السلسلة الثانية من رواية رغبة الإنتقام الجزء السادس


نظر سامح الشاذلي من حوله بإعجاب الى الأثاث العصري و الفاخر في شقة كارمن محمود السيد، كانت الشقة متوسطة الحجم تتألف من غرفتي نوم و صالة فسيحة و غرفةٍ للجلوس، و كانت هنالك شرفة فسيحة تطل على منظر أنيق لضفة من ضفاف النيل، طغت ألوان الأحمر و الأبيض على طقم الكنب الذي كان مُوَزًعْ في غرفة صالة الضيوف بينما كانت الخزائن الفاخرة المرافقة له بيضاء فقط و تملئها التحف الكريستالية الثمينة، طقم الجلوس لم يكن أقل أناقة من الكنب فقد كانت مقاعده الحمراء مفروشة بأناقة أمام شاشة تلفاز كبيرة و حديثة معلقة على الحائط، أحاط بطقم الجلوس طاولة وسط مستطيلة الشكل و طاولتين صغيرتين في كل من طرفي الجلسة و كان على كل منهما مرمدة دخان أنيقة جدا من الكريستال، كانت رائحة الكحول تنتشر بالأجواء مما دفعه أخيرا لينظر من حوله و هو يسير ببطئ في اروقة الصالات الكبيرة، لاحظ أن الرائحة كانت تضعف في غرفة الصالة و لكنها كانت تزداد قُوًةً كلما اتجه نحو غرفة الجلوس، و بعد دقائق معدودة من البحث شاهد على أحدى الطاولات الصغيرة زجاجة وسكي من دون غطاء من نوع بلاك ليبل، كان بجانبها كوبين احدهم ممتلئ بمادة الوسكي و الآخر به بقايا خفيفة من مشروب العرق، زجاجة العرق لم تكن ظاهرة على الطاولات من حوله و لكن استطاع تميز المادة من لونها الحليبي المميز، برزت علامات أحمر الشفاه على حافة أحد الكوبين بوضوح، كانت أحدا المرامد مليئة بأعقاب السجائر المتنوعة، لم تكن جميعها من نفس النوع فتلونت الأعقاب بين الأبيض و البرتقالي المصفر و البني مما أَخْبَرَهُ بأن أصحاب هذه الجلسة كانوا على الارجح ثلاثة أشحاص، ابتسم للمنظر فالمباحث الجنائية ستحلل بقايا اللعاب على أعقاب السجائر و بصمات اليد لمعرفة هوية كارمن الحقيقية و بعض من اصدقائها و هذه المرة بكل سهولة، فربما من كان بهذه الجلسة هم زملائها في الخلية التي تبحث عنها المخابرات المصرية،

انتقل الى المائدة في الصالة فكانت متوسطة الحجم يحيط بها ستة كراسي، كانت مصممة مع مقاعدها من الحديد الخالص و لونها على غرار غرفة الجلوس فالمقاعد لونها أحمر و الطاولة لونها أبيض، كانت الصالة مفروشة بسجاد ذو فروة سميكة بيضاء و ناعمة، فكانت قدميه تنعرز بمعمق في السجاد و هو يتجول في الشقة، أحاطت بالمائدة خزائن بيضاء انيقة ذات ابواب زجاجية معتمة بعض الشيئ، فتح باب من ابوابها و نظر الى ما بداخلها فأكتشف أنها مليئة بالتحف الأنيقة و صور كارمن مع من ظن أنهم اصدقائها، ابتسم قليلا حينما تنبه لصورتها مع وزير الخارجية المصري فقال في ذاته..."أكبر عدوة لمصر تجامل وزير الخارجية في صورة تذكارية...ياه لسخرية الاقدار، و لكن نهايتكِ وشيكة يا كارمن،"

المطبخ كان حديث التصميم و مرتب بالكامل، فلم يلاحظ وجود اي شيئ مميز أو ذات أهمية لهم كجهاز أمني، بعد نظرات خاطفة على محتوياته قرر أخيرا التوجه الى غرف النوم، فكان هدفه في نهاية المطاف ايجاد مكتب لها أو خزانة خاصة أو حاسوب ما يحتوي على وثائق شخصية أو اية أوراق قد تكون دليل لعملياتها مع خليتها أو تساعد الأمن المصري بالإمساك بها و بأعوانها، دخل أحدى الغرف فتبين له أنها غرفة نومها الشخصية، كان اثاثها أنيق جدا و لكنها لم تكن مرتبة بالكامل، فكان السرير عير مرتب و جرارات و ابواب الخزائن مفتوحة على مصرعيها، كان على السرير بعض من الثياب الداخلية و اثواب السهرة الثمينة، نظر الى داخل الخزائن ليجدها خالية من الثياب تماما، أدرك أن من كان هنا كان يرتب أمتعته للرحيل، كان أمر الثياب مريبا له بضع الشيئ، فهذه الشقة كانت تسكنها جاسوسة و من المفترض أن تخفي جميع اثارها حينما تغادرها الى مكان ما، و لكن هنا اختلف الأمر كليا، فاثار الجلسة الحمراء و الثياب على السرير لم يكن مفهوما إطلاقا، إنتابه شعور بعدم الراحة من ما كان يراه، فسحب مسدسه و وضع بعض الرصاصات بمخزن الرصاص، اعاد المسلسل لجيبه و ذهب الى الغرفة الثانية التي كانت على مقربة منها، فوجدها شبه فارغة من الاثاث...

كانت على يمينه مكتبة صغيرة عليها بعض الملفات و بجانبها مكتب شخصي بني اللون عليه حاسوب حديث مع طابعة أوراق، كان بجانب لوحة المفاتيح ملف مطبوع عليه شعار الدولة الإسرائيلية من فوق، كان على الملف كلمات "سري للغاية" باللغة الإنجليزية، جلس على كرسي المكتب و فتح الملف بفضول كبير، كان يحتوي على بعض المراسلات بين كارمن و شخصية تدعى سارة شارون، كان تاريخ المراسلات حديث و مضمونها قصير و لكنها مقلق جدا، فكانت جميعها باللغة الإنجليزية و تتضمن سلسلة من الأوامر و التعليمات لكارمن، قرأ تاريخ أحدى المراسلات ليكتشف بأنه منذ بضعة ايام، و كان من بين واجباتها حينها أن تستقبل في المطار شخصية اسمها سالم إغباريه من عرب 48، و كان من المفترض أن يمكث في مصر أسبوع لا أكثر، و كان من المفترض أن يعود الى اسرائيل بعدها مباشرة، و كانت قد طلبت منها أن تُيَسِرْ له ايجاد شقة بالقرب من فندق خمسة نجوم كان سينعقد به مؤتمر كبير سيضم عددا كبير من رجال الأعمال و الشخصيات الإقتصادية الأوروبية، تذكر سامح ما حدث اثناء هذا المؤتمر، فقبل انعقاده مباشرة شاءت الصدف ان تنكشف مؤامرة كبرى كانت تحاك ضده، فلاحظ أحد موظفين الفندق الذين كانوا يعملون على تهيئة القاعة و قبل وصول الوفود المشاركة وجود حقيبة سوادء متوسطة الحجم بأحدى الحمامات القريبة من القاعة، مما دفعه لإبلاغ مدير اللأمن عن الحادثة، و قام المدير بدوره بإبلاغ ضباط قسم المفرقعات في الأمن المركزي الذين اتوا بسرعة الى المكان، و بعد معاينة الحقيبة تبين أنها تحتوي على قنبلة موقوته تحتوي على كمية من المتفجرات تكفي لهدم نصف الطابق الارضي للفندق الضخم، كانت القنبلة معدة خصيصا لتنفجر قبل بدأ موعد المؤتمر بدقائق لكي تقتل أكبر عدد من الأشخاص ممكن، و الآن يبدو له بأنه تعرف على صانع هذا الساح الفتاك، سالم إغباريه،

اكمل قرأة مراسلة أخرى تطلب من خلالها سارة شارون من شخص يدعى داود كوهين أن يقوم بمراقبة منزل أمين عام جامعة الدول العربية الدكتور شاكر عبدالحميد في القاهرة و إعطاء تفاصيل تحركاته لشخصية مصرية كانت تشتهر بنشاطها المتشدد دينيا في مصر، و الكارثة بأن سارة كانت تطلب من داود تسهيل له كمية من الأسلحة الرشاشة لإغتياله أمام منزله صباحا في المستقبل القادم، أغمض سامح عينيه من شدة الألم مما كان يقراء...فاختتمت سارة رسالتها بعبارة "قل لمحمد قنديل أن هدف العملية هو قتل أمين عام جامعة الدول العربية مع كل مرافقيه و الأخطاء مرفوضة بهذه العملية،"

أكمل سامح اوامر الموت المرعبة التي بين يديه و الغضب يغلي بعروقه، فالملف كان مليئ بالمراسلات التي كانت مرتبة بحسب التسلسل التاريخي، فالمراسلات الجديدة كانت من فوق و الاقدم منها من تحت الى ان تصل تاريخ 25 كانون الأول من عام 2011، كانت الورقة التي بين يديه الأجدد بمراسلات الموت هذه، فآخر الاوامر من سارة شارون كانت أن تتدبر كارمن أمر عملية ارهابية بالتعاون مع خلية ارهابية كبيرة الخطورة في سيناء ، كانت الخلية تعود لجماعة الجهاد المقدس التي أعلنت مسؤوليتها عن أكثر من عمل ارهابي في مناطق عدة في القاهرة بعد ثورة 30 يونيو، و كان التعاون سيتم عن طريق داود كوهين حيث كان يمتلك وسيلة إتصال بهم، و الهدف كان مجمع تجاري كبير في سوق تجاري بالقاهرة، فكان يتضمن هذا السوق محلات تجارية عديدة و مقاهى أمريكي و عربية معروفة جدا، المميز بهم كان مقهى ايام زمان حيث كان رواده من الطبقات المخملية و السياسية بالقاهرة،

التقط سامح الشاذلي هاتفه الخلوي و طلب رقم ممدوح سالم، انتظر لبرهة من الزمن على الخط و لكنه وجد النداء اللآلي يخبره بان خطه مغلق حاليا، أغلق الخط و قرر الذهاب الى شقة رانيا شبانه في الطابق الأسفل، اغلق الملف و التقطه ثم نهض من مكانه و توجه الى صالة المنزل، غادر الشقة و أغلق الباب من خلفه، بالرغم من أن هذه العمارة قديمة إلا أن طوابقها واسعة جدا و رحبة مثل شققها الفاخرة، توجه الى المصعد و ضغط على زر الصعود و القلق يزلزل كيانه من الذي قرأه، لم يكن يصدق بأنه كان جالس في وكر للجواسيس الصهاينة و في قلب القاهرة الأبية...بلاده التي عصفت بها أقوى الثوارت التي عرفها تاريخ البشرية على الإطلاق منذ بضعة سنين، كان يتذكر تماما بأنه في لليلة التي ابتدأ به حراك المعارضة التجمع بميدان التحرير كان في اجازه طويلة من العمل، و كان في تلك الاثناء في جلسة سمر في منزل صديق له، فأتاه هاتف من مديره يفيده بأن وزارة الداخلية قد رفعت حالة التأهب لدى أجهزتها الى الدرجة القصوى، كانت صدمة عنيفة بالنسبة اليه فلا تأخذ الوزارة هذه الخطوة إلا في الحالات الطارئة جدا او لا سمح الله في حالات الحروب،

فتح المصعد أبوابه ليجد نفسه ينظر الى شاب وسيم الطَلًةِ، ابتسم له و قال الشاب مرحباً "السلام عيلكم،"
أجابه سامح "و عليكم السلام،" خرج الشاب و دخل سامح المصعد، نزل به المصعد و هو في فكر عميق عن مجريات الثورة و ما جلبت للقاهرة من مشاكل و بؤر فساد مازالت الشرطة تحاول التعامل معها، توجه الى شقة رانيا شبانه و لكنه توقف فجاة عند عتبت الباب، كانت رائحة المشتقات النفطية تملئ المكان، فتح الباب بسرعة و نادا بأعلى صوته "ممدوح! اين انت! ممدوح،" و لكن لم يجبه أحد، وقف في صالة المنزل المشبعة برائحة النفط و نظر من حوله، و فجاة رأى المارد ملقى على الأرض و جبينه ينزف من الإصابة، صرخ باعلى صوته "ممدوح! أين أنت!"، و لكن لم يجبه أحد، هرع الى المطبخ و هو في حالة ذعر شديدة يبحث عن زميله و لكن توقف بصدمة عنيفة من الذي رأه، كان المكان في فوضى تامة و الدماء تملئ الارض و تلطخ الخزائن و الجدران من حوله، كانت العديد من أدوات المطبخ تنتشر على الارض بصورة عشوائية، صرخ بأعلى صوته "ماذا فعلتم بممدوح يا كلاب!!! اين انت يا صديقي!!!"

سحب المسدس من جيبه و بحث بحذر في صالة المنزل عن صديقه و في غرف النوم و لكنه لم يجده بتاتا، التقط هاتفه الخلوي و طلب رقم دائرة المخابرات المصرية، طلب من الذي اجاب الخط مكتب يوسف مدير الدائرة التي يعمل بها ممدوح، أجاب رجل بترحاب "السلام عليكم،"
خرج سامح من الشقة و هو يقول "اسمي سامح الشاذلي، و انا زميل لممدوح و لكنني اعمل بقسم ثاني في الشرطة، سيد يوسف اطلب ممدوح سالم منذ عشرة دقائق على هاتفه النقال و لكن خطه مغلق، أنا في قمة الإستغراب فنحن نعمل على قضية بالتنسيق مع بعض و افترقنا منذ نصف ساعة فقط..."
"ممدوح قتل بحادثة مأسوية منذ لحظات"
دخل المصعد و ضغظ زر طابق شقة كارمن و هو يقول "كيف، كان برفقتي منذ فقط نصف ساعة تقريبا، كيف قتل بحادث،"
أجاب يوسف بقليل من الإستياء "ماذا تريد حاليا يا سيد سامح!"
"كنت منذ قليل في شقة كارمن الجاسوسة التي تبحثون عنها..."
قاطعه يوسف و صرخ بوجهه "و ما هي علاقتك بقضية كارمن!!!"
وقف عند باب شقة كارمن و قال "طلب مني ممدوح أن اجري عملية بحث عن اية أدلة في شقة كارمن ريثما يبحث هو في شقة المغدورة رانيا شبانه...كان هذا منذ نصف ساعة تقريبا من الآن...و فعلت كما طلب مني و لكن انقطع الإتصال بيننا،"
"سيد سامح غادر عمارة الحوريات..."
فتح باب شقة كارمن و هو يقول "لا استطيع، فبين يدي ملف يحتوي على مراسلات سرية عن عمليات ارهابية كانت الخلاية الجاسيوسية تنوي القيام بها في القاهرة، و فيها حيثيات و اسماء كثيرة، سيد يوسف اطلب الأمن المركزي فورا فيجب أن يُفْرَضْ طوق امني على هذه الشقق و محتوياتها،"
"اثبت مكانك سيد سامح و لا تتكلم أكثر... سنرسل قوة من شرطة الصاعقة اليك و لكنك قد تتواجه مع رجال من خليتهم ريثما نصل اليك..."
توقف على مدخل شقة كارمن و أجاب في صوت منخفض "هنالك جثة لمارد في شقة رانيا...و ها أن أقف على مدخل شقة كارمن و هنالك حركة غير طبيعية في الشقة..."
"شاهدوك من خلال كاميراتهم و ربما قد ارسلوا رجل من طرفهم لقتلك..."
"أنا لست هام بالنسبة اليهم، فقد ارسلوه بالدرجة الاولى للأدلة التي تركتها كارمن خلفها، فأظن أن ممدوح أوقف عملية حرق شقة رانيا شبانه بالصدفة و شقة كارمن ايضا لذلك أهملت كارمن الملف الذي بين يدي و تركته بالشقة، لأنها كانت تعتقد بأنهم سينجحوا بحرق الشقق..."
"سامح، حافظ على الملف فسيقتلوك لأجله..."
"لا تقلق سيد يوسف...انا عنيد جدا، فها رجلهم يقف امامي و قد رآني..."
****************************************
وقفت الممرضة عند سرير حياة بعد أن وضعت لها في المصل الطبي بعض من المُسَكِنْ، نظرت اليها بحنو و هي راقدة بحالتها المرهقة بين جهاز مراقبة دقات القلب و الجلوكوز الموصول في ساعدها، كانت الممرضة حسناء الطلة طويلة و ذات بشرة بيضاء و عيون زرقاء، كان شعرها الأشقر الطويل ظاهراً من حول قبعتها البيضاء، وضعت يدها على كتفها و ابتسمت لها ثم قالت لها بنبرة هادئة "هل تريدين شيئا مني؟"
أجابت حياة بصوت مرهق "شكرا لكِ، اشعر بتحسن كبير، "
"حالتك مستقرة، و لكن يجب ان لا تجهدي نفسك، الكلام الكثير ممنوع لكِ فإذا أتاكِ زوار تذكري هذا الأمر، "
"شكرا لكِ...إذا احتجتك بأمر ما سأطلبك من خلال الجرس،"
"أنا في خدمتك دائما، اسمي فرانشيسكا،"
ارتسمت علامات الفضول على وجه حياة و سألتها "منذ أن نظرت الى جمالك الرائع و شعرت بأن بكِ أصول أجنبية، بالرغم من أنك تتكلمي اللهجة المصرية جيدا...من أين انتِ؟"
"ماذا قلنا، الكلام الكثير ممنوع، في الغد ساخبرك، و لكن استريحي الآن..."
"فرانشيسكا، اشعلي التلفاز قبل ان تذهبي، أريد ان اتابع بعض الأخبار،"
توجهت الممرضة الى جهاز التلفاز و أشعلته، ثم بحثت عن قناة أخبارية الى أن وصلت الى قناة أخبار النيل، رفعت الصوت قليلا ثم سألت "هل هذا ما تريدين،"
ابتسمت حياة و قالت "نعم شكرا لكِ،"
توجهت فرانشيسكا الى الباب بينما استمعت حياة لمذيعة الأخبار و هي تقول "قُتِلَ منذ ساعات قليلة ضابط المخابرات العامة ممدوح سالم في حادث مؤسف و هو في طريقه الى عمله في منطقة الزمالك، و من المرجح أن تكون أسباب الحادثة السرعة الزائدة حيث وجدت سيارته محطمة بالكامل في الشارع حيث اصطدم بسيارة آخرى و هو يسير..."
فجاة استدارت فرنشيسكا نجو التلفاز و قالت بصوت منخفض لحياة "ربما الاجدر لك متابعة قناة أخرى فهذه الأخبار مزعجة،" نهضت فجاة حياة في مكانها و تعابير الصدمة تملئ وجهها من منظر سيارة ممدوح و هي محطمة في الشارع بين رجال الأمن و مباحث الشرطة، صرخت بقوة من الصدمة "ممدوح!!! حبيبي!!! لا!!!"
اطفأت فرنشيسكا التلفاز و هرعت اليها قائلة "اهدئي ارجوكِ! ارجوكِ! يا حياة!"
صرخت حياة بقوة وارتجف جسدها من الصدمة العنيفة التي تلقتها "ممدوح!!! زوجي!!! حبيبي!!!"
دخل الى الغرفة طبيب و ممرضة كانا بالصدفة في الممر و سأل الطبيب فرنشيسكا "ما بها!"
"سمعت خبر تسبب لها بصدمة عنيفة،"
اقتربت فرنشيسكا من السرير و أعطت الدكتور ملفها ثم عادت الى حياة و حاولت تهدئتها، قرأ الطبيب بعض المعلومات ثم نظر بخوف الى حياة، صرخ لفرنشيسكا "هذه المريضة لا يجب أن تتعرض لأية انفعالات إطلاقا، حالتها حرجة! ماذا حدث لها!"
فجأة رقدت حياة في السرير من دون حراك، اختفى صوت النبض من جهاز مراقبة دقات القلب و ارتفع مكانه صفير عالي،
صرخ الطبيب قائلا للممرضات "بسرعة! جهاز الصدمة! هيا!"
هرعت الممرضات الى الممر ثم أحضرتا جهاز لصدمات القلب كان بجانب غرفة حياة، أَعَدًتْ الممرضات الصادمات و أعطتهم للطبيب الذي وضعما فورا على صدر حياة، ارتجف جسد حياة بعنف من الصعقة الكهربائية ثم رقد من دون حراك، نظر الطبيب الى شاشة الجهاز و هو بترقب كبير لكي تعود علامات الحياة للقلب، لم تتغير مؤشرات النبض على الشاشة، اعاد الكرة مرة ثانية و نظر الى الشاشة، عاد النبض الى طبيعته و تحركت مؤشرات الحياة على شاشة الجهاز من جديد، قال بنبرة مرتاحة أكثر "ساعديني بنقلها الى غرفة العناية الحثيثة حيث سأكمل علاجها بالجناح المجاور، اطلبي طبيبها الحضور فورا لجناح العناية، حتى و ان كان خارج المستشفى،"
*************************************
نظر سامح الى الرجل و ابتسم له بمحاولة لنقل رسالة له بأنه غير خائف منه، أجابه الرجل بإبتسامة و سحب من جيبه بحركة حفيفة مسدس من نوع بكرة، وجهه مباشرة اليه، قال بهدء و كأنه يناقش معه حالة الطقس "يا هذا، من دون مشاكل، أطن أن بيدك ملف يخص مخبابراتنا، فاعطيني اياه فلن تستطيع مقاومتي،"
أجابه سامح بنبرة هادئة "و إذا لم اعطيكَ اياه...ماذا ستفعل بي؟ أتظنني سادعك تقتلني؟"
"ليس امامك خيار آخر، شقق كارمن و رانيا مراقبة بالكامل و الحوار بيننا يبث حاليا و تقوم بإلتقاطه أجهزتنا المخابراتية في أسرائيل، لن تفلت منا، و حتى إذا حالفك الحظ سيتعقبوك و سيقتلوك..."
"انتم تستخفون بنا كثيرا يا داود...أم هل أنت زميله؟"
"انت لم تضيع الوقت بالنصف ساعة التي قضيتها هنا،"
"بما أن الشقق مراقبة بالكامل سأنصحك نصيحة انت و الذين ارسلوك الى ديارنا لِتُلَوِثوها بخططكم القذرة، هذه جمهورية مصر العربية و نحن و أجسادنا دروع نحميها و نحمي أهلها، و كل حبة تراب من ارض مصر المباركة تساوي رقبتكم انتم و الذين هُمْ على شاكلتكم،"
فجاة فقز سامح بالهواء و ركل المسدس من يد داود قبل ان يتسنى له إطلاق الرصاص، عاد داود الى الوراء من الصدمة ثم نظر اليه بحذر شديد، استعاد داود تماسكه بسرعة ثم سأله بإبتسامة محاولا أخباره بأنه مازال متكاسك "حزام أم حزامين تايكواندو؟"
"ثلاثة، هل تظن أنك ستخيفني بهذه الألعاب النارية التي بيدك..."
"لنرقص سيويتا يا هذا..."
"الحشرات التي تراقبك في اسرائيل ستبكي عليك، إن كنت رجل فبادر انت بالخطوة الأولى قبل أن تصل فرق الصاقعة الأمنية، فهي في طريقها لهذه العمارة،"
"لن أضيع وقتي معك و لن تمسكوا بأسرارنا،"
سحب من جيبه قنبلة يدوية و رماها في غرفة مكتب كارمن، ثم حاول سحب مسدس ثاني من جيبه و لكن سحب سامح من جيبه مسدسه بالوقت المناسب و أطلق رصاصة غادرة اصابت معدته، صرخ داود من اللألم الشديد ثم سقط على الارض من دون حراك، أسرع سامح اليه ثم أطلق رصاصة آخرى ليتأكد من أنه توفي، ارتجف جسده قليلا ثم رقد من دون نفس، توجه الى غرفة القنبلة و أمسكها بجرأة كبيرة، نظر الى ضفة النيل ثم فكر في ذاته "أستطيع فعلها،" عاد الى الوراء بضعة خطوات ثم جرى نحو النافذة و القى بها بقوة الى الخارج ، أحنى رأسه و سمع دوي انفجار ضخم، دخلت من الشباك بعض الشذايا و ارتفعت بالأجواء اصوات بعض صافرات الإنذار لسياراتٍ كانت مركونة حول البناية،

نظر سامح الى الشارع في الاسفل فلم تكن هنالك اية إصابات من الحادث، قال في ذاته "شكرا يا الله، مَرًتْ بسلام"
جلس على كرسي مكتب كارمن غير مصدق بأنه أمسك قنبلة يدوي لها القدرة على تدمير طابق سكني بأكمله و القى بها من نافذة شقة سكنية بإتجاه النيل، و لكن لم يكن لديه خيار، فلو انفجرت بالبناية كانت ستقتل سكانها، ارتفعت بالاجواء صافرات مركبات الأمن المركزي، سمع أصوات بعض الناس في الشارع، كان بعضهم يسأل "ما هذا الصوت الشديد؟"
و قال بعضهم "ما الذي انفجر، أنهم الإخوان و افعالهم السوداء كعادتهم،"
ابتسم سامح و هو يجلس في مكانه و فكر في ذاته قائلاً "إنهم اسوء من الإخوان...كانت طريقة اسرائيل لتبارك لما على ثورة 30 من يونيو،"
***************************************************************



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات