"هدية" من غزة أيضا ..



في غزة: قرأ الكون موسوعات من المعاناة الإنسانية ، ومازال يقرأها:اجترارا وذهولا وصدمات حسيّة عنيفة ، وعلى الرغم من كل نظريات التنكيل والتعذيب الصهيونية التي تم تطبيقها على أهل غزة ، إلا أن العدو المجرم لو فكّر وقدّر ونظر لتراجع عن أفعاله تلك ، فتأثير هذه الدروس على أهل غزة ، وعلى الشعب الفلسطيني البطل ، وعلى كل فرد في هذه الأمة ، بل وعلى كل إنسان حر في العالم ، سيكون تأثيرا مناقضا لأهداف النظرية الصهيونية العنصرية المجرمة ، فثمة "هدايا" تنويرية وتربوية وتعبوية تنطلق من خلال هذه المعاناة لتبني ثقافة راسخة في كل نفس إنسانية ضد الإجرام الصهيوني العنصري الحاقد ، وهنا نذكر تلك المعاني التي استلهمناها من أشلاء الأطفال الذين تم حرقهم بالأسلحة الصهيونية الفتاكة ، وهناك قائمة طويلة من أسماء أطفال استنفروا كل معاني التعاطف مع القضية الفلسطينية.. ولدينا هنا كذلك "هديّة" وجميلة:

هي طفلة من غزة أيضا:واسمها هدية ، عمرها عامان ونصف ، وشاء القدر أن يكتب في جسدها قصة معاناة وقبل أن تنجبها أمها ، فهدية طفلة تعاني من متلازمة من الأمراض والتشوهات الداخلية ومنذ ولادتها ، وهي تشوهات قالت بشأنها جهات طبية بأنها خلقية ناتجة عن إشعاعات ومواد كيماوية استخدمتها عصابات الاجرام الصهيونية ضد بشر وحجر وهواء وإنسان غزة..والحكاية مستمرة وطويلة.

منذ حوالي شهرين ، غادرت هدية وأمها غزة ، ضربا في الأرض بحثا عن علاج لهدية الطفلة الجميلة ، وذلك بسبب تفاقم وضعها الصحي الذي رافقها منذ ولادتها ، حيث أجري لها عمليتان جراحيتان في أيام قدومها الأولى لهذه الدنيا ، واقتضى برنامج علاجها إجراء عمليات جراحية أربعة أخرى ، في النخاع الشوكي وفي الأقدام وفي العيون والأحشاء ، وهاهي الطفلة الجميلة البريئة ، تقيم مع والدتها في مدينة الحسين الطبية ، بعد رحلة مضنية على المعابر ، وتحت وهج صراعات الأشقاء ووهج المنابر..

تقول أم هديّة:أنا تركت أطفالي الأربعة موزعين على عدة بيوت ، وهي المرّة الأولى التي أخرج فيها من غزة ، وعانيت كثيرا حتى وصولي الى هنا ، لكنني رأيت ما خفف عني كل هذه المعاناة ، فالمعاملة الحسنة التي تلقيتها من الأردنيين خففت عني كثيرا ، وهي حقيقة كنت أسمع عنها ، من خلال ماتقوم به الأردن ملكا وملكة وحكومة وشعبا تجاه أهل فلسطين عموما وأهل غزة خصوصا ، لكنني عشتها بكل تفاصيلها في زيارتي هذه ، وعلى الرغم من سوء الحال إلا أنني أشعر بأن "هدية" في أيدْ أمينة وفي حماية الملك عبدالله الثاني وفي رعايته ورعاية الجنود الأردنيين النبلاء ، و"لو كنت أملك أن أمنح وساما في الشرف والنبل لوهبته لشرطي أردني لا أعرفه"ساعدني على الحدود ، وأشعرني بأن الأردن هو رمز الكرامة الفلسطينية ورمز الأخوة الأوحد مع الشعب الفلسطيني.. أنا لا أحسدكم على هذه القيادة الشريفة وهذه المواقف العزيزة ، لكنني أتمنى لو شعر كل العرب مع الفلسطينيين ووقفوا معهم في محنتهم كما يقف الأردن ، لو تم ذلك لما كان هناك قضية فلسطينية ولا احتلال.

الطفلة "هدية" تحتاج لمزيد من رعاية أردنية ، وتتمنى أمها أن تحوز طفلتها على شرف هذه الرعاية الصحية من قبل الجهات الأردنية الطبية ، لكنها كغيرها من الشعب المحاصر ، فالحصار لم يبق ولم يذر ، لكن الأردن هو شريان الحياة الفعلي للشعب الفلسطيني في غزة وسائر فلسطين ، والسيرة الأردنية الهاشمية هي الكتاب المفتوح الذي قرأنا فيه جميعا ، وتعلمنا دروسا من الإنسانية والبطولة والشعور مع الأخ ..

من يتولى نفقات علاج الطفلة الجميلة "هدية" وإجراء كل ماتحتاج من عمليات جراحية..

"هديّة" الطفلة الغزاوية عافاها الله تحتاج لمثل هكذا هديّة.

فهل تمتد إليها يد خير أردنية؟،.

 

ibrahqaisi@yahoo.com

 


التاريخ : 30-12-2009
 



تعليقات القراء

رنا
سلمت يا استاذ ابراهيم على هذه الكلمات الصادقة التي تعبر عن مشاعر انسانية عظيمة جدا واقسم انني بكيت مرتين وأنا اقرأ مقالك هذا ومقالك (امرأة في مهب القسوة) فعرفت كم أنت حساس وإنسان تشعر مع الفقراء والبؤساء إنني أحترمك جدا وأريد أن أعبر لك عن هذا الاحترام بتعليقي البسيط
07-01-2010 08:38 PM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات