فاقد الدهشة ينعى الزمن الفطري،،،؟


- ُللتذكير ، فاقد الدهشة أنا وأنا فاقد الدهشة وكلانا في الهمّ شرق،،،!

- ومن نَكَدِ الدّنْيا على الحُرّ أنْ يَرَى, عَدُوّاً لَهُ ما من صَداقَتِهِ بُدُّ.

- من هذا السياق الذي باغتني به صديقي اللدود ، شعرت بالغباء لأني بقيت حياً لإعاني تعقيدات عصر التكنولوجيا ، وأشهد حال هذه الأمة "العربية الإسلامية" التي يُفترض أنها خير أمة أُخرجت للناس ، فيما أضحى حالها اليوم كما هو حال الغُراب ، الذي حاول تقليد مشية الحمامة حتى نسي مشيته ، وحين حاول الغراب العودة لمشيته لم يفلح ، فراح يقفز "ينط" وهو مايزال كذلك وسيبقى إلى ما شاء الله ، وهنا يتوقف فاقد الدهشة عند المفصل السوري ، الذي هو الآن قيد النط بحثا عن جنسية "الكبش المرياع،،،!!!" ، هل هو أمريكي ، روسي ، أوروبي ، تركي ، فارسي ، مجوسي أم هو يهودي،،،؟ .

الذي سيقود القطيع العربي ، لمعالجة الوضع السوري بهدنة أو وقف إطلاق النار ، وتحديد من هو الإرهابي ومن هو المعتدل ودواليك من العك ، فيما تعرفون وما لا تعرفون،،،يا واللّيه ويا حسرتاه،،،؟؟؟

- كاد فاقد الدهشة أن يرفشي بمؤخرتي ، حين سألت بسذاجة إن حدث وظهر بشار الأسد هو المرياع،،،! وهو ما دفع اللدود إلى موجة غضب ، إختلط فيها الضحك مع البكاء ولم يتوقف إلا حين وصل الحشري ، يحمل صينية الفطور ، إبريق الشاي ، دلة القهوة وعلب السجائر ، وما أن إستعد الجميع للبدء بتناول الطعام ، وإذ بالأعرج يُطل مبتسما وهو يطرح السلام ، الأمر الذي أغاظ اللدود حتى صرخ في وجه الأعرج قائلا ، عن أي سلام تتحدث ونحن غارقون في الدماء،،،؟ ، تعال إمهط حمص ، فول ، مسبحة وفلافل ، فلا سلام على الطعام .

وحذاري أن ينطق أي منكم بكلمة تُعكّر المزاج ، لأني
تَعِبٌ وأنا مقهور ، طفران ، مغلول ، زعلان ، مستاء وبدي أنفجر،،،وإذ بالجميع يسألون لماذا...؟ فأجاب اللدود لإني لم أعد أفهم شيئا ، وبات يجدر بي العودة إلى المدرسة وصف البستان ، في هذا الزمن الدموي الذي لم تعد فيه فوارق بين الوحوش وبين البشر ، أم أنكم لا ترون أن الكل يقتل الكل ، ولم تلاحظوا أن الحابل إختلط بالنابل،،،؟؟؟ ، وهكذا لم يعد بمقدوري إحتمال هذا الحال وما يجري لنا من الويلات ، التي سببها ضعف غالبية الحُكام العربويين والإسلامويين وقلة حيلتهم .

أم أنكم لم تدركوا بعد أن للإنسان قُدسية لا يجوز العبث بها ، كما هو المشهد العربي الآن في فلسطين ، سورية ، العراق ، ليبيا ، اليمن وغير مكان تسيل فيه الدماء العربية والإسلامية بأيدي المحتلين ، الطغاة والطامعين الذين يعملون لحساب اليهودية العالمية ، والدليل على ذلك أن حُكام الخذلان قد أضاعوا الديك العربي الإسلامي لاحقا كما ضاع الديك الفلسطيني،،،!!!

- إسمعوني بنو قومي وقد هرمت كما هرم المناضل التونسي ، الذي ردد عبارة هرمنا هرمنا،،، ولأني أشعر بالإحباط ، بات يداعبني الخيال مجددا أن أعتكف في العالم الماورائي ، وأن أعود إلى الطبيعة ، لعلها تُهدئ من جنوني ، ولكل من ينتمي لقبيلة فاقدي الدهشة حق مشاركتي هذا الإعتكاف ، والعيش مع أقراني البسطاء والفطريين ، وكما سبق لي ذات زمن ، العيش في كهف في الشتاء وعريش في الصيف .

فأنا أغبط أولئك الذين لم يتلوثوا بالمدنية الزائفة ، ولم تصيبهم التقنيات بأمراضها ، لا يخضعون لمعادلات السياسة ولا ينشغلون بصراع القوى ، لا يعنيهم ما جرى أو سيجري من مناكفات بين الحكومات ومجالس النواب ،لا يأبهون لصراعات النفوذ على المناصب ،غير معنيين من أين يأتي الغاز، لا يهتمون بالأسماء أو الألقاب ، متحررون من القيود ، أحرار بالفطرة وفي سبل العيش وبساطته ، قانعون بما تيسر لهم من رزق مهما يكن مستوى الضنك ، لا يلهثون وراء الأوهام والسعادة المصطنعة ، فهم في حالة إيمان وقناعة ، تنحسر أفراحهم وأحزانهم في محيطهم وضمن واقعهم ومقتنياتهم على محدوديتها ، يتعايشون مع الطبيعة وتقلبات الطقس ، في سياق البحث عن حماية أنفسهم وممتلكاتهم من حيوانات ودواجن من الحرارة والبرودة .

يتحسبون للغد بلا هلع ولا يرتعبون من حدث قادم ، فهم مؤمنون وقدريون ،وفي ذات الوقت لا يرمون أنفسهم للتهلكة ، يؤمّنون حظائرهم ويغلقون أقنان الدواجن ، ينامون بعيون الذئاب ، ويُفعّلون الموروث وما تناقلته الأجيال في تربية ابنائهم ، على القيم الإنسانية الفطرية ، الصدق ، التعاون ، العمل ، الرجولة ، الشهامة ، الكرم ، الذود عن الحمى والحب ، التعايش مع الواقع وليتعلموا الوداعة من الحمل ، اليقظة من الديك ، المثابرة من النمل والصبر من أيوب عليه السلام ، ربيعهم خبيزة ،شيح ،دحنون ، شقائق النعمان وخضرة وأعشاب ومراعٍ خضراء للأنعام ، لا علاقة لها بما يهذر به المعارضون أو الموالون ، ولا يعنيهم صراخ الأزلام ولا صرير الأقلام.

- إنهم الإنسان ،أعلى مراحل الحياة ، إنهم الطبيعة ، يمارسون الحب الفطري بغير تكلف وبدون
تنميق ، بلا ورود حمراء في 14 شباط ، إنهم الأرض والزرع ، حليب ولبن وثغاء ، دجاج ينق وديك يصيح في الفجر ، كلب يعوي ،حمار ينهق وحصان يصهل ، بعير يرغي وناقة تنيخ ، عربود في الجمر وإبريق شاي ، سنابل القمح والشعير وهطل الندى في الفجر ، لفح القيظ والأشمغة والناي وأهازيج المساء ، حكايات حول الموقد ، دلال قهوة وهيل وترحيب بالضيف وحماية المستجير ، دفء الفراء ونوم براحة البال في ضوء القمر ، في ليل بهيم أو على إيقاع المطر ، صراع محبب مع الطبيعة بلا تذمر من مجريات الأقدار ، لا بغضاء ولا حسد ، تعاون وتناغم وتقسيم أدوار يمارسها الجميع ، الرجال والنساء ، الكبار والصغار.

- هذا المشهد الفطري ، حيث يعيش الإنسان على إيقاع الطبيعة البكر ، يأتي نقيضا لما أصبح عليه البشر في المدن عامة والعواصم خاصة ، فالناس في المدن يغرقون بالتفاصيل ، تقتحمهم الأخبار ويندمجون بتفاوت في مجريات الأحداث السياسية ، الإقتصادية ، الإجتماعية والأمنية في الداخل ، الإقليم والعالم ، وهنا يبدأ المشهد الإنساني بصورة أخرى وربيع مغاير ، حياة معقدة ولاهثه ، لدرجة أن البعض يعيشون حالة صراع مع الذات ، لا يتوانى واحدهم عن قتل أخيه ،تبشيع صورته ، إغتيال شخصيته وتدمير سمعته لأتفه الأسباب،وفي سبيل مصالحهم يتغولون على الحقيقة ، يقوْلبون الصحيح ، يخلطون الحق بالباطل ، يشوهون النقاء ، لا يفرقون بين الشياطين والعلماء ،ينتشون بأفعال الطغاة ويسفهون الحكماء ، ويا حسرتاه أن بين ظهرانينا بعض من نفر أطاحت بهم لوثة الأنا ، يتخبطون لحد كره الذات ، يبحثون في ثنايا الحقد عن إختصاصي لتفصيل الوطن ، طولا ، عرضا ومربعات على مقاس هذا المريض بالأنانية أو ذاك الدعي بالوطنية ، ليبقى الفطريون على حالهم يكدحون بالرضا ، ينعمون براحة الضمير ، في كهف في الشتاء وعريش في الصيف . لهذا أُغبطهم.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات