اشكالية الرمز الصنم


رغم ان التاريخ عبر من فوق جسده بسرعة الذاكرة العربية في موسم الربيع العربي الدامي إلا أن هناك من يؤكد على حضور شخصه في التاريج ، وهؤلاء الذين يعشقون صدام حسين يؤكدون سنويا على وجوده روحا دون جسد ويمارسون حب الشخص الذي وصل عند البعض الى التقديس ، وهنا تكمن اشكالية الفكر السياسي العربي الجمعي منذ بدايات ظهور مفهوم القومية العربية وبقية مسميات الأحزاب السياسية العربية ، وهذه الاشكالية في الفكر السياسي العربي الجمعي تتمثل بأن هؤلاء الأفراد لايؤمنون بأن التاريخ لايعيد نفسه ، وفي نفس الوقت لايؤمنون بأن مرحلتهم التاريخية في عشق رمز سياسي لايمكن أن تتوافق مع المراحل التي تليهم من أجيال جديدة تبحث لها عن رمز سياسي من باب التقليد الأعميى ، وعند البحث في تركيبة هؤلاء الأشخاص نجدهم يريدون من التاريخ أن لاينساهم كما نسي الكثيرين ممن مارسوا عبودية الشخص السياسي الرمز في التاريخ العربي الحديث .

وعند البحث عن تشابهات بين حبهم لشخص صدام حسين وحب البعض لشخوص سياسية عربية أخرى سواء ذهبت ادراج الرياح أو ماتزال تلعب دورا في التاريخ العربي ، نجدهم يرفضون هذا التشبيه من منطلق أن رمزهم يحمل قدسية أكثر من رموز بقية من يدعي الحب لتلك الشخوص ، وهنا نعود لإشكالية الفكر السياسي العربي الجمعي التي يبرز أهم أركانها بأن الجميع لايقبل برموز الجيمع ولايقدر قدسية هذه الرموز عند بقية الجميع الذي هو جزءا سياسيا وجغرافيا منه، ومع الوقت نجد أن هناك تكتلات فكرية تتخذ من تلك الرموز السياسية مسميات لها وتؤكد على أحقيتها بذاك المسمى من بقية الأخرين ، ويتجرد الفكر في تلك اللحظة من العقلاينة ويصبح فكرا جامدا غير قابل للتطور أو لتقبل وجود الأخر برموزه المقدسة.

وهذه الاشكالية في الفكر السياسي العربي الجمعي جاءت جذورها من قناعات عقائدية أبرزت وجود مذاهب وطوائف طغت على روح الدين وافرغته من مكوناته الأساسية واصبح الدين مجموعة من الطقوس تختلف عن بعضها البعض باختلاف الرمز الذي تمثل به الدين عن الفئات كافة ، ومن هنا تصبح اشكالية المقدس لدى العرب ذات منبعا دينيا لايحكمه العقل الذي طلب منا رب العالمين بأن نحكمه فيما بيننا باختلاف قبائلنا وشعوبنا ، والى أن يخرج الفكر السياسي العربي من اشكاليته تلك سيبقى هناك من يجد بشخوص تلك الرموز مادة يقتات عليها إما يوما في السنة أو شهرا أو عدة شهور ،وكل عام والجيمع بالف خير .



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات