مراسم العزاء


في الغالب لا تتعارض العادات مع القيم والدين والاعراف الاجتماعية , ولكن في الاونة الاخيرة انتشر في مجتمعاتنا عادات ومظاهر جديدة خالفت في حقيقتها المظهرية ما امر به ديننا , وغايرت تقاليدنا الاجتماعية التي كانت سائدة في الماضي القريب , ومن هذه المستجدات ما يجري في مراسم العزاء .

الحقيقة ما يجري الان من بذخ ومضاهاة ومباهاة , بات مطلباً مظهرياً شبه حتمي يرتبط بمكانة المتوفى ومدى اخلاص ومحبة ذويه له , لقد بات العزاء عبارة عن مراسم تُشغل اهل الميت عن ميتهم , فمنذ لحظة اعلان الوفاة تتمحور جهود اهل المتوفى باختيار الصيوان او تجهيز الديوان الذي يليق بالمرحوم ثم الاتصال بوسائل الاعلام لاعلان خبر الوفاة ومن ثم الاتصال بالمطاعم لتأمين الغداء للمُعزين .

هل هذا من سنن ديننا الحنيف ؟ وهل هذا من عاداتنا وتقاليدنا الاصيلة ؟
كلنا يعلم تمام العلم ان هذا يخالف الشرع , فما يحدث من بذخ يرفضه الشرع لانه اسراف غير مبرر ويحمّل اهل المتوفى اعباء مالية كبيرة , وقد يضطر البعض ممن لا يملك المال للاستدانة لتحقيق المطلوب .

لقد تغيرت العادات الطيبة التي كانت سائدة , اذكر في الماضي القريب ان الجيران واهل الحي والاصدقاء والانسباء وبمجرد سماعهم بخبر الوفاة , يقومون بأستصدار شهادة الوفاة وتصريح الدفن و يجهزون القبر ويشترون الكفن , ويشاركون في غسل الميت , وبعد الدفن يتنافسون بواجب اطعام اهل الميت , ويقومون بفتح الدواوين والمضافات لاستقبال المعزين .

وهذا يتماشى مع سنة رسولنا الكريم , فعندما توفي جعفر بن ابي طالب قال الرسول للصحابة ( اطعموا آل جعفر قد اتاهم ما يشغلهم ) .

في هذا الزمن قلبت الصورة كلياً , واصبح اهل الميت ينشغلون عن مصابهم ويقومون بهذه الطقوس , التي تستمر لثلاثة ايام بلياليها يتخللها وجبات غداء وحلويات وتمور وقهوة , وتدخين وحوارات في غالبها دنيوية , وكأنك جالس في مقهى , وليس في بيت عزاء . هل هذا من الدين ويرضي وجه الله ؟؟
لقد اعجبتني مبادرة تم اطلاقها مؤخراً تحمل شعار ( ارحموا اهل الميت ) , تبناها نفر من المخلصين , تنادي برفض ما يحدث في مراسم العزاء من طقوس ليست من الدين بشيء , وهي في غالبها بدعة استشرت في مجتمعاتنا , ورسولنا الكريم نهى عن البدع واكد على سنته الحميده بقوله صلوات ربي وسلامه عليه ( من رغب عن سنتي فليس مني ) .

نأمل ان يشارك الجميع في نشرهذا المبادرة وتبنيها , وان توظف المنابر المعنية من اعلام ودور عبادة ومنتديات وملتقيات عشائرية للمناداة بوقف الانجراف في هذه الطقوس المظهرية التي باتت عبأ يثقل كاهل الجميع .



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات