رحمك الله أبا عبدالله


غدا هو السابع من شباط ، ذكرى مرور ستة عشر عاما على إنتقال ملك قلوب الأردنيين الى رفيقه الأعلى ، يوم حزين وفاجعة كبرى ألمّت بنا حتى كنت ترى الجميع باكيا ودامعا ومشدوها لا يصّدق الخبر ولكنها إرادة الله ولا رادّ لقضاه ، عملت قريبا من جلالة الراحل الخالد لفترة قاربت الخمس سنوات كقائدا لحرس الشرف كانت عيناي تكتحل برؤية طلته البهية صباح كل عيد عندما نؤدي له المراسم الملكية وأكون بذلك أوّل من يحظى بمصافحته وكان يتجّه الى الجنود ليبادلهم تهنئة العيد وكثيرا ما كان يأمرني أن أبلغهم مشاعره معهم في ذلك اليوم حيث من المفروض ان يكونوا مع ذويهم وأهليهم ولكنها الإجراءات البروتوكولية التي لا بدّ منها ، أذكر أنه وأثناء إستقبالنا لملوك ورؤؤساء الدول العربية الذين شرّفوا الوطن بمؤتمر القمة العربي الذي عقد بأوائل الثمانينات وعندما إستقبلنا أكثر من زعيم شعر جلالته بمقدار الجهد ألذي بذلناه وبعد أن غادر موكب الزعيم الذي وصل للتو إلى مقر إقامته وإستعدادنا لإستقبال زعيم جديد وإذا بجلالته يتجه نحوي مباشرة فأمرت السرية بالتهيؤ ولكن جلالته أخذ بيدي وسرت معه لمدة زادت عن عشر دقائق سألني خلالها عن كل تفاصيل حياة الجنود ، معنوياتهم ، إدارتهم ، وسائل الراحة الميسّرة لهم وأي طلبات ممكن أن يوّفرها جلالته لهم وأمرني أن أبلغهم تحياته وتقديره على عملهم الرائع الذي عكس صورة الجيش العربي الناصعة البياض ، موقف لن أنساه ولن أنسى كلمات أبا عبدالله أبدا ، وبموقف آخر وأثناء إصطفاف حرس الشرف أمام قصر رغدان العامر لتأدية التحية لجلالته ولبعض السفراء المعتمدين أثناء تقبّل أوراق إعتمادهم وكان الشهر رمضان على ما أذكر عام 1982 وإذا بموظف التشريفات الملكية يتجه نحوي ويبلغني أن جلالة الملك سيتأخر قليلا عن الموعد ويأمرني بإراحة الجنود حتى قرب وصوله وأن هذه التعليمات هي من جلالته شخصيا حيث إتصل هاتفيا بمدير التشريفات ،

يا سيدي يا أبا عبدالله تتذّكر أن جندك مصطفين بإنتظار تشريفك وتشفق عليهم من طول الإنتظار ، أي إنسانية هذه وأي تواضع وخلق كريم ، مواقف كثيرة ومتعدده مع جلالته لذلك يحق لنا أن نبكيه حتى اليوم بعد مرور ستة عشر عاما على رحيله ، نبكي الإنسان المتواضع ورجل المواقف الرائع والقائد الصلب الشجاع والحكيم المتميز ، بكاه ليس أبناء شعبه فقط بل وكل من عرفه من رؤؤساء وبسطاء وعامة الشعوب ولن أنسى أبدا دموع جلالة خادم الحرمين الشريفين لحظة وصوله الى مطار عمان ولن ننسى أن جنازته كانت جنازة العصر وإذا كان لنا عزاء فهو فقط بعبدالله ، جلالة أبا ألحسين الذي يسير على نهج أباه ويحقق معجزة قيادية عزّ نظيرها والشواهد يبصرها حتى ألأعمى وفي كل المجالات وأولها ألأمنية ففي وسط منطقة ملتهبة نعيش حتى اللحظة بنعمة أمن وأمان وهذا لعمري يكفي ..... رحم الله جلالة الوالد وأمّد الله بعمر القائد وليحفظ الله الوطن.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات