سوريا والقادم!


لا أحد يستطيع أن يزاود على الاردن وشهامة الاردنيين. نقطة وسطر جديد...!

فمنذ تأسيس الدولة بل ومن قبل ذلك كان الاردن موطنا لكل العرب الذين لاذوا بالاردن من شتى بقاع الارض. بل وأكثر من هذا حين قدمت قبيلة الشابسوغ الشركسية عبر تركيا إلى دمشق ثم من هناك إلى عمان واستقروا فيها. وبعد هذا وصلت مجموعة من الشيشان من تركيا إلى الأردن ما بين الأعوام 1888 - 1905.

كما بدأت الهجرات الشامية إلى عمان قبل تأسيس الإمارة، وبالتحديد بعد عودة الدولة العثمانية وبسط نفوذها على عجلون والبلقاء والكرك في النصف الثاني من القرن التاسع، حيث كان الانتقال من دمشق ونابلس والسلط وطرابلس إلى عمان انتقالا داخليا وليس هجرة خارجية. هذه القبائل الشركسية والشيشانية والأرمنية والفلسطينية والشامية والكردية والمصرية والعراقية وغيرها لم تعش في الاردن كلاجئين بل كجزء فاعل ومحترم ومصون الكرامة في المجتمع الاردني. والان اختلطت الانساب وأصبح البيت الاردني متشعب النسب ليصبح الجميع عائلة واحدة.

الاردن البلد العروبي الذي تتشكل عاصمته "عمان" من فسيفساء عربية واسلامية قل نظيرها في العالم العربي والاسلامي. بلد لم ينوء بحمل استقبال المزيد والمزيد من المهجرين قسرا من اوطانهم، لأن الدم العروبي في عروق الاردنيين يرفض أن يلجأ لهم لاجئ ولا يغيثونه ومن هنا كانت قبائل الاردن تعتز دائما بكونها تحمي اللاجئ أو "الدخيل" أو الطنيب، أو الطريد حتى أن بعضها مثل قبيلة بني حميدة يسمى بعز الطنيب كلقب لها وفيها قال الشاعر:

عز الضعيف لو اعتلتها المساعي...... زبن الدخيل لو تحدوه طلاب

واليوم يكثر اللغط عن اللاجئين السوريين وتهم تتطاير هنا وهناك بأن الأردن سيوطن اللاجئين السوريين. والسؤال الاهم هو هل سيقبل السوري أن يوطن في الاردن فيما لو حلت الازمة السورية؟ وما هي مصلحة الاردن بتوطين الاخوة السوريين؟

المشكلة اقتصادية بحتة والخوف اقتصادي بحت. والحوار الذي يدور هو لماذا يتم تشغيل السوريين؟
وهنا أذكر نفسي وأخوتي بمن هي سوريا. سوريا هي مملكة أوغاريت، ومملكة تدمر، وارواد. سوريا هي حضارة السومريون، والأكاديون، والكلدان، والكنعانيون، والاراميون. سوريا هي حضارة ايبلا التي ظهرت سنة 3000 قبل الميلاد. سوريا هي الموطن الاول... لشجرة الزيتون. سوريا هي مسقط رأس الامام الشافعي، وابن تيمية، وابن النفيس أول من أكتشف الدورة الدموية. سوريا هي موطن سيف الدولة الحمداني الذي لذ للمتنبي العيش في جواره.

ومن هو السوري؟ السوري هو دمشق، وحلب، وجبل العرب، ومعركة ميسلون عام 1920 والثورة السورية الكبرى ضد المستعمر الفرنسي. انسينا دمشق؟ وحلب؟..."انسينا" أن سوريا قاتلت في ال 67 والـ73 وقدمت دماء أبنائها ضحايا في سبيل مجد الامة العربية.

وأنا هنا أسأل الشعب الاردني سؤالا؟ لو لا سمح الله كنت أنت من تم تهجيره، أستقبل أن تعيش في أي بلد آخر من غير أن تعمل؟ أمن العدل أن يكون هنا سوري قادر على العمل ولا يعمل؟ أمن الانسانية أن نضع قيودا على عمل السوريين؟.

الأردني لم ينسى ان السوري هو الجار الكريم منذ الأزل لذا لن يفرض عليه أن يعيش عالة بل سيفتح له بلاده وسيعينه على ابتلاءه لأن ما ابتلي به الشعب السوري هو فوق قدرة كل بشر. من هنا حرصت الاردن وبقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين على أن تتيح فرص عمل للسوريين مع محاولة أن لا يتأثر حظ الاردني في سوق العمل. لقد رفض العالم استقبال جميع السوريين المهجرين وهذا فخر لنا كاردنيين بأن استقبلناهم، فدعونا نكمل المشوار ونعينهم على هذه المحنة.
وأقول ما قاله المتنبي في مدح سيف الدولة الحمداني:

عَـلَى قَـدرِ أَهـلِ العَـزمِ تَأتِي العَزائِمُ
وتَــأتِي عَـلَى قَـدرِ الكِـرامِ المَكـارِم
وتَعظُـم فـي عَيـنِ الصّغِـيرِ صِغارُها
وتَصغُـر فـي عَيـنِ العَظِيـمِ العَظـائِمُ



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات