غرفة الخادمة لا تفي بالغرض


انها ربما أكبر كارثة ثقافية تواجه كادر التصميم الهندسي بالمملكة الأردنية الهاشمية، و ربما قد تكون من أكبر الكوارث الثقافية التي تواجه مسيرتنا في بلدنا الحبيب الأردن...بأن غرفة الخادمة لا تفي بأبسط الأغراض الإنسانية على الإطلاق، فأثناء بحثنا انا و عائلتي عن شقة معروضة للبيع...فأخيرا قرر شقيقي شراء عقار سكني، فيحلم مثل باقي الشباب بأخذ هذه الخطوة الإيجابية نحو الزواج و الإستقرار الأسري، و ابتدأت رحلة بحثنا عن عقار يناسبه و يناسب طموحه الإجتماعي، فزرنا أنا و أهل بيتي عدة مشاريع اسكانية تعرض شقق للبيع و بمساحات مختلفة على أمل أن نجد عقار مناسب له و لطموحه الإجتماعي، فمن شقق بمساحات 150 متر مربع الى 190 متر مربع و 220 متر مربع تنوعت العقارات و مساحاتها و عدد مرافقها و هندسة العمار في الأحياء السكنية في عمان عاصمتنا الحبيبة لتزدهر مدننا بارقى التصاميم الهندسية على الإطلاق، فلهث لساني للنهضة التي تشهدها أسواقنا بهذا القطاع فكنا ندخل الى بعض الأحياء السكنية و نرى بنايات تمتاز بتصاميم جميلة تجذب الناظر اليها و تشجعه لكي يدخلها ليعاين الشقق المعروضة للبيع بها، و صدقا للذي يريد شراء عقار بهذا الجمال يجب أن يتوقع أسعار غالية فروعة التصميم و البنيان ستفرض هذه الأسعار الخيالية و لكن...هذه ليست نقطتنا على الإطلاق فاصطدمت بكارثة تنتشر بصورة عشوائية بهذه الشقق التي فعلياَ شبهت روعة بعض منها بقصور ألف ليلة و ليلة،

جميع مرافق الشقق التي عاينتها رائعة جدا، فلا تعليق على أحجام غرف النوم و المطابخ التي تنوعت بمساحتها قليلا نسبة و تناسب مع مساحة الشقة، و كانت الصالات بأحجام مختلفة و تصاميم جذابة من حيث شكلها و التقطيع الداخلي الذي يفصلها عن غُرَفْ الجلوس، و الشرفات التي كان بعض منها يطل على مناظر رائعة للأحياء التي بنيت بها...جميعها لا غبار عليها ما عدى غرفة الخادمة التي كنت أشعر بالصدمة حينما كنت أنظر الى تصميمها الفقير، فحتى الشقق المعروضة للبيع و التي بُنِيَتْ منذ فترة و المسكونة منها كانت تتضمن هذه الغُرَفْ الصغيرة التي لم تتجاوز مساحتها في بعض الأحيان و بحسب تقديري متر و نصف أو مترين في متر و نصف، و كانت الحمامات المرافقة لغرفة الخادمة في كثير من الأحيان متر في متر، فإذا وقف شخص داخل الحمام سَيُعَبِئْ مساحته بالكامل، حتى المساحات للخزائن في داخل الغرفة لا تتعدى متر واحدا فقط،

هل هذا كلام يا أجاويد؟ أن نَزُجً بالخادمات بهذه الغرف الصغيرة الضيقة و أن نسلب إنسانيتها من خلال هذه التصاميم التي لا تعطي للخادمة حقوقها الإنسانية و نطلب منها المبيت بها و أن تضع ملابسها بهذه المساحة الضيقة و أن تستعمل حمام ضيق بهذا الشكل؟ فكرت مليا بالأمر فرأيت أن المساحات المتوفرة لغرفة الخادمة مزعجة بالفعل و كأن الخادمة للمُصَمِمْ الذي يُصَمِمْ الشقق حيوان لا يستحق أن يعيش بغرفة على أقل متوسطة الحجم تستطيع أن تسير بها و أن تضع بها ربما طاولة صغيرة بجانب السرير المفرد الذي أظن أنه سيعبئ الغرفة بالكامل بحسب مواصفاتها الحالية، هذا تميز عنصري غير مقبول إطلاقاً...فالمشكلة بأننا لا نريد الإعتارف بأن هذه الخادمة التي تخدم في بيتنا هي إنسانة خلقها الرحمن تعاله مثلنا مثلها، و لها حاجاتها الإنسانية التي لا تختلف عنا كبشر، و هي مغتربة عن اسرتها تضحى بالكثير لتكسب لقمة العيش بكرامة، فتأتي لتؤمن قوتها و قوت ربما أسرتها في بلدها و تعمل في بيوتنا لأجل أن تعيش بكرامة كموظمة لها أجرها الشهري، فحتى أؤمن أن كلمة خادمة فيها تميز عنصري و كلمة موظفة منزلية بها احترام لإنسانية هذه العمالة الوافدة أكثر، فحينما تكرموها بغرف أوسع قليلا و مرافق أوسع قليلا بهذه الشقق أنتم تكرموا انسانيتها التي خلقها الله بها...فإكراما لهذه الإنسانية التي هي هبة راقية من الله لجنسنا البشري...فهل نستطيع تصميم غرف للخادمة تستطيع أن تتنفس بها قليلا؟ لا أطلب أن تكون بحجم غرفة كاملة فهذا يعود لأصول التصميم و للمساحات المتوفرة في الشقق نفسها...و لكن للنفس البشرية مهما كان جنسها و لون بشرتها و عرقها تكريمها عند الله، فالملائكة سجدت لآدم بالقرآن الكريم و قال الله بالإنجيل في سفر التكوين..."لنخلق الإنسان على صورتنا كمثالنا"، لم يستثني الله بالإنجيل عرق إنساني من هذه الآية...بل قال الإنسان و هذه الكلمة تجمع جميع جنس البشر بلا تفرقات إطلاقا،

إن إنسانيتنا هبة راقية من الله فالنجعل قلبنا مليئ بالرحمة الإلهية فهذه صفة من صفات الله الحسناء...الرحمة، فالطبقية و المقامات غير موجودة عند الله لأن في ملكوته تسكن قمة العدل المثالي فإذا لم نستقي من هذه العدالة الإلهية الكاملة فَمِنْ مَنْ نُكْمِلْ النقص بنا كبشر، من مفاهيم بشرية ناقصة مثلنا؟ لا أظن أن تهميش هذه النقطة من الحكمة إطلاقا، فالعدل و الرحمة ستجعل دنيتنا الإنسانية جنة راقية على الأرض لا غابة تُقْتَلْ بها إنسانية البشر، و الله و رحمته ولي القصد من هذه الكلمات،



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات