كفاية لغة الضاد


لغة الضاد التي يتحدّث بها ملايين العرب , ويقرأ القرآن الكريم المكتوب بها أكثر من مليار مسلم , احتاجت في كلّ بلد من البلدان العربية الى قانون لحمايتها , ليس لأنها لغة قابلة للانقراض , وهذا مستحيل , ولكن لأن مفرداتها أصبحت , وبفعل ابناءها الناطقين بها , تدخل عليها كلمات ومصطلحات غريبة عنها , من لغات أخرى بعضها أقل شأنا منها , واًصبح استخدام الناس لها , يدخل فيه اعوجاج عن الأصل , بفعل اللهجات المحليّة المحكيّة , وبفعل ترسبات لغات الاستعمار الاجنبي في بعض الدول , التي كانت لغات المستعمرين فيها رئيسية , ولتهاون الحكومات المتعاقبة في كلّ الدول العربية في انفاذ قوانين مقرّة سابقا , وسن قوانين جديدة لتمكين اللغة من السيادة .

قانون حماية اللغة العربية , والذي كان يجب أن يقّر منذ تسعينيات القرن الماضي , والذي فيه مواد كثيرة , تحاول من خلالها السلطة التنفيذية أن تسلّط الضوء على مكامن الخطر الذي يواجه اللغة العربية , وابرزها , عدم تمكّن المدرسيّن في المدارس الاساسية والثانوية من لغتهم الأم وأخطائهم الكثيرة في تعليم الطلاّب الاملاء والنحو والصرف والقواعد وغيرها , وحسنا فعل مجمع اللغة العربية , بتقديم قانون امتحان الكفاية في اللغة للحكومة التي اقرّته , للمتقدمين للعمل في وظيفة معلم , ولأعضاء الهيئة التدريسية في الجامعات , اللذين لا يجيد بعضهم استخدام اللغة لإيصال المعلومة الصحيحة لطلبة الجامعة , اللذين يتخرّجون ايضا , وبعضهم يذهب للتدريس في المدارس , وهم فاقدين للقدرة على التعليم باللغة العربية ولا يتمكّنون من تأسيس الطلبة تأسيسا صحيحا في استخدام اللغة , وجميع دول العالم المتقدّمة تدرّس العلوم كلّها بلغتها الام , وتستعين بلغات اخرى لبعض المفاهيم , والدول المتخلّفة تدرسّها بلغات اجنبية , والانسان يفهم أكثر بلغته التي يتحدّث ويقرأ بها .

ولكن , كيف سيستطيع القانون من النفاذ , اذا كان من بنوده أنّ المؤسسات التجارية والمالية والسياحية وغيرها , يجب أن تكون اسماءها باللغة العربية , ونحن نرى ازديادا ملحوظا في استخدام اللغات الاجنبية على اليافطات التعريفية للمحلاّت المختلفة , وبها تكتب كلّ حروف الكلمات على الآرمات , واصحاب هذه المحلاّت يعتبرون أنّ استخدام اسم أجنبي , يجذب الزبائن أكثر , والاسماء العربية تنفّرهم منها , و كيف سيتمكن القانون من الزام القائمين على المؤتمرات والندوات أن تكون باللغة العربية , أو أن يلتزم مذيعي ومقدمي البرامج التلفزيونية والاذاعية بالألقاء بها , أو الوزراء بالتحدّث بها عند استقبالهم لوفود أجنبية , داخل الاردن على الأقل .

ومع انّ الغرامة التي اقرّها القانون على من يخالف بنود قانون حماية اللغة , تصل الى ثلاثة آلاف دينار , الاّ انني أعتقد بصعوبة تطبيقها , الاّ على نطاق ضيّق لعدم تجاوب المؤسسات المعنية والمواطنين مع جعل لغتهم لغة ذات سيادة , وعدم تقديرهم للّغة التي وسعت كتاب الله كلمات وآيات , وحروفها كافية لاستيعاب كلّ كلمات العلوم المختلفة.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات