3000 حصة كل مواطن


قلبت الدفاتر القديمة للكوميديا الأردنية باحثاً عن شيء يدفع المزيد من الحنين الذي أعيشه هذه الأيام الى وجداني، وفي ظل العديد من النصائح المقدمة من قبل الأصدقاء توجهت أنظاري مساء أمس لمشاهدة مسرحية "مواطن حسب الطلب".

صحيح أن المسرحية عامرة بالكوميديا التي تبث الضحك في الأجواء وترسم الإبتسامة على محياك منذ بدايتها وحتى نهايتها، إلا أنها في ذات الوقت تبعث غصة في الحلق، وربما تسيل بعض الدمعات على الخدود مصاحبة لتلك الإبتسامة.

ربما مر ما يزيد على العقد ونصف العقد على تلك المسرحية، وتغيرت الكثير من المعطيات في العالم بشكل عام، وعالمنا العربي بشكل خاص، ولا ننسى أهمية المرحلة الأخيرة التي عصفت بالشعوب العربية فزادت من الصعوبات والتحديات أمامهم.

إلا أن موقعنا في الأردن ما زال كما هو، لم يتغير شيء، وما زالت عملية البحث عن "مواطن حسب الطلب" جارية، ويجري الإعداد لها كل وقت وحين، بل وربما تضيع الكثير من الجهود من أجل الإعداد لتلك الخطط والمناهج.

ما زال جيب المواطن هو خيار الحكومة الأول في تحقيق الواردات وزيادتها، بل أصبح جيب المواطن أكثر أهمية في ظل عمليات الخصخصة التي شهدتها الكثير من المؤسسات والشركات الحكومية في مطلع القرن الحالي، وتحولت بين ليلة وضحاها الى شركات خاصة تدر مئات الملايين من الدنانير سنوياً على أصحابها الجدد.

والمفارقة الأخرى التي اختلف عليها الوضع في الأردن هو الدين العام، فلقد تضاعف الدين العام عدة مرات خلال تلك الأعوام ليصل الى أكثر من 24 مليار دينار. ولو إفترضنا أن تعداد الأردنيين يناهز ثمانية ملايين، فسوف يكون نصيب كل مواطن ما يقارب 3000 دينار أردني من الدين العام.

ولو تخيلنا أن الأردنيين أرداوا سداد هذا الدين، وقرروا أن يجمعو هذا المبلغ - مع علمي المسبق أن أكثر من 95% من الأردنيين ليس بإمكانهم جمع مبلغ مثل هذا حتى وفاتهم – وإستفقنا في صباح اليوم التي والدين العام على مملكتنا يساوي صفر دينار أردني.

هل تتوقعون أن يصبح الوضع الإقتصادي أفضل؟ هل ستنخفض أسعار المواد الغذائية والقمح والخبز والأعلاف؟ وهل سيقل حجم الضرائب التي تأكل من أجساد الأردنيين وأرواحهم؟ وهل سينخفض معدل الفساد والرشوة والمحسوبية والواسطة، هل سنصبح أمة متحررة فكريا وعقلياً وثقافياً كما تحررنا إقتصادياً؟

في إعتقادي أن شراهة "الهوامير" ستكون مفتوحة بشكل أكبر عما سبق من اجل تحقيق المزيد من الثروات والأرباح، وبدل أن يجنوا الملايين من صفقاتهم المشبوهة سيطمعون في جني المليارات.

تخيلوا حجم الثروات الموجودة في الأردن، وتخيلوا مقدار الدين العام، من المؤكد أنه لا يساوي 10% من مقدار ثرواتهم التي تغص بها البلاد ويضيق بها العباد، فهل تمتلك تلك العصبة الجرأة من أجل الإقدام على تلك الخطوة ويمتلكون زمام المبادرة في سداد الدين العام.

أكاد أقسم أن الفقراء من الشعب الأردني لديهم القابلية للإقتطاع من قوت أولادهم وسداد الدين العام، ولا تقبل تلك العصبة من الهوامير التبرع بفلس واحد.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات