أربعة عشر عاما على المعاهدة الاردنيون والتطبيع


لقد سئلت من وكالة "قدس برس" عن التطبيع في الاردن بعد 14 عاما من معاهدة وادي عربة واجبت بان التطبيع موجود ويتوسع ليس على المستوى الرسمي فقط انما على المستويات الاقتصادية والتجارية والزراعية.. الخ. لكنني فوجئت بالوكالة تنشر على لساني بأني مؤيد للتطبيع وهو ما يتعارض مع مواقفي الوطنية والقومية ويسيء الى شخصي مما يوجب على الوكالة الاعتذار والتصحيح. فالاشارة الى وجود التطبيع لا يعني تأييده مثلما ان الحديث عن وجود الفساد ليس اشادة به او دعمه.

بمناسبة مرور هذه السنوات على معاهدة وادي عربة بين الاردن واسرائيل, لم يبق من ذكر تاريخ الصراع الطويل الا ما يتعلق بالتطبيع والموقف منه, بالرفض او القبول. وهكذا تشاء السياسة ويشاء القدر ان يتحول الصراع الذي وصف دائما بانه القومي والمركزي عند الامة العربية الى مشكلة تجارية واقتصادية اسمها التطبيع.

وحتى هذه المسألة المسماة ب¯ (التطبيع مع اسرائيل) اصبحت خاسرة على ساحة معركة مصيرية يزداد وقودها كل يوم. فلا تزال القضية كما هي من دون حل عادل او شبه عادل, ولا يزال التهويد في ذروة نشاطه من البناء والتوسع الاستيطاني بينما يتجادل العرب ان كان التطبيع حلالا ام حراما, عملا وطنيا ام لا!! وهو جدل بيزنطي, اسوأ ما فيه ان التطبيع يتقدم ويتوسع ومقاومته تتراجع وتكاد تنحسر.

التطبيع يتقدم على صعيد العلاقة الاردنية - الاسرائيلية, وهو لا يقتصر على علاقات دولة بدولة, ورسميين اردنيين برسميين اسرائيليين, في اطار ما تفرضه المعاهدة على الطرفين من تبادل السفراء الى التعاون في مختلف الميادين. انه لا يقتصر على ذلك, هناك قطاعات تجارية قطعت اشواطا بعيدة في التعاون مع قطاعات مماثلة في اسرائيل خاصة في مسألة التصدير الى تركيا واوروبا, وهناك تطبيع تعليمي وآخر اعلامي تجسد في لقاءات مؤتمر نوبل الاخير في البتراء, وما ذكر عن اجتماع ضم رؤساء جامعات اردنية مع رؤساء جامعات اسرائيلية. وفي مجال الزراعة لم يقتصر الامر على مواسم تظهر فيها المانجا الاسرائيلية على بسطات اصحاب الخضار, انما تجاوز الامر الى عدم تردد تجار في عرض منتجات اسرائيلية واغراء المستهلكين بشرائها.

تعداد الانشطة التطبيعية بين الاردن واسرائيل كثيرة والقائمة طويلة, وقد يكون اقلها لقاءات السياسيين النادرة التي تحدث مرة او مرتين في العام. وهذا امر غريب وعجيب حدوثه في بلد يعيش فيه اكثر من مليوني لاجىء ونازح مقيدين في دفاتر الاونروا والامم المتحدة. وغريب عجيب ان يحدث وسط شعب معروف بحدّيته بل بتطرفه ضد اسرائيل. واذا كان من تفسير لظواهر التطبيع على المستويات الاقتصادية والتجارية والزراعية فلا يوجد غير هذا الجشع الذي يسيطر على بعض النفوس من التجار واصحاب الاعمال الذين يرفضون الربط بين قضية استعادة الارض والحقوق وبين الربح والكسب وتسمين الجيوب.

في بريطانيا, هناك (حركة لمقاومة التطبيع) اكثر مدعاة للاشادة والتقدير, مثل ما تقوم به جمعية الاساتذة في الجامعات البريطانية من مقاطعة للاكاديميين الاسرائيليين تضامناً مع الفلسطينيين ضد الاحتلال, فيما لا يتردد بعض منتسبي الجامعات الاردنية عن الجلوس الى طاولة واحدة مع نظرائهم الاسرائيليين!!

مقاومة التطبيع موجودة ايضاً في اوروبا, التي قررت رسمياً عدم استيراد منتجات المستوطنات, فيما يتحدث البعض عندنا باعجاب عن الموز والنخيل الاسرائيلي!!

واخيرا يجب التوقف عن الانشطة التطبيعية التي تقوم بها بعض الفئات على المستويات التجارية والزراعية والتعليمية.. الخ. لان الاحتلال لا يزال مستمرا وخطره يتزايد على الاردن وفلسطين. فالتطبيع المجاني يتعارض مع المصالح الوطنية والقضية القومية ويفّرط بسلاح مهم للضغط على اسرائيل وانهاء احتلالاتها.0


 



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات