ثالوث الشرّ


الروس يقتلون الشعب السوري ، وأمريكا تزود المقاومة بالسلاح وإسرائيل تشعل فتيل الحرب في المنطقة كلها كلما خبا أوارها .

الحرب والدمار والويلات في سوريا ، هذا البلد العربي المتاخم للاحتلال الصهويني بحدود إستراتيجية ، والذي كان في الماضي يشكل خطرا حقيقيا على وجود إسرائيل المحتلة على أرض فلسطين .. وقد تنبه الصهاينة إلى خطر الجيش السوري في حرب أكتوبر عام 1973، والتي تسمى (بحرب رمضان) أيضا ، حيث تمكن الجيش السوري البطل آنئذٍ بطرد المحتل من أرض الجولان ومن مرتفعاتها التي تسيطر على العاصمة السورية سيطرة مباشرة .

وبهذا المقال ، وددت الكتابة عن شيء خطير ، يجب أن يتنبه له العرب شعوبا قبل حكام وقبل قادة وقبل جيوش ، وهو أن الحرب الدائرة في سوريا ، هي حرب مدبرة ، بل هي مؤامرة كبرى بكل أبعادها وتدابيرها ، ولن تكون في يوم من الأيام لمصلحة أحد من كل الفرقاء المتحاربين على أرض سوريا الحبيبة ..

بل هي حربٌ إبادة مدمرة ، حربٌ ضروسٌ ، استعرت نيرانها في كل أنحاء سوريا بفعل الدخلاء على الخط السياسي فيها ، والغاية منها حقيقة ، هي القضاء المبرم على حضارة ووجود سوريا الأحرار ومسحها من الخارطة السياسية ، كدولة مناوئة للوجود الصهيوني في المنطقة .

يعلم الساسة في عالمنا العربي ، وهم لم يستطيعوا فعل شيء يذكر من أجل وقف هذه الجريمة النكراء التي تحصد شبابنا وتدمر مدننا وحضاراتنا في سوريا الحبيبة ، لكن الحرب الدائرة هنا تختلف عن كل الحروب الدائرة هناك ، ولو من بقليل من الاختلاف .

فالحرب في العراق والتي ، ما زالت تشتعل في العراق ، وتدمر كل مقومات وحضارات العراق ، وتحصد شبابه من كل الانتماءات الدينية والسياسية ، ناهيك عن التركيبة المعقدة التي كانت تتشكل من أطياف العراق ، لكن الهيمنة الإيرانية وهي التي طغت على الساحة السياسية ، وقادت البلاد والعباد إلى الهاوية ، منذ مجيء نوري المالكي ، ذلك الشيعي البغيض إلى العراق معتليا دبابة أمريكية ، وبحماية الأمريكان الذين خططوا لتدمير العراق وإرجاعه إلى عصر التخلف والانحطاط ، رغبة منهم بالقضاء على أية فرصة قد تسنح للسياسيين المخلصين الأوفياء من أبناء العراق في المستقبل المنظور ، يمكن أن تتيح المجال للنهوض من جديد ، من أجل أن تعود للعراق غضاضته وبريقه وهيبته التي كانت على الأقل في عهد صدام حسين .

لم تكن الحرب الإيرانية العراقية حدثا عابرا في القواميس الصهيونية ، لكنها كانت درسا مخيفا لهم ، وقد أيقظت في نفوسهم الهلع والخوف والحذر ، وأمدتهم بقناعة أكيدة ، أن جيش العراق الذي حارب إيران لمدة تسع سنوات بشراسة وشجاعة ، وقدم في أتون تلك الحرب آلاف الضحايا ، فلن تكلفه أية حرب مع الصهاينة المحتلين في فلسطين سوى ساعات معدودة على الأصابع ، للقضاء على الوجود الصهيوني قضاءً مبرما ، وتطهير أرض فلسطين من رجس أولئك الأوغاد إلى الأبد .

ولذلك جاء الأمريكان بكل ما يملكون من أسباب القوة ، جاءوا بعسكرهم ، وطائراتهم المتطورة ، وسلاحهم الفتاك ، إلى العراق من أجل القضاء على كل أسباب القوة والمنعة التي يتمتع بها الجيش العراقي ، وبالفعل لقد تم لهم ذلك حينما استطاعوا تأليب قوات التحالف ، بل وكثير من جيوش ودول العالم ومنها جيوش عربية ضد العراق .

وهنا أود أن أشير بقوة إلى أن أيادي جيشنا الأردني البطل ، بقيادة الهاشمي الحر الشريف جلالة الملك الراحل الحسين بن طلال لم تتلطخ يوما بدماء العربي سواء أكان في العراق أو في أي مكان آخر من العالم ..

وهكذا .. تمكنت أمريكا من سحق الجيش العراقي وكلنا يعلم حجم المؤامرة على العراق ، وسلمت زمام الأمور في البلاد هناك إلى الشيعة وأنصارهم الإيرانيين. ولهذا فلن يستطيع العراق مهما بلغت اليقظة لدى قياداته أو هما بلغت حكمة الناشطين فيه أن يعيدوا للعراق مجده وهيبته وقوته يوما ، أو أن ينشئ جيشا عراقيا حرا من جديد ، لأن الانتماءات الدينية المتطرفة لدى الحاكمين الآن ، لن تفسح المجال أمام جيش عراقي من كل الأطياف ، خال من العنصرية والطائفية البغيضة ، لهذا سيبقى العراق في نزاع طائفي طويل الأمد ، مشغولا عن كل ما يدور في العالم من أحداث ، تهدد وجوده ووجود كثير من الدول العربية .

وأما في اليمن فالحرب هناك ، إنما هي نسخة متطابقة مع الوضع في العراق ، فالشيعة وأتباعهم الحوثيون هناك هم الذين يرفضون استقلال اليمن ووحدتها وإنهاء النزاعات فيها ، وهم يتلقون السلاح المتطور من إيران ، ومن جهات أخرى محاولة منها لكي تجعل اليمن السعيد مقبرة لأبنائها .

واليوم .. وكما نرى في سوريا ، فالمستقبل قاتم ، والدرب مظلمٌ وشاق وطويل ولا نعرف له نهاية ، فالروس يعيثون في سوريا دمارا ، لا تأخذهم بشعبنا العربي إلا ولا ذمة ، وأمريكا الإمبريالية المحتلة ، باتت تزود المنشقين والثوار هناك بأنواع شتى من الأسلحة ، والغاية من هذا كله ليس من أجل تحرير سوريا من حكم بشار الأسد ، ولكن من أجل زيادة الفتك بالشعب السوري والدمار الكبير للأرض والإنسان ، هي خطة لا أكثر ، وأما الصهاينة ، فهم يدقون طبول الحرب كلما هدأت ، وراحوا يستغلون في غفلة من العرب ، انشغال الدول بالحروب ليقوموا بتنفيذ المخططات الصهيونية في القدس وفي المسجد الأقصى بالذات ، حيث تتيح للقطعان الصهاينة من المستوطنين بفعل كل محرم ضد الشعب الأعزل على أرض فلسطين ، والذي ارتأى أن يقاوم ويقاوم حتى بالسكاكين وبالحجارة ، لكي يرد كيد المعتدي اليهودي إلى نحره .

ولو فكر السوريون والقادة الذين يديرون دفة الحرب في سوريا ، لو فكروا بمصلحة سوريا وشعبها البطل ، لقاموا إلى الحل السلمي بأقصر الطرق ، وعلى قادة المقاومة وبشار الأسد أن يدركوا ما هم فيه من أخطار قد تودي بهم جميعا ، وبكل الأحرار في سوريا ، وتدمر كل ما تبقى من حضارة وبنية تحتية فيها ، كم أتمنى أن يجلس الجميع فجأة على مائدة مستديرة ، فيتحاوروا بكل إخلاص وثقة ، وكل همهم هي المصلحة العليا لسوريا ، وليس المناصب القيادية ولا الحكم ، ولعلهم بذلك كانوا قدوة حسنة لمن جاء من بعدهم ، أتمنى على جميع القيادات السياسية المخلصة ، أن تطرح مثل هذا الفكر بكل قوة ، على طاولة المفاوضات عبر قيام الجامعة العربية بالإعداد لهذا الطرح .
والله ولي التوفيق ،،،،



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات