فكر وبندقية


كثيرا من الاوقات اطرح الأسئلة الصعبة بيني وبين نفسي حول كل شيء يلتف بي وبوطني وبأمتي , وقادني هذا للبحث والتقصي في قراءة الأشياء من حولي للوصول للسؤال الصحيح , وقد يبدو ذلك غريبا للبعض , لكن معرفة الحقائق , هي كعلاقة الخيط الذي يربط الانسانية بخيط المشيمة سرعان ما ينقطع , والحقائق لا تغرق ابدا , ولابد ان تطفو للسطح في نهاية المطاف , وتنطلق من منصات نفسك أسئلة كالحراب , يكفي التأمل فيها ومخر عبابها لإيصالك الى ادراك الجواب الصحيح في الوقت المناسب , واذ لم تسأل السؤال الصحيح , فلا يهم إن كان جواب سؤالك صحيحا , لأنه يجيب على سؤال مغلوط , والسؤال الذي لا يضر ولا ينفع , لن يعطي جوابا ينفع , والأسئلة التي لا تقاوم و لا تقاتل ولا تشاكس لا تفتح أسوار الحقيقة , فابحث دائما عن السؤال القوي , لأن ابواب الحقيقة لا تفتحه الا الاسئلة التي تسفك دم السجانين , ولا ينير قلب الحقيقة الا اسئلة لها قلوب كالفهود والاسود .

وقد راعني كثيرون في مدح القائد في مقال سابق اقول نحن في مرحلة صراع مستميتة والاخطار تطرق حدودنا حتى غدت ملتهبة والشظايا اصابت اهلنا في الرمثا وباختصار شديد أقول , لا يجوز شرعا الخروج على الحاكم نهائيا , رضي من رضي , وغضب من غضب , قولا واحدا القي به ربي , وما اكتبه فقط للإصلاح فقط , وعليه يجب توحيد الجبهة الداخلية بالحفاظ على تناغم وانسجام وحدتنا الوطنية وكلنا كقبضة رجل واحد ونقطع الاصبع المصاب بالغرغرينا .
ويؤسفني القول ان الثقافة المشرقية هي ثقافة تسلط و نفاق وعبودية وديكتاتورية تستأسد عندما تنفلت من عقالها فهل تحتاج مجتمعاتنا الى لقاح عصري ضد النفاق والكذب والتدليس والتجبر وقلب الحقائق هل يحتاج اهل الاسلام الى إعادة أسلمة شاملة بعد أن اصابهم الخواء الفكري والتبلد الاجتماعي والوهن وهل يجب ان نُدخل مجتمع المسلمين من جديد للمدرسة ليتعلموا حروف الرحمة بعد أن تعلموا العزف بالمفخخات و بالسكاكين على الرقاب .

ليس جديدا على ارض الحجاز وبلاد الشام ان تلد البواسل والشجعان والشهداء والابطال فمن على فجاجهما خرج جيش الفتح الاسلامي فخضعت له بلاد السند واهل طشقند وأطفأ نار المجوس بماء الوحي في زمن الفاروق عمر رضي الله عنه واذعنت الارض للتوحيد رسالة الله للبشرية فنشر العدل والسلام والتسامح واخُذت اموال الزكاة من الاغنياء وردت على الفقراء, في عدالة عجيبة اذهلت الارض ببعثة النبي العدنان سيد ولد ادم النبي القدوة , والقائد المسدد الذى لم ينطق يوما عن الهوى , ان هو الا وحي يوحى , صلى الله عليه وسلم , واستفاقت الارض على وقع صهيل خيولهم ونفوسهم التي تجمح لرضا الرحمن بدمهم الزكي فراشا لرضى الرحمن وغطاء بإدخالهم جنات عدن التي وعد عبادة المتقين .

ومن ثمار هذا التحشيد للباطل استقبلت اوطاننا ارتالً من عسكرة الصفويين الرافضة و التكفيريين والخوارج والمتخندقين في خنادق اعداء الامة ثنائيي الولاء والانتماء , فلم تعد تعرف من تزاحم وتتابع الفتن واقبالها كقطع الليل المظلم هل الشرق غربا ام الشمال جنوبُ , الا بفهم النصوص فهما صحيحا يتصدر فيه العلماء وطلبة العلم والحفظة والغيارى والنشامى والمفكرين والكتاب والاحرار للتصدي للموجات الفكرية العارمة القائمة على الفكر والبندقية وادراع الحديد , وكلها تزحف باتجاهنا وباتجاه بلاد الحرمين وتترنم بأمجاد القرامطة الذين ذبحوا الحجيج وهم في ملابس احرامهم وسعوا في الارض فسادا وذبحا وسحلا بالمسلمين نتاجا انحطاطيا وعنصريا طائفيا فاقع القبح ولجاجة وفجاجة لم يعرفها التاريخ.

ودخلت امتنا اليوم منحنى خطيرا جدا عندما نهشتها كلاب الخوارج ويهود ورافضة والتكفيريين فدب في عروقها الوهن حب الدنيا وكراهية الموت فارتفعت مداميك الخذلان والفكر الضآل والاسلام المزيف على مقاس اعداء الامة فاستباحوا النصوص وقصقصوها بما يتناسب معهم بعمائم سوداء وبيضاء وثياب طلس فلم ينجو احد من هذا الوبال وقطعت رؤوس بريئة تصرخ عند ربها حتى شيخ الاسلام المجاهد ابن تيمية لم ينجو من افكهم وضلالهم , وكُفرت الامة على بكرة أبيها , رغم ان ديننا الحنيف دين وسطي قائم على ايصال رسالة الله للناس بوصية الهية , وجادلهم بالتي هي احسن , فلم نرى عاِلمً واحدا يتحدث ويتصدر نيابة عنهم ويقارع بالحجة والدليل والبرهان انما تصدر غلمان وكذبة ولات وعزى لا زالوا في مرحلة الخداج الفقهي , والخاسر الوحيد اهل السنة في العراق والشام الذين تم استعداء العالم عليهم في مخطط جرمي تقوده فئات منظمة امام قطعات أهلية غير منظمة , حتى لحق الشام بالعراق ذبحا وتشريدا , فنزح الملايين وهتكت الاعراض وجاس الرافضة خلال الديار فلم يبقوا ولم يذروا فسادا الا وفعلوه ولكن الامل بالله ثم بحديث النبي
فعن خريم بن فاتك الأسدي قال : أهل الشام سوط الله في الأرض ، ينتقم بهم ممن يشاء ، كيف يشاء ، وحرام على منافيقهم أن يظهروا على مؤمنيهم) رواه أحمد.
واقول للأنظمة العربية المتثائبة التي تعيش وسط اشرعة النار والله لا نجاة لكم الا بالاعتصام بالكتاب والسنة واعداد جيلا يتدفق قلبه بالقران والايمان بعيدا عن الغلو والتطرف والفكر الحائر, والتكفير الجائر , ولتفتح منابر للحوار الوطني القائم على المصالحة مع الله , واصلاح الدول من الفساد الاخلاقي والاقتصادي لكي نركب سويا سفينة النجاة .

ولكن اراده الله تقودنا والاكف المتوضئة لن يخذلها الله في تجميع اهل السنة في ارض الملحمة في الشام تحت قيادة واحدة تمهيدا للملحمة الكبرى فكرا وبندقية .

فعن أبي الدرداء قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " بينما أنا نائم ، إذ رأيت عمود الكتاب احتمل من تحت رأسي، فظننت أنه مذهوب به ، فأتبعته بصري فعمد به إلى الشام ، ألا وإن الإيمان حين تقع الفتن بالشام "

حفظ الله امتنا واردننا وقائدنا .



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات