عن طمّليه


  لم أصدّق أنّ الورقة المكتوبة أمامي ليست من قلم صديقي الراحل محمد طمليه ، فالخط يكاد يتطابق بشكل كامل ، والأسلوب يقترب من ذلك الذي تخصّص به محمد ، حيث الجمل القصيرة ، التي تفاجئك في لحظة بغير المتوقّع، والأغرب أنّ الورقة وُقّعت من محمّد طمليه.

على أنّ محمد طمليه رحل عنّا قبل قليل ، والموتى لا يكتبون المقالات ، فيتّضح أنّ هناك شاباً هو إبن مصطفى شقيق محمد ، يتّخذ من التوحّد مع مسيرة عمّه طريق حياة ، وربّما لو اعتنينا به ولو قليلاً ، فسنرى كاتباً جديداً في الساحة الصحافية والأدبية الأردنية ، وأنشر هنا نصّ محمد مصطفى طمليه:

خسر مجرّد حياة.

وُلد رجلا.. وعاش رجلا.. ومات رجلا... هكذا ترحل الرجال: إبتسامة على الشفتين ، وبأدب رفيع ، وبكلّ هدوء ، ونظرة جليلة بسبب الفراق...،

هذا ما كان يتمناه الكاتب الراحل المبدع "محمد طمليه".. هذا ما كان يطمح إليه.. كان يقول: أريد أن أموت بوقار.."موت يستحق من أجله الموت"..

ما لفت انتباهي من سلسلة في العلوم والمعرفة لا ينتهي على العموم ، وأخصّ في سياق الأدب والأخلاق والخجل: قمّة التواضع التي كان يمتلكها عدد من الكتاب الكبار الساخرين هم "محمد طمليه"...

من منّا لا يعرف ذلك الساخر... من منّا لا يعرف ذلك الساحر... مجموعة علوم وإبداع ودقّة في الإحتراف ، وصدق في المشاعر ، والإرتقاء نحو السمو وكوكب من الخيال: تجتمع كلّ هذه الصفات وتكون وسادة تتخفّى تحت وسادة "محمد طمليه"...

أنا لست تشيخوف ولا كارل ماركس ، ولا حتى ماركيز ، هؤلاء لهم الأحقية في وصف ذلك الساخر الأكبر ، هؤلاء هم من يستطيعون أن يعطوا محمد طمليه حقّه في الوصف...ولكنّهم أيضاً رحلوا...

أتذكّر إحدى مقالات محمد طمليه وكان يقول فيها "خسارتي ليست كبيرة مقارنة بخسارتنا الآخرين ، فأنا خسرت مجرّد حياة"

وكان على حقّ في ذلك فهو خسر مجرد حياة... ولكنّ الخسارة الفادحة هي خسارة العالم العربي ، الذي خسر نهراً جارياً لن يتوقّف عن ضخّ ما يكفي من الابداع والمعرفة إلى ساحة الثقافة والعلوم ويروي أعمدتها



تعليقات القراء

hassan kassab
رحمة الله عليك يا سيد طمليه وسيد الاحتراف الابداع لم ارك الا صورة ولكنك كنت صديقي الحميم واول من ابحث عنه في الصفحة الاخيرة
رحمة الله عليك فعلا قد مت رجلا
30-10-2008 01:38 AM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات