داء الغرور أبعاده وآثاره


داء الغرور من الصفات الذميمه إن وجدت في نفس الانسان فإنها تبعده عن مكارم الاخلاق وتفقده صحبة الاخيار من الناس وتحبط العمل حتى يصبح هباء منثورا ، والمغرور من التصق بالطين ، وفتحت عليه منافذ الدنيا وإقتربت من نفسه شياطين الإنس والجن ، فالدنيا عند مطمع ومحط الرحال ، أما الاخره فهي في تصوره نسيئه ، وهذا هو محل التلبيس ، ومعلوم أن عمر الانسان الى أن ينقطع النفس محدود ، والمغرور يقول إن الله كريم ، وإنما نتكل على عفوه ورحمته، وربما اغتر بصلاح آبائه وأجداده ونسي العمل المثمر، لأنه أصيب بعمى البصيره ، وتشبث بطول الامل ، وغرته حمرة وخضرة الدنيا ، فلم يعد يميز بين الصالح والطالح ، وبين الطيب والخبيث .

ويقع الغرور في فئه يظنون أنفسهم أنهم بلغوا رتبة العلم العليا ، وكان عملهم ظاهراً ، ولم يتفقدوا قلوبهم ليمحوا الصفحات المذمومه منها : كالكبر والحسد والرياء وطلب العلو وطلب الشهره فهؤلاء زينوا ظاهرهم، وأهملوا بواطنهم ، ونسوا قول الرسول الكريم : (( إنَ الله لاينظر الى صوركم وأموالكم وإنما ينظر الى قلوبكم وأعمالكم )) .

وقد ينتهي غرور بعضهم أن يزين جوارحه بفعل الطاعات ليظهر أمام الاخرين أنه ناسك ، ولكن إن خلا الى نفسه فإنه يسخر من السذج الذي توارى عن أذهانهم هذا التلبيس الشيطاني، ومن المؤكد أن الباعث على فعله طلب الذكر وإنتشار الصيت، ولعله لايتوانى لحظه من الثناء على نفسه، إما صريحاً بالدعاوى العريضه، وإما ضمناً بالطعن في غيره، ليبين في طعنه المحموم أنه أفضل من غيره وأعظم منه علماً .

ويشتد الغرور بأشخاص أحيطوا بفئه من المنافقين يزينون لهم الاقوال والافعال السيئه على أنها قمة الرأي الصائب والفكر السديد، ينقلون لهم الروايات الكاذبه فيصدقون، لان البطانه السيئة أحكمت القبضه على هذا الأنموذج المغرور، يتكلم بالكلمه وربما لايكون لها معنى فيصفقون ويظهرون الإعجاب الكاذب، كل هذا من أجل حظوه ماليه أو رضا من المسؤول المغرور دون وجه حق .

وهناك فئه ممن أصابها داء الغرور يحلمون بالعظمه ، وأن يشار لهم بالأصابع والعيون والرموش يقترحون على مجالسهم الخطط الاسترتيجيه من أجل النهوض بمؤسساتهم التعليميه أو الاقتصاديه أو الاجتماعيه أو السياسيه مع قصور الدراسات المتأنية، يقدمون المكافآت الماليه للجان، وتنتهي المهمات بالفشل أو النقص المريع لهذه الخطط الفجه، والأهم من ذلك أن من يحيط بهؤلاء لايؤمنون بآرائهم ولا يثقون بمسيرتهم .

لقد تعلم المغرور الخداع وأصابت عدوى الغرور والخداع من أحاط به ، وبالنتيجه فإن ثوب الرياء والغرور يشف عما تحته ، ومن أكتسى به فهو من العراة الذين إنكشفت عوراتهم فسقطوا من أعين العقلاء والحكماء، وكم من إنسان تعجب من قوله في الحياه الدنيا وهو في الحقيقه ألد الخصام، عشعش النفاق والظن السيئ الفاسد في سويداء قلبه فمهما تظاهر هؤلاء بالألمعيه والفطنه فإن نهايتهم مؤسفه في الدنيا والاخره ، وصدق الله العظيم (( ولايحيق المكر السيئ إلا بأهله )) .



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات