(أصحاب الرداء الأسود)


ونكتسي هذا الرداء الأسود على لحمِنا ، لنذكّر العالم كل صباحٍ ، وهو يحتسي قدح قهوته عِنْدَ ثامنة النور ، بقسّوة الظُّلم ، وسطوة الظلام ، وجور الظالمين ، وظلمة الجائرين ، وإستجارة المظلومين ؛ ما أقساها من صباحات يا صديقي ، صباح الحقّ على الباطل ، صباح النور على الظلام ، صباح الشفق على الغسق . صباح عذريّة الحياة على أعذار الموت ، صباح الجياع على ملوك دخلوا قريتهم فأهلكوها ، صباح باعة الورد على حمّالة الحطب ، ورغم كلّ هذه الصباحات يا صديقي ما زال في قنديل الرمل وقت لنا لنحتسي فنجان قهوة آخر ....ونمضي.

لا أشقى من ذلك المظلوم المكلوم بوجعه ، إلاّ محاميه الذي يقاسي عذابات المعذّبين ، وأوجاع الباحثين عن الحقيقة ، والضاربين بمعاولهم مناجم الضوء ، والفارين من وجه التسلّط والطغيان ، وكأنه (مسيحهم المخلِّص) لحظة إكتمال وجه الظلام في السماء ، يا صديقي ؛ ما أقسى أن تحمل أوجاع غيرك ، أو أن يمنحك الأخرون إذناً خطيّاً لتنوب بالموت عنهم ، حتى الموتى ينهكهم بنفسج النعش ، يجلس الجميع ويبقى صاحب الرداء الأسود وحده واقفاً ، إكرامًا للحق ، وإستجلاءً للحقيقة مترافعاً عن قداسة الرسالة ، وقدسيّة العدالة ، هي المهنة الوحيدة التي لا تعرف أو تعترف بإستراحة المحاربين ، حيث يملك الجميع وقتك ، والحق في تقليب عقارب ساعة يدك ، وتغيير ملامح وجهك القديمة المنسية على مرآةٍ في مكتبك ، هي مهنة أشقى السعداء ، وأسعد الأشقياء .

ليتك تعلم يا صديقي ؛ كم هي ثقيلة تلك الحقيبة السوداء المثقلة بالأوراق الخفيفة ، التي تتعالى منها أصوات من لا صوت لهم ، وبكاء من فقدوا حقّهم في البكاء ، ليتك تعلم كم تجرحنا حواف تلك الأوراق المجرّحة ، وكم تلاحقنا أسماء أصحابها ، وكأننا ذنوب الحقيقة ، صدّقني يا صديقي إنّ أعظم ثروة جمعها مُحامٍ ، لا تساوي الخسائر التي تُلحقها بك نظرة مظلوم فقد حقه ،
(سيبقى الرداء الأسود "أبيض" كقميص يوسف ولو أتوا عليه بدمٍ كَذِب ).



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات