الخسارة في قانوني غُرف الصناعة والتجارة


توضع القوانين لغايات وأهداف عدة، تأتي في مقدمتها المساواة، فمن غير المعقول أن يُصاغ قانون يُقسم التجار والصناعيين إلى فئات طبقية من حيث الحقوق، ويساوي بينهم في الواجبات كما في قانوني الغرف التجارية والصناعية المؤقت والدائم المعمول بهما حالياً.

قانون الغرف الصناعية المعمول به حالياً يُلزم أصحاب الصناعات الصغيرة بالانتساب للغرفة والدفع لها بغض النظر عن رأس المال ولكن لا يعطيه حق الترشح والانتخاب إلى إذا كان رأس مال المؤسسة ثلاثون ألف دينار فما فوق مع وجود عشرة موظفين على الأقل مسجلين لدى الضمان الاجتماعي.

كذلك قانون غرف التجارة المؤقت رقم 70 الصادر عام 2003 والذي تجري المشاورات بشأنه، يُلزم التاجر بالانتساب لغرفة التجارة والدفع لها دون إعطاءه حق الترشح والانتخاب إلا إذا كان رأس المال خمسة آلاف دينار فأكثر.

هذه القوانين المجحفة، جعلت عضوية مجالس الغرف حكراً على أصحاب الصناعات والشركات الكبرى والفئة النخبوية ومطلبا مهماً لبعض رجال الأعمال، كونها تعطيهم مفاتيح لأبواب يُطلون منها على المجتمع، للبدأ بممارسة نشاطهم الخيري والاجتماعي كمرحلة انتقالية للمنصب التالي، ومنحتهم حق حضور المؤتمرات وإقامة الاحتفالات وسفريات توزع على أعضاء مجلس الإدارة وفق آلية يُتفق عليها فيما بينهم.

هذه القوانين جعلت مجالس إدارات الغرف الصناعية والتجارية على حد سواء عبئا على صغار الصناعيين والتجار، وليست صوتا لهم أمام الحكومة ومؤسسات الدولة كما كان مأمولا حين شُكلت، وحددت مشاركة هذه الفئة أي صغار الصناعيين والتجار بالدفع فأصبحوا مجرد رافد للخزينة ومصدر جيد للجباية دون تبعات.

هذه القوانين فرضت رسوم انتساب واشتراك، إضافة لرسوم تصاديق، جعلت من خزائن تلك الغرف تنتفخ بأموال أصبحت مطمعا لبعض المؤسسات الحكومية وشبه الحكومية. وهنا نسأل: أي قانون هذا الذي يُعطي الحق للغرف الصناعية والتجارية بتأثيث بعض المؤسسات الحكومية والتبرع لها لتقوية العلاقات الخاصة على حساب صناعيين وتجار لم ينتخبوهم ولم يوكلوهم بالعبث بأموالهم كما يقول المثل "يتعلمون الحلاقة على رؤوس اليتامى"!.

بأي حق تسطو غرفة تجارة الأردن على 15% من عوائد الغرف التجارية التي في المحافظات؟ ولماذا وأين تذهب تلك الأموال؟! وماذا تقدم غرفة تجارة الأردن لتجار الكرك أو الزرقاء على سبيل المثال مقابل ما تقتطعه من أموالهم؟
ماذا قدمت الغرفة التجارية والصناعية على حد سواء لصغار الصناعيين والتجار؟ وهل مدت يد العون للمتعسرين منهم أو تحركت لإنقاذهم من الضرائب المتتالية والمتتابعة التي أثقلت كاهلهم وأغرقتهم في التمويل والقروض وأصبحوا بسببها على وشك الانهيار؟!

نحن لا نطالب بإغلاق تلك الغرف، ولسنا ضد أعضاء مجالس إداراتها بل نريد تفعيل دورها وإعطائها مزيدا من الصلاحيات ولكن وفق أُسس صحيحة وعادلة يراعيها المشرع عند وضع القانون.

فمن باب أولى أن يراعي القانون حقوق شريحة كبيرة تدفع وتحرم من حقوقها بأن يكون الاشتراك للمؤسسات الكبيرة إلزامياً وللمؤسسات والمحال الصغيرة اختيارياً. وفي حالة أبقت القوانين على إلزامهم أي صغار الصناعيين والتجار بالانتساب والاشتراك والدفع فيجب أن يكون لهم حق الترشح والتصويت.

أما إذا أصرت الحكومة على عدم السماح لهم بالترشح والتصويت مع إلزامهم بالانتساب والاشتراك فعلى الحكومة أن تعفيهم من دفع الرسوم.

في ذات السياق نتمنى على المشرع أن يوقف تغول غرفة تجارة الأردن على أموال الغرف التجارية في المحافظات أو تحديد نسبة الاقتطاع "الجباية" بخمسة في المائة كحد أعلى.

كذلك نتمنى كف يد المؤسسات الحكومية وشبه الحكومية عن أموال تلك الغرف من خلال وجود مواد في القانون تحدد مساهمات الغرف التجارية والصناعية من حيث المبالغ والجهات المستفيدة من تلك المساهمات أو التبرعات.

أيضا آلية انتخاب الرئيس من بين المجموعة التي تنجح وفق القانون الحالي قد عفا عليها الزمن حيث أصبحت النقابات والبلديات ومعظم الهيئات الخدمية والتطوعية يتم فيها انتخاب الرئيس بورقة منفصلة، كي لا يرتبط وجوده بمقدار ما يقدم من إرضاءات للأعضاء وأن لا يخضع لابتزازهم في حالات أخرى.

في الختام نقول: هذه بعض الملاحظات التي فاضت بها صدور أصحاب المؤسسات الفردية والصغيرة وتركت في حلوقهم غَصة، نضعها على طاولة اللجنة الاقتصادية في مجلس النواب والتي تقوم بإجراء المشاورات الحالية بشأن تعديل القانون.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات