" الجغرافيا السياسية لدول المنطقة "


يتأكد الموقف الأمريكي من قضايا الأمة العربية، وتظهر الرؤية الأمريكية بشكل واضح في العديد من المناسبات التي يتحدث فيها المسؤولون الأمريكيون عن العرب. وتتبلور هذه الرؤية في تقييمها للأنظمة العربية والمجتمعات العربية.

فالولايات المتحدة تعتقد أن العلاقة مع العرب في المراحل المقبلة هي علاقة تحالف بالرغم من ورود الإشارات العديدة من الجانب الأمريكي التي تثير قلقها من استمرار هذه العلاقات كما هي عليه الآن بعد الصفقة النووية مع إيران ، وقد تعمل الولايات المتحدة لاحقاً على اقناع حلفائها من الأنظمة العربية بأن الاتفاق مع إيران لن يكون على حسابها، ولن يضّر بمصالحها.

ولكن الرؤية الأمريكية للأنظمة آخذة في التغيير ، وسوف تؤدي إلى تغييرات واسعة تجاه هذه الأنظمة. وتنظر للأنظمة العربية السنية من بُعد طائفي ، بما يؤكد نظرتها التقسيمية لدول المنطقة.

وتعتقد الولايات المتحدة أن ما يهدد هذه الأنظمة ليس إيران ، بل وضعها الداخلي الذي هو المصدر الأول الذي يهدد السلم الأهلي ومجتمعاتها الداخلية . وترى أن بعض المواطنين في دول الخليج كانوا مشاركين بشكل كبير في الحركات الجهادية السنّية التي أدت إلى زعزعة الاستقرار.

وترى أن التهديدات لمصالحها ومصالح حلفائها الأوروبيين، ليست من إيران، بل من الحركات الأصولية السنّية ، وجزءٌ كبير من هذد الحركات جاءَ من الخليج العربي، ويمثلون امتداداً للتيار السلفي الذي ينتشر ويحظى بحضور فاعل في الخليج . وترى أمريكا أن المشكلة بالتطرف السني الذي لا يوجد ما يضبطه.

وتعتقد أن بنية الأنظمة والدول العربية التي تشكلت في المنطقة عقب الحرب العالمية الأولى ليست مستقرة ولا ثابتة ، وأنها معرضة للتغيير، وأن محاولات الأنظمة العربية الإبقاء على الصيغة الحالية، هي محاولات هدر للوقت وتمعن في تأزيم الوضع العربي، وإن أيّ تفكير عربي جاد بشأن المستقبل لابد أن يضع في الأعتبار أن هناك معادلات جديدة تتشكل ، وأن العناد في قراءة ما يحدث لن يؤدي إلا إلى مصير كارثي.

تلك هي رؤية الولايات المتحدة من الوضع العربي العام، الذي أصبح في حالة سخرية و تندر من الدول الأخرى ، بعد أن هبط إلى الحد الأدنى من الحروب الأهلية و الانقسام الطائفي و المذهبي . أما الموقف الأمريكي من قضية العرب الأولى، قضية فلسطين، فيستمرانحيازاً وتمسكاً بحق الصهاينه في الدفاع عن الوجود الصهيوني. وقد أعلن الرئيس الأمريكي الحالي بأنه يفتخر أن الدعم الذي حصل عليه الصهاينه في عهده يفوق دعم أي رئيس أمريكي سابق!.

وأما الموقف الأمريكي من الأزمة السورية ، فلا تزال أمريكا تعتمد على قدرة القوى المسلحة الارهابية ، و تسخرها لخدمة مصالحها . و هذا الموقف يعني أن الحرب العدوانية على سوريا المستمرة منذ خمس سنوات لم تحقق أهدافها و أن أمريكا هي ما يسترو هذه الحرب منذ يومها الأول ، و أن ارتفاع أو انخفاض وتيرة هذه الحرب تحدده الادارة الأمريكية ، و أن قرار استمرار الحرب لا يزال قائماً ، و أن أمريكا لا تريد حلاًّ سياسياً للأزمة السورية ، إذا لم تتمكن من الحصول على ما تريده بالمفاوضات . و أن المنظمات الارهابية المسلحة هي جزءٌ من آلية الحرب الأمريكية على سوريا . و أنها ستستمر بدعم هذه المنظمات طالما هي تساهم في تدمير سوريا و إضعاف قدراتها العسكرية ، و زعزعة نسيجها الوطني .

و بالمقابل تعمل سوريا بدعم من حلفائها و في مقدمهم روسيا الاتحادية في مواجهة هذا المحور العدواني الأمريكي ، و تعمل على تعزيز قدراتها العسكرية ، لتحرير سوريا من المنظمات الارهابية .

أما ما يطرح الآن من تحديد موعد تفاوضي بين الحكومة السورية و المعارضات ، فلا يزال هناك تباين كبير في تصنيف المنظمات الارهابية ، حيث يسعى كل طرف على فرض رأيه . و لكن هناك واقعاً جديداً يفرضه الجيش العربي السوري و حلفاؤه على الأرض سيكون له تأثير كبير على مجرى المفاوضات إذا حدثت . فالانتصارات المتتالية في جميع المناطق السورية هي التي ستحدد مستقبل الخارطة السياسية لسوريا و لدول المنطقة .

ولا يُعرف كيف سيتم تقريب المسافات بين الحكومة السورية و بين المعارضات بمختلف مكوناتها العسكرية و السياسية ، الدينية و العلمانية .!!



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات