تقرير «الغارديان» وما يجري في سجون الضفة
صحيفة الغارديان ليست من صحافة الإثارة ، بل هي الأكثر رصانة بين الصحف البريطانية ، وهي حين تعالج هذه القضية أو تلك ، فإنها تحرص كل الحرص على مصداقيتها ، الأمر الذي ينطبق على تقريرها الذين نشرته يوم الجمعة بخصوص التعذيب في سجون الضفة الغربية.
مراسل الصحيفة في رام الله إيان كوبين هو كاتب التقرير الذي تحدث عن وجود تعاون وثيق بين الاستخبارات المركزية وأجهزة أمنية تابعة للسلطة في سياق اختطاف وتعذيب المعتقلين لديها وغالبيتهم من حركة حماس.
سجن مؤيدي حماس يتم بحسب التقرير دون محاكمة ، كما أنهم يتعرضون لتعذيب من أبرز وسائله الضرب المبرح والتقييد في أوضاع مؤلمة لأوقات طويلة ، والحرمان من النوم وحشر أعداد كبيرة منهم في زنازين ضيقة. يضاف إلى ذلك أن معظم المعتقلين والموقوفين يُعرضون على محاكم عسكرية وليس محاكم مدنية تقضي بوجوب مثول المتهم أمامها في فترة أقصاها ستة أشهر وإلا يطلق سراحه.
ويضيف التقرير أن السي آي أي كانت على علم بممارسات التعذيب لكنها لم تحرك ساكنا لوقفها.
من الطبيعي ابتداء أن ينكر قادة السلطة ما ذكره التقرير ، فيما سيقول آخرون إن اعتقالا وتعذيبا يتوفر في قطاع غزة ، وهي قصة سخيفة يرددها عاملون في مجال حقوق الإنسان يضعون الحالتين في ذات الكفة خوفا من سطوة السلطة ، كما يرددها آخرون لهم موقفهم من حركة حماس ، مع العلم أننا ندين من دون تردد أي اعتقال سياسي ، فضلا عن أن ينطوي على تعذيب ، لكن توفر بضع عشرات من الحالات في قطاع غزة يختلط فيها البُعد الأمني والجنائي بالبُعد السياسي ، لا يمكن أن تقارن بما جري في الضفة الغربية حيث تطال الاعتقالات وكذلك التعذيب رموز المجتمع وخيرة أبنائه من أعضاء بلديات منتخبين وخطباء وأئمة ودعاة وأساتذة جامعات (حتى أبناء النواب وعائلاتهم) ، فضلا عن جحافل من الأسرى المحررين.
ما يجري في الضفة يتم على عين الجنرال الأمريكي دايتون ، بل بأوامر منه ، ولو أصدر أمرا بغير ذلك لما ترددوا في تنفيذه ، فهو صاحب الأمر والنهي في كل ما يتصل بالملف الأمني في الضفة الغربية ، تماما كما هو حال توني بلير في الملف الاقتصادي.
الأسبوعان الماضيان كانا الأكثر إثارة خلال الشهور الأخيرة ، ولعل ذلك هو ما ساهم في لفت انتباه مراسل الغارديان في رام الله ، ودفعه إلى كتابة التقرير الذي سيسبب له المتاعب مع سلطة أمنية لا تقيم وزنا للصحافة وحرية التعبير ، وما وجود 11 صحفيا معتقلا في سجونها سوى دليل على ذلك.
لجنة أهالي المختطفين في سجون السلطة قدمت تقريرها الخاص بالأسبوعين الأخيرين ، وكان مدججا بالمعلومات المثيرة للقهر ، هذه بعضها: حتى صباح الجمعة وصل عدد المختطفين في سجون السلطة 675 ، بينما تعرض أكثر من 400 للتعذيب ، ومنذ بداية شهر كانون الأول الجاري استدعت أجهزة السلطة ما يزيد عن 4000 من أنصار وأبناء وقياديي حماس في الضفة ، وقد شمل الاختطاف أكثر من 35 قاصرا أعمارهم دون 16 عاما ، ومعظمهم تعرض للضرب والتعذيب لاتهامهم بكتابة شعارات في ذكرى انطلاقة حماس.
أما أساليب التعذيب ، فلا تقتصر على الشبح وعدم السماح بالنوم لساعات طويلة ، بل شملت عمليات جلد وضرب بالهراوات وتعذيب بالكهرباء وتعرية من الملابس وسكب الماء البارد على الأجساد ناهيك عن منع الزيارة.
هناك ما هو أسوأ ممثلا في اعتقال أجهزة السلطة العديد من زوجات المختطفين للضغط عليهم للاعتراف وتقديم المعلومات وقد وصل الحال حد شبح بعضهن أو الصراخ عليهن أو تهديد الأزواج بالإساءة إليهن.
في هذا السياق تغيب مؤسسات حقوق الإنسان بسبب التهديدات التي تتعرض لها ، مع العلم أن الضفة الغربية ليست الصين ، إذ يعرف الناس بعضهم بعضا ، وعندما يخرج أسير محرر بعد سنوات من الاعتقال في سجون الاحتلال ، ثم ما يلبث بعد ساعات أو أيام أن يتحول إلى معتقل لدى السلطة فلا بد أن يعلم بقضيته كل أهالي القرية ، فكيف حين يكون من أهم رموزها؟،.
لسنا نستمتع بهذا الكلام يشهد الله ، لكنها ممارسات تدمي القلب بحق خيرة أبناء المجتمع الفلسطيني ، ومن يتولون كبرها سيبوؤون بالخيبة والخسران ، إن لم يكن في الدنيا ، ففي الآخرة.
التاريخ : 21-12-2009
صحيفة الغارديان ليست من صحافة الإثارة ، بل هي الأكثر رصانة بين الصحف البريطانية ، وهي حين تعالج هذه القضية أو تلك ، فإنها تحرص كل الحرص على مصداقيتها ، الأمر الذي ينطبق على تقريرها الذين نشرته يوم الجمعة بخصوص التعذيب في سجون الضفة الغربية.
مراسل الصحيفة في رام الله إيان كوبين هو كاتب التقرير الذي تحدث عن وجود تعاون وثيق بين الاستخبارات المركزية وأجهزة أمنية تابعة للسلطة في سياق اختطاف وتعذيب المعتقلين لديها وغالبيتهم من حركة حماس.
سجن مؤيدي حماس يتم بحسب التقرير دون محاكمة ، كما أنهم يتعرضون لتعذيب من أبرز وسائله الضرب المبرح والتقييد في أوضاع مؤلمة لأوقات طويلة ، والحرمان من النوم وحشر أعداد كبيرة منهم في زنازين ضيقة. يضاف إلى ذلك أن معظم المعتقلين والموقوفين يُعرضون على محاكم عسكرية وليس محاكم مدنية تقضي بوجوب مثول المتهم أمامها في فترة أقصاها ستة أشهر وإلا يطلق سراحه.
ويضيف التقرير أن السي آي أي كانت على علم بممارسات التعذيب لكنها لم تحرك ساكنا لوقفها.
من الطبيعي ابتداء أن ينكر قادة السلطة ما ذكره التقرير ، فيما سيقول آخرون إن اعتقالا وتعذيبا يتوفر في قطاع غزة ، وهي قصة سخيفة يرددها عاملون في مجال حقوق الإنسان يضعون الحالتين في ذات الكفة خوفا من سطوة السلطة ، كما يرددها آخرون لهم موقفهم من حركة حماس ، مع العلم أننا ندين من دون تردد أي اعتقال سياسي ، فضلا عن أن ينطوي على تعذيب ، لكن توفر بضع عشرات من الحالات في قطاع غزة يختلط فيها البُعد الأمني والجنائي بالبُعد السياسي ، لا يمكن أن تقارن بما جري في الضفة الغربية حيث تطال الاعتقالات وكذلك التعذيب رموز المجتمع وخيرة أبنائه من أعضاء بلديات منتخبين وخطباء وأئمة ودعاة وأساتذة جامعات (حتى أبناء النواب وعائلاتهم) ، فضلا عن جحافل من الأسرى المحررين.
ما يجري في الضفة يتم على عين الجنرال الأمريكي دايتون ، بل بأوامر منه ، ولو أصدر أمرا بغير ذلك لما ترددوا في تنفيذه ، فهو صاحب الأمر والنهي في كل ما يتصل بالملف الأمني في الضفة الغربية ، تماما كما هو حال توني بلير في الملف الاقتصادي.
الأسبوعان الماضيان كانا الأكثر إثارة خلال الشهور الأخيرة ، ولعل ذلك هو ما ساهم في لفت انتباه مراسل الغارديان في رام الله ، ودفعه إلى كتابة التقرير الذي سيسبب له المتاعب مع سلطة أمنية لا تقيم وزنا للصحافة وحرية التعبير ، وما وجود 11 صحفيا معتقلا في سجونها سوى دليل على ذلك.
لجنة أهالي المختطفين في سجون السلطة قدمت تقريرها الخاص بالأسبوعين الأخيرين ، وكان مدججا بالمعلومات المثيرة للقهر ، هذه بعضها: حتى صباح الجمعة وصل عدد المختطفين في سجون السلطة 675 ، بينما تعرض أكثر من 400 للتعذيب ، ومنذ بداية شهر كانون الأول الجاري استدعت أجهزة السلطة ما يزيد عن 4000 من أنصار وأبناء وقياديي حماس في الضفة ، وقد شمل الاختطاف أكثر من 35 قاصرا أعمارهم دون 16 عاما ، ومعظمهم تعرض للضرب والتعذيب لاتهامهم بكتابة شعارات في ذكرى انطلاقة حماس.
أما أساليب التعذيب ، فلا تقتصر على الشبح وعدم السماح بالنوم لساعات طويلة ، بل شملت عمليات جلد وضرب بالهراوات وتعذيب بالكهرباء وتعرية من الملابس وسكب الماء البارد على الأجساد ناهيك عن منع الزيارة.
هناك ما هو أسوأ ممثلا في اعتقال أجهزة السلطة العديد من زوجات المختطفين للضغط عليهم للاعتراف وتقديم المعلومات وقد وصل الحال حد شبح بعضهن أو الصراخ عليهن أو تهديد الأزواج بالإساءة إليهن.
في هذا السياق تغيب مؤسسات حقوق الإنسان بسبب التهديدات التي تتعرض لها ، مع العلم أن الضفة الغربية ليست الصين ، إذ يعرف الناس بعضهم بعضا ، وعندما يخرج أسير محرر بعد سنوات من الاعتقال في سجون الاحتلال ، ثم ما يلبث بعد ساعات أو أيام أن يتحول إلى معتقل لدى السلطة فلا بد أن يعلم بقضيته كل أهالي القرية ، فكيف حين يكون من أهم رموزها؟،.
لسنا نستمتع بهذا الكلام يشهد الله ، لكنها ممارسات تدمي القلب بحق خيرة أبناء المجتمع الفلسطيني ، ومن يتولون كبرها سيبوؤون بالخيبة والخسران ، إن لم يكن في الدنيا ، ففي الآخرة.
التاريخ : 21-12-2009
تعليقات القراء
أكتب تعليقا
تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه. - يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع |
|
الاسم : | |
البريد الالكتروني : | |
التعليق : | |
نحية خاصة لمحرر جراسيا وارجو النشر , والله يسعد اوقاتك.
ارجو من محرر جراسيا النشر كرامة لروح الشهيد ابو عدي.