السلسلة الثانية من رواية رغبة الإنتقام الجزء الخامس


أمسكت حياة نتيجة التحليل التي بين يديها و نظرت اليها بصدمة كبيرة للمرة الرابعة، كانت النتيجة غير متوقعة إطلاقا، فلم تتخيل يوما أن تعاود تجربة الحمل مرة ثالثة، فابنها فريد كان يبلغ من العمر خمسة عشر عاما و ابنتها إلهام كانت تبلغ من العمر سبعة عشر عاما، فأخر مرة أنجبت بها كان عمرها عشرين عاما و لم تكرر التجربة منذ ذلك العمر لأن ولادتها كانت قيصرية، فاكتفت بفريد و إلهام و شكرت الله على نعمته و لم تفكر بالأمر إطلاقا طوال الفترة الماضية خصوصا و أن زوجها ممدوح كان ايضا على قناعة بقرارها، كانت خلفة الأولاد بالنسبة اليهم هامة جدا و لكن بعد نقاش دام لساعتين بعد ولادة فريد بأسبوع وصلوا لقناعة بأن صحتها هي الأهم و بأن الله رزقهم سؤل قلبهم من البنين فكانت صحة أولادهم بألف خير، لذلك كان حتى النقاش بالموضوع أمر غير مطروح إطلاقا،

تَذْكُرْ حياة جيدا أنها كانت حريصة على استخدام موانع الحمل طوال فترة الخمسة عشر سنة الماضية لتفادي اية أخطاء اثناء جلساتها الرومنسية مع ممدوح، فالبسنة اليها كإنسانة مؤمنة الحمل هو حياة في داخلها و كانت تخاف أن يحدث و فجأة ترى نفسها أمام خيار إسقاط الجنين للحفاظ على حياتها، فكان حينها سيكون خيار صعبا للغاية على اسرتهم، أما الآن و بعد مرور خمسة عشر عاما على حَمْلِهَا الآخير كانت الفرحة طعمها حلو جدا كمذاق السُكَر في فمها، فأَمْر الخطورة الصحية إضمحل الى أصوات ضعيفة تناديها من ماضي عتيق ما عادت تكترث له و كان الشعور بوجود حياة في داخلها مرةً جديدة من زوجها الذي تحب أمر جعل إحساسها كإمرأة و أنثى يصل الى ذروة رائعة جدا، شعرت وكأن هنالك جانب من حياتها كإمرأة استيقظ من جديد بعد سبات عميق و شعرت برغبة بالإحتفاظ به و الكفاح من أجله، فبالرغم من كل الإحتياطات الدوائية التي تناولتها حدثت معجزة بعد جلسة رومنسية تذكرها تماما منذ شهرين، فاللحظات العاطفية السُكَرِيَة التي اختبرتها مع ممدوح ترجمتها نعمة الله الى حياة في داخل أحشائها،

أمسكت هاتفها المحمول لتطلب ممدوح على هاتفه، و لكن ترردت بأخر لحظة، فربما ستجعلها مفاجأة له حينما يعود الى الفندق، ربما ستعد عشاءا فاخرا للمنسابة، و حينها سيكون الخبر موضوعيا أكثر، و لكن الفرحة كانت عارمة في داخلها، فقررت أن تبعث له رسالة نصية، فكتبت على هاتفها الذكي "حبيبي ممدوح، أزف لك خبر جعلني أفرح كثيرا، فاليوم صباحا شعرت بعوارض صحية لم أشعر بها منذ زمن بعيد، اختلطت الأمور علي في بادئ الأمر فبعد دوار شديد و شعور بالتقيئ ذهبت لأرى طبيب العائلة لأطمأن على صحتي، و لكنه سرعان ما ابتسك لي بالعيادة و قال لي انها عوارض حمل، و تأكدت حينما رأيت نتيجة تحليل المختبر فهي بين يدي حاليا...حينما تعود سنذهب أنا و أنت لزيارة الدكتور مرقس لنعطيه النتيجة معاً، مبروك يا حبيبي...مبروك علينا ابننا الجديد..."

ابتسمت و انتظرت بفارغ الصبر أن يأتيها جوابه، كانت متأكدة بأنه سَيُسَرْ كثيراً، فجأة سمعت رنين الهاتف، كانت رنة رسالة نصية، فتحت الرسالة بفارغ الصبر و لكن لتجد عبارات لئيمة تصرخ بوجهها على شاشة المحمول...بل جعلت الدماء تتجمد بعروقها...قراءة "مبروك يا أم فريد...و لكنه لن يعيش..."، كان مصدر الرسالة من رقم مجهول، نظرت الى شاشة الهاتف بصدمة كبيرة و تأكدت بأنها ارسلتها الى رقم ممدوح، كان رقم زوجها هو الوحيد على لائحة المُرْسَلْ إليه في نص الرسالة، فجأة شعرت بخوف كبير فكان الرد مريب جدا، طلبت رقم ممدوح بسرعة و لكن رقمه لم يكن متاحا، فجأة سمعت صوت جرس الجناح، وقفت لبرهة من الزمن خائفة جدا، كانت بمفردها بالجناح الفاخر و لم تكن بإنتظار أحد، طرق الشخص الباب مرةً ثانية و قال بصوت مرتفع "التدبير المنزلي"، ارتاحت قليلا فكانت قد طلبت منهم أن يأتوا لتنظيف الجناح، سارت ببطئ نحو المدخل الرئيسي للجناح، ارتفعت نغمات أغنية "قلبي و مفتاحو" للفنان الراحل فريد الأطرش من هاتفها، فكانت هذه نغمة ممدوح حينما يتصل بها، أجابت و هي تسير ببطئ نحو مدخل الجناح...

"ممدوح اين أنت...؟"
أجاب بصوت مرهق قليلا "لست بأفضل حالاتي و لكن لا تقلقي...سأعيش..."
قالت بصوت يرتجف من الخوف "هل...استلمت...رسالتي..."
"لا يا حياة...انت لست بطبيعتك، ما الذي حصل..."
وصلت الى الباب و قالت بتوتر كبير "ارسلت لك رسالة على هاتفك بأنني حامل فأتاني رد يقول لي بأن ابني لن يعيش..."
أدارت مقبض الباب بينما صرخ ممدوح على الهاتف "يا حياة خطوطنا مراقبة، أطلبي حارس أمن ليحرس الجناح، سأعود حالا الى الفندق...هيا!!!"
فتحت حياة الباب لتلاقي شخص بثياب مدنية، فصرخت في وجهه "ابتعد عني!!!"
صرخ ممدوح على الهاتف "يا حياة!!! مع من تتكلمي!!!"
دفع رجل مفتول العضلات الباب بوجه حياة و أغلق الباب وراءه، ابتعدت حياة عن الباب و صرخت بوجهه "ماذا تريد مني!"
كان الرجل أسمر البشرة طويل و ذو نظرات ثاقبة، كانت طلته شابة فكان في العشرين من العمر و لكن نظراته لم تكن ودودة إطلاقا...بل شعرت حياة بأن عيونه السوداء تتوعدها بالأسوء...فقال لها و هو يقترب منها "قلت لكِ بأن ابنك لن يعيش...!"
"يا ابن الكلب إذا اقتربت مني سأقتلك!!!"

التقطت مزهرية ورود كانت بجانب مائدة طعام الجناح، وقع الهاتف الخلوي من يدها و صوت ممدوح يصرخ لها بقوة "حياة ما الذي يجري!!!" فأبتسم الدخيل ساخرا و قال لها و هو يقترب منها "لن تستطيعي فعل شيئ،" جَرَتْ أمامه الى غرفة نوم الجناح بينما لحق بها، فحاولت ضربه بالمزهرية إلا أنه تفادي الضربة و صرعها على سرير، لكمها لكمة قوية على معدتها فصرخت متلويةً من الألم، أحست بآلآم ألف سكين تنغرز في معدتها بعد لكمته القوية، "صرخت الرحمة ارجوك !!!" و هي ترى يده ترتفع فوقها ثم تلكمها على معدتها مرة ثانية، صرخت بقوة من الألم و هي بقبضته و اهتز جسدها بعنف من اللكمة ثم غابت عن الوعي،
بصق عليها الدخل و هو ينظر اليها بِِكُرْه شديد، نهض من على السرير و توجه صوب صالة الجناح، إلتقط الهاتف و قال "ممدوح!"
سمع صوته يقول "ماذا فعلت بزوجتي يا كلب!!!"
"حياتها مقابل حياة رجلنا الذي قتلت في شقة رانيا منذ ربع ساعة..."
"صرخ ممدوح على الهاتف "زوجتي يا أولاد الكلب!!! اقسم باللهِ رب السماءِ سأنتقم منكم!!!"
***************
نظر ممدوح الى زوجته في الجناح الفندقي و هي ملقاة على السرير ساكنة من دون حِراكْ، كانت محاطة بكادر إسعافات منهمك بالقيام بالإسعافات الأولية لها حيث كانت حالتها حَرِجَة جدا، كانت عينيها مغلقتان و كأنها في سبات عميق و كانت هنالك دماء تنزف من فمها، كانت بكامل اناقتها كما تعودت أن تكون حينما تخرج من المنزل فكانت مرتدية ثوب أسود أنيق و كانت الأساور الذهبية لا تزال في يديها، و حتى نعل الكعب العالي كان ما يزال في قدميها،

دمعت عينيه من منظرها و هي ملقاة بين الحياة و الموت، قال في ذاته "أخ يا حبيبتي لو كنت بجانبك؟ و لكن لعب القدر لعبته معنا، فكنت بين براثن شرس في شقة رانيا شبانة و أنت بين يدي قاتل حاول سلبك حياتك، بسيطة فكلما انكشفت ألعابهم الخسيسة بالقاهرة لنا و اقتربنا من الإقاع بهم كلما زادت بشاعة إنتقامهم، منظرك يا خليلة دربي و روحي و انتِ بين الحياة و الموت سيكون له ثمن كبير، سأجعلهم يندمون، أقسم بإللهِ العظيم بأنني سأكون جحيمهم بالقاهرة، "

اقترب منها و المسعفون على وشك نقلها الى السرير النقال، فجأة فتحت عينيها فابتسم لها، نظرت من حولها لبرهة من الزمن ثم قالت بصوت ضعيف جدا و مرهق "ماذا حصل، اين أنا؟"
أجابها ممدوح "سيأخذونكِ الى المشفى العسكري، لا تخافي، سألحق بكِ بعد ربع ساعة، اللواء الدكتور فتحي عبد الصمد صديقنا ينتظر وصولك الى المشفى...أخبرته عن الذي جرى،"
صرخت متوجعة و قالت "تذكرت ما قد جرى...أخ...لو تعرف كم أنا متألمة..."
قال لها المسعف "لا تتكلمي، انت بخير و هذه معجزة من الرحمن تعالى، لا تقلقِ و لكن يجب أن نسرع الى المشفى..."
أحنا ممدوح جبهته و قبل قدميها، فحاولت حياة سحب ساقيها من أمامه و قالت مترجية بصوت ضعيف "لا تفعل يا حبيبي!" و لكن أمسك بهم و قبل قدميها مرة ثانية و نعلها، ثم نظر اليها و الدمع يسيل من عينيها من الألم و قال "اقسم يا حياة بأنني سأنتقم لكِ..نعلك برقبتهم هم و أجهزتهم الإستخبراتية، نعلك تاج لرأسهم،"
نقل المسعفون حياة من سرير الجناح الى السرير المتنقل بسرعة، و قادوها الى مدخل الجناح، أخذ ممدوح هاتفه النقال و اتصل بمديره، فأجاب يوسف بقلق كبير "ممدوح سأموت من القلق على زوجتك، لم تخبرني الى القليل عن حالة حياة..."
"سيد يوسف خطوطنا مراقبة و قد ارسلوا قاتل حاول قتل زوجتي و هي في جناح الفندق...نحن مكشوفون بالكامل لهم..."
صرخ يوسف من الصدمة "ماذا تقول! كيف!"
"سيد يوسف أَرْسَلَتْ لي زوجتي رسالة زَفًتْ لي خبر بأنها حامل، فرد عليها مجهول بأن ابنها لي يعيش، و لم استلم هذه الرسالة إطلاقا على هاتفي النقال! فاتلصت بي و كانت خائفة جدا اثناء المكالمة منذ مدة قصيرة، و خلال دقيقة من الزمن فتحت الباب لمجهول و قام بالتعدي عليها، حياة بين الحياة و الموت و في طريقها الى المشفى العسكري...و أنا أطلب منك أن تفوضني بسلطات و حريات من الدرجة الأولى...أريد منك سلطات هتمان في القاهرة!"
صرخ يوسف "هذا يعني بأنهم يقوموا بمراقبة كل شيئ لدينا..."
قاطعه ممدوح وقال "نحن و خطوطنا مراقبة بالكامل، و ربما قد تكون برامجنا الأمنية و قاعدة البيانات على الحاسوب مراقبة بالكامل...أرجوك يا سيد ممدوح اعطيني سلطة هتمان...ارجوك..."
"هل تعي بالضبط ما تطلبه مني؟"
"أعطيني ما أطلب و سيكونوا بين يديك خلال خمسة ايام..."
"كيف؟"
"انتقموا مني لأنني قتلت مارد حاول حرق شقة رانيا شبانة...و قد يقوموا بحرق شقة كارمن في بناية الحوريات...حتما هنالك اوراق أو وثائق لم يستطيعوا ترحيلها من الشقق قبل وصولنا الى الحوريات..."
"قد منحتك سلطة هتمان بالقاهرة و خارجها و خارج مصر...ستحميك المخابرات المصرية بالكامل فأنت مُحَصًنْ من اية تَبِعَاتْ قانونية منذ هذه اللحظة، ساضع مدير عام المخابرت بالصورة فورا..."
****************
طلب يوسف على هاتفه الجوال مدير عام المخابرات المصرية، فأجابه مروان سعدالدين فورا "السلام عليكم يا صقر القاهرة،"
أجاب يوسف بوقار "السلام عليكم يا سيدي نسر مصر، مع كل أسف شكوكنا في محلها، مازالت الأفاعي فاعلة بالقاهرة و هم يراقبون جزاء من مكالماتنا و قد تكون قاعدة بيانتنا مراقبة ايدينا..."
أجاب مروان "لا تقلق...فنحن نستطيع التعامل مع كل الظروف،"
سمع يوسف مروان يأمر أحدهم على خط هاتف أخر "قم بإغلاق نظام الحاسوب رقم واحد، و فعل مكانه الشبح،"
"سيد مروان ما هو الشبح؟"
"الشبح سيد يوسف نظام آمن لا يمكن لأيًة برامج تَجَسُسِيَة ألتقاطه إطلاقا، فهو كإسمه، و سيحدد اية خروقات على هواتفكم عن طريق أقمار إتصالات روسية ذات تقنيات عالية جدا، في آخر النهار سيكون بين يدي أرقام الهواتف التي يتم مراقبتها من قبل جيراننا من دون أن يشعروا بذلك، "
أجاب يوسف براحة أكبر "الحمد لله...فظننت بأننا انتهينا،"
أجاب مروان بصوت حديدي "لا تقلق، فنحن هنا و سنبقى هنا...نحن دولة و لدينا اساليبنا للتعامل مع جميع الحالات الطارئة، هل من جديد لديك؟"
"ممدوح سالم هتمان في شوراع القاهرة و خارج مصر منذ هذه اللحظة..."
"اعطه ما يحتاج، أريدهم أن يعودوا جثث لإسرائيل..."
"و هو كذلك..."



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات