير مثقفة أو مليئة بالمشاكل لا يتحلى الرجل و المرأة بها بالتفاهم و روح التضحية و فن الحوار...فغالبا ما تتحول النقاشات بينهم الى العراك العنيف، و نقول لهذه الأُسَرْ بأن الطريقة العنيفة تزيد من تعقيد الأمور و تُوَجِهْ الزواج بسرعة نحو الطلاق و قد ينتج عن الضرب أذية بحق الزوجة مما قد يدفعها حرصا على حياتها و حياة أولادها (إن وجدوا) لإبلاغ قسم الشرطة حيث هذا من حقها كمواطنة لتحمي نفسها،

و لكن...في بعض الأحيان قد يخفي الرجل شيئاً خاصاً حول حياته العاطفية و الجنسية...فلو علم به مجتمعنا الذكوري لن يتقبله إطلاقا و قد يجرحه جرحاً بالغاً من دون تَفًهُمْ، لذلك قد يقرر الشخص المصاب بهذا الشيئ ان يخفيه حتى عن زوجته خوفا من أن تجرحه او تفقد احترامها له مما قد يسبب ازمة نفسية في داخله لأن هذا الشيئ الخاص مربوط رباطا وثيقة بجاته الجنسية، قد يراه البعض بأنه مصدر ضعف في الرجل و قد يراه البعض بأن الذي يعاني منه مُعَوَقْ نفسيا أو فكريا مع كل أسف من دون اي تفهم إطلاقا...و هذا الشيئ هو "المازوشية" تجاه المرأة ببعديها...الفكري و الواقعي (الذي يتم ممارسته على أرض الواقع)، و هذه ربما من أكثر العقد النفسية شيوعاً بين الرجال لأنها مربوطة بصورة وثيقة بطريقة التنشئه...!

هنالك عدة مدارس أو مصادر طبية تقول بأن اسباب المازوشية عموما غير مُتًفَقْ عليها إطلاقا، فلذلك هي عديدة مثل الرغبة بأن يصبح الإنسان قيادي و لا يجد الوسيلة لذلك و هذا يسبب له صراعات أو إضطرابات داخلية و لذلك قد يلجئ لدور الخضوع للآخر، أو الرغبة الشديدة للهروب حيث يَجِدْ الطريقة لذلك من خلال تَخَيُلْ او إتمام الرغبات المازوشية التي تتضمن لعب شخصيات مختلفة للهروب من واقع مُعَيًنْ، و إنطلق بعض العلماء لتفسير هذه العقدة بان سببها عدم ممارسة سلسلة من الرغبات المُذِلَةْ او الغير مقبولة الكامنة و المكبوته بأعماق المريض، و عند ممارستها يصل المرء الى درجة كبيرة من الضيقة و الألم و الإثارة الجنسية، و بذلك تصبح المازوشية الجنسية مرتبطة بالسلوك الجنسي للفرد، و لكن مما لا شك به أنه على ارض الواقع اقوى مدرسة يؤمن بها الأطباء النفسيون و الأقرب للمنطق هي بأن هذه العقده تنوجد و لعلها مرتبطة بصورة وثيقة بطريقتنا بالتربية...!

هنالك طرق حديثة للتربية تعتمد على عدم استخدام التأديب البدني (الضرب) مع الأولاد في عملية العقاب، و هذه الطرق تعتمد على العقاب اللفظي الخالي من التجريح و التأنيب الشفهي و طرق تخاطب عقل الطفل بطريقة بناءة بحيث تجعل الطفل يشعر انه ارتكب ما لا يرضي الاب او الأم و يشعر بالندم على فعلته، و الدكتور النفسي كفيل بشرح حيثيات هذه الطريقة حيث يجب أن تُطَبًقْ بآلية معينة بحسب ارشادات الدكتور النفسي لتعطي فعالية و نتيجة، و لكن مع كل أسف مازالت هنالك أمهات لا تملك هذه المَلَكَه الحديثة للعقاب و تختار الطريقة السهلة لتأديب الأولاد و هي الضرب، و الضرب بكل اشكاله سواء كان عن طريق الصفعات على الوجه و الجسد او بإستخدام أداة تهذيب كالحزام او الخف (الشبشب) او العصاة يترك اثارا سيئة جدا جدا على نفسية الطفل فإذا حللنا ما ينتج عنه سيتضح لنا اعراض جانبية كارثية له،

ربما تختار الأم استخدام طريقة التأديب البدني عندما يبلغ إبنتها-إبنها سن السادسة او السابعة فصاعدا، و جرت العادة ان يخبتر الاولاد هذا العقاب المؤلم كنهج تأديب اكثر من مرة في السنة بناءا على الحاجة للتأديب في الأسرة، و لكن فالنقف هنا عند هذه النقطة المهمة...فالطفل الصغير هو كائن غريزي...اي تحركه الغرائز بصورة مطلقة لان سنه صغير جدا لا يقوى على التفكير او التعبير عن ذاته...مداركه ضعيفة جدا و عقله مازال صغيرا في طور النمو، فنتيجة صغر سنه لا يستطيع تلقي بعد الثقافة الإجتماعية لكي تُهَذِبْ فِكْرَهُ و تساعده بضبط الغرائز التي تحركه و تتحكم به بهذا السن الصغير، لذلك على سبيل المثال لا الحصر و لتبسيط الأمر للقارئ عندما يجوع لا يستطيع إلا البكاء و الصراخ لأن الجوع او الحاجة للطعام جزء من الغرائز التي تتحكم به، و الغريزة (instinct)هي حاجة طبيعية تنولد مع الإنسان و تعيش معه و تموت معه و لا تتركه إطلاقا و يتعلم الإنسان عن طريقها بصورة غير إرادية و طبيعية من دون علم مسبق إطلاقا...لذلك منذ نشأتنا كبشر نحتاج للطعام...منذ ولادتنا من ارحام أمهاتنا و نحن نصرخ صرختنا الأولى بعد كبشر بهذه الحياة نحتاج للقوت لكي يحيا جسدنا فما أن يفصل الدكتور الحبل الوريدي عن الطفل حديث الولاده و تأخذه أمها ليرضع من ثديها لبن الحياة و تبدء رحلته في عالم البشر و الماديات، و الغريزة الجنسية لا تنفصل عنا منذ لحظة ولادتنا لتبقى معنا الى مماتنا، و جسد الطفل صغير بعد غير مكتمل النمو لا يستطيع التفاعل مع هذه الغريزة بالصورة التي يتفاعل بها مراهق او شاب بالغ، و لكن مما لا شك به أن الغريزة موجودة معه منذ ولادته لذلك يلتصق المولود بأمه بدافع هذه الغريزة الجنسية...فلذلك و يوم بعد يوم و مع حنان الأم و عطفها عليه و عنايتها به و مع تطور الطفل الجسدي و العقلي نسبة و تناسب مع سنه يبدأ هذا الطفل بتكوين اولى انطباعاته عن الحياة من خلال تفاعله مع أسرته و البيت الذي يعيش به...و عند بلوغه ربما السن المبقول الذي هو السادسة جرت العادة أن يذهب الى المدرسة ليلتحق مع زملائه بالصف الأول فالمدرسة من المؤثرات القوية جدا بحياة الطفل...في هذه السنين يكون الطفل بها صغير و حساس فيبدا أيضا بتكوين انطباعاته عن المرأة من خلال تعامله مع اقرب الناس اليه...والدته،

الأم و الاب هم أكبر المؤثرات بحياة اي طفل فبسمة الأم تكون اول بسمة تتفتح عيون الطفل عليها، و ضحكة الأم الحنونة تكون اول ضحكة يسمعها الطفل بحياته على الإطلاق و اللبن من صدرها الحنون (إن أمكن الأم الرضاعة الطبيعية) يكون أول مادة غذائية يأخذها الطفل في اولى ساعات حياته، الأم هي مركزه فهي من ترعاه و تكلمه و تبتسم بوجهه و ترعاه على الإطلاق فتصبح ركيزة اساسية في حياته لا تنفصل عنه...بل يبكي بمرارة إذا ابتعدت عنه لأن يشعر بالخوف و عدم الآمان بعيدا عنها...فلذلك هنا تكون خطورة التأديب البدني عندما تختار الأم ضرب الولد ربما و هو بسن السادسة او السابعة فصاعدا بحسب العادة المتبعة بالمجتمع و التي هي بالحقيقة متوارثة عن الاجداد و آخذين بعين الإعتبار كل العوامل التي ذكرت بالفقرات السابقة يبدأ الألم بالدخول الى حواسه و عالمه عندما يخطئ و تغضب الأم منه...ليبدا العقل بتكوين فكرة أن الالم جزء من عالم امه فبالتالي جزء من عالم المرأة...و هنا تبدا رحلة عقدة المازوشية مع الولد...في الفكر

مع مرور السنين و تطور الولد على المستوى الجسدي و النفسي و الفكري و الثقافي تبقى هذه العقدة موجودة في فكره فالتأديب البدني بالعادة ما يكون سياسة تطبق من قبل الأم على المدى الطويل فتتأصل هذه العقدة و تَكْبُرْ و تحدث الكارثة مع دخول الولد سن المراهقة...و يبدا جسده بالبلوغ و يبدا بفهم حيثيات عن جسده لم يدركها من قبل كتفاعل جسده مع غريزته الجنسية، و المشكلة ان مجتمعنا كتوم حول الخصوصية الجنسية للفرد فليس من المقبول ان يفتح الولد مع والده او والدته مواضيع عن ميوله الجنسية فنحن كشرقيين مجتمع محافظ جدا...فمن المحتمل أن تبقى هذه العقدة و ميول الولد الجنسية مرهونة لدى ثقافته و ما يتلقاه من المدرسة من معلومات قد تكون وافية ام لا...و ايضا الثقافة الجنسية التي قد تنتقل له من قِبَلْ اصدقائه...و لكن سرعان ما سيكتشف الولد ان هذه العقدة ستتحكم بميوله الجنسي منذ اولى سنين مراهقته...ففكرة المرأة الجذابة و الحازمة او و هي تضربه بيديها او بأداة تهذيب ستكون من ضمن المؤثرات على غريزته العاطفية و الجنسية تجاه المرأة...

هذه العقدة إذا لم يتنبه لها الولد او الأهل بصورة او بآخرى و إذا لم يُشْفَى منها المريض ستتطور مع مرور السينين لتصبح مؤثر اساسي من المؤثرات على الغريزة الجنسية في واقع الأمر و من الممكن أن تُكَوِنْ هوية جنسية خاصَة في حياة الرجل...فإذا عاشت مع الرجل المدة الكافية ستصبح نسبة الشفاء منها صعبة جدا و ستجبر صاحب العقدة الى الإنتقال من الفكر الى الممارسة الفعلية و لعب دور الخاضع أمام المرأة و متلقي الضرب منها، السيطرة على هذه الأمور يجب أن تكون من الدكتور النفسي طبعا فيجب استشارته بصورة سريعة إذا كان الفرد مصاب بها...فنحن بالنهاية نريد لجسد المرأة ان يحرك غريزتنا كرجال لا الحزم منها...نحن نريد لجمال جسد المرأة و لغة الحب منها ان يكون المؤثر الاساسي لممارسة الغرام لا الضرب منها...فعقدة المازوشية بالعادة و كأنها تحل بديل عن المؤثر الاساسي للجنس عند الرجال و هو جمال جسد المرأة كَكُلْ و قدرته على اثارتنا كرجال...و كذلك للرجال الذين تثيرهم جزء من جسد المرأة و على سبيل المثال لا الحصر كرؤية الثدي فقط او الاصابع فقط أو الأضافر الطويلة فقط أو حتى اي شيئ مُعَيًنْ من ملابسها كحمالة الصدر او الشلحة او نعل الكعب العالي...و لا ننسى المؤثر الشهير الكلاسيكي الذي غالبا ما يتسخدمه صناع السينما بأفلامهم و الذي هو منظر السيدة و هي ترتدي الجوارب النايلون...يجب أن تـنـضج رؤيتهم للمرأة لنتخطا الى ابعد مِنْ هذه الجزئيات و لنصل الى نقطة تقدير جسدها بالكامل و الذي يجب أن يكون محرك لا غنا عنه للغريزة الجنسية،

زيارة الطبيب النفسي ضرورية لأن هذه العقدة مع مرور السنين كما أسلفت ستشكل الهوية الجنسية للمصاب بها ليصبح الضرب من النساء مؤثر رئيسي على الغريزة الجنسية و قد يحتاج الرجل اثناء العملية الجنسية للشعور بحزم المرأة لبلوع النشوة الجنسية...و قد يبدا المصاب بالمازوشية بصنع مخيلته و عالمه الخاص عن المرأة و كيف ستضربه او توبخه و كم يحتاج لحزمها بحياته العاطفية...و هذا لا يحدث إلا عند الذين تتأصل بهم هذه العقدة بصورة كبيرة...و قد يحاول الطبيب النفسي شفاء المريض منها...و لكن إذا أكتشف ان تجاوب المريض ضعيف و أن المصاب متزوج و أن هذه العقدة تعيق حياة جنسية متزنه بينه و بين زوجته قد يلجئ كمختص بعد موافقة المريض لشرح حيثيات هذ العقدة للزوجة، و قد يطلب من شريكة حياته أن تتفهم حيثيات حاجاته العاطفية او الجنسية ليساعدهم لكي يتمتعوا بحياة جنسية أفضل...أكرر أن هذا المرض النفسي و درجة إصابة المريض به و كيفية العلاج منه و بُعْد الإرشاد الأُسَري المتعلق به يجب أن يحدده فقط الدكتور النفسي و لا إجتهادات الأصدقاء للمريض،

لا اريد من هذه الكلمات ان احمل الأم التي تضرب أولادها الذنب...بأنها خلقت بداخل اولادها هذه العقدة فمعظم الأمهات التي تستعمل هذه الطرق التقليدية تستعملها بحسن نية لتربية أطفالها، فالسيطرة عليها و حلها ممكن جدا عند الطبيب النفسي...و لكن هنالك طرق أفضل منها بكثير و بناءة لنفسية الطفل أكثر، فإن استطعنا أن نُجَنِبْ اولادنا الصعاب و المشاكل سنساعدهم ان يعشيوا حياة هانئة أكثر و مستقرة أكثر، كما اريد من هذه الاسطر أن تزيد الوعي الجنسي حول هذا الموضوع و أن نكسر حاجز التوتر و الخوف حوله و ان نتشجع للذهاب لإستشارة الطبيب النفسي،



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات