الاستفاقة المتأخرة على "خازوق الانتخاب"


كتب : ايهاب سلامة - استفاق بعض النواب والسياسيين مؤخراً على مشروع قانون الانتخاب المنظور الان أمام البرلمان، بعد شهور طويلة من المناقشات الحكومية، منها ما كان صورياً شكلياً، واخرى جادة، مع قوى سياسية وحزبية وبرلمانية ومؤسسات مجتمع مدني، كان عرابها ومنظرها، يساري الحكومة ووزير تنميتها السياسية الدكتور محمد الكلالدة، الذي نجح بدوره في تسويق مشروع قانون حكومته الى حد كبير، لغياب اطراف سياسية مقابلة، مؤطرة وضاغطة، تحمل مشروعها السياسي، ورؤاها الخاصة، بقانون انتخاب مواز للقانون الذي أنتجته الحكومة، فـ ساد ما أعدته الحكومة في مطبخها، على فوضى رؤى الشارع السياسي المبعثرة.


ولكي ندخل في رؤوس بعض المتخوفين بل الخائفين على مستقبلهم البرلماني من القانون الجديد، ينبغي تشريح جزئية هامة للغاية من مشروع قانون الانتخاب، وهي أن المترشح للانتخابات القادمة لا يمكنه ذلك بشكل مستقل، بل عبر قائمة مكونة من مجموعة مرشحين، الأمر الذي خلط أوراق وحسابات الطامحين بالعودة للبرلمان وأربكهم ..

فنظام القائمة يعني بالحسبة الدقيقة أن التنافس سيكون مع قوائم اخرى، وفي ذات الوقت، مع مرشحين من ذات القائمة (!) ، الأمر الذي يزيد من تعقيد فرصهم بالفوز، وهو ما فتح نيرانهم على القانون الان بأثر رجعي، بعدما استفاقوا على كابوس بخازوق لحساباتهم.

وبوضوح.. فأن المرشحين "المتنفذين" الطامحين بالعودة الى البرلمان الثامن عشر، الذين وجدوا أنفسهم أمام معادلة انتخابية محيرة، سيلجؤون لملء قوائمهم الانتخابية بمرشحين قادرين على حصد أصوات محسوبة ومدروسة وكافية، تضمن دخول قائمتهم أولا في دائرة المنافسة والفوز، وتضمن ثانياً تسخير ذات المرشحين في قوائمهم كـ "ادوات رافعة" لمنسوب أصواتهم، وبذات الوقت، ضمان عدم حصول أي منهم على أصوات أعلى من أصواتهم.!

هي معادلة صعبة للغاية، ومعقدة، ومع لغات التخوين المرتقبة، وانعدام الثقة في عوالم السياسة، بدأ بعض حيتان الانتخابات، بمراجعة حساباتهم بشكل متأخر، ورأوا أن ادراج "قائمة وطنية" في القانون الجديد، هي المهرب الأسلم لهم من هذا القانون، والأجدى بالنسبة لهم .!

فالقائمة الوطنية تبعدهم أولاً عن دوائر انتخابية ضيقة مرشحوها من ذات البيئة المجتمعية، وربما تكون فرصهم في الفوز متساوية معهم وتزيد، في سباق ماراثون الحصول على "الرقم واحد" في ذات القائمة، لتخرجهم الى مستوى دوائر المملكة الانتخابية كلها، وهو أمر يقتصر النجاح فيه أما على أحزاب كبيرة، ومعلومة، أو على من يمتلكون المال والقدرة على الصرف والبذخ الانتخابي، وهم هنا قادرون وفرصهم بالفوز أكبر بشكل مؤكد.

اذاً، الحسبة في قانون الانتخاب الجديدة لمن استفاقوا عليه الان ليست لضعف أو قوة قانون الانتخاب نفسه، بل لمخاوف مرشحين بأن يطرحهم ذات القانون الذي طبلوا له وزمروا قبل أشهر، خارج اللعبة البرلمانية، فتداركوا الامر متأخرين، قبل الاقرار المتوقع للقانون بأيام عدة.

وفي كل الأحوال، فأن ضعف المؤسسة التشريعية وعقمها عن أنتاج برلمان قوي قادر على التشريع والمراقبة دون وصايات حكومية عليه، ودون "شراكات" مع السلطة التنفيذية المهيمنة عليه ازلياً، تبقى فرص وجوده وانتاجه شبه معدومة، مع التوقعات المؤكدة، باعادة انتاج ذات الوجوه، بعضها بأسماء مختلفة، في البرلمان القادم.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات