الاستعصاء الاخير


لا غيوم اذا لا مطر معادلة الطبيعة في انتاج الظواهر الكونية، والسياسة والاستقواء والتمدد والسيطرة تحتاج للفرص لتظهر، والفرص تكون نتاج مؤامرة او ان تكون ظاهرة اجتماعية طبيعية.
وبهدوء المراقب تتشابك خطوط التداخل في المنطقة ومن الصعب معرفة النتائج وان كان كل طرف يريد ان يتحكم بمخرجات التصادم، الا ان المعادلة الشعبية تفرض وجودها دائماً.

ايران في موقف حرج فالتنافس بينها وبين روسيا يظهر للعلن، أغفل حكام طهران حقيقة ان روسيا لن تسمح ان تنقاد في ظل معادلة فرض الوجود الاقليمي والتشارك الدولي، وامريكا تتحالف او تستخدم ايران في مخططها والحقيقية انها تستخدم ايران بتشارك وتقاطع المصالح، لهذا تحول مؤتمر "فينا" من مخاض لإصدار قرار الى كرنفال خطابي وصار الشعب السوري كالأيتام على موائد اللئام.
امريكا وجهت الدعوة لإيران بحضور المؤتمر وقد سبق للدبلوماسية العربية ان رفضت مجرد ان يقترح وجود الايراني بالمؤتمر وكان التصريح بأعجاب وموافقة روسية الا ان امريكا لا تريد توافق عربي روسي ولا تريد ان تخرج اللعبة عن مسارها.

في مؤتمر القمة العربي صدر القرار بتشكيل القوة العربية العسكرية وكلف وزراء الدفاع بتشكيل القوة خلال ثلاثين يوم ومرت الثلاثين ولم تتشكل القوة، وذهبت السعودية العربية الى بناء قوة عربية عسكرية من خلال انشاء محور عربي بقيادتها، وهذا المحور بلا رؤيا او برنامج او موقف ثابت، وتم استدراجه لمواجهة غير مباشرة مع ايران في اليمن وبدل ان يكون هناك حسم عسكري خلال اسابيع ذهب لمواجهة مفتوحة مما اضعف القوة واكسبها خبرة، اضعفها بتفريغ قوتها واشغالها في اليمن واكسبها خبرة ان امريكا تتلاعب بجميع الاطراف وهذه الخبرة المكتسبة قديمة الا ان خجل القرار السياسي الذي يضع العراقيل امام الجهد الدبلوماسي العربي اعاد الامة الى مربعها الاول.

المحور العربي وجب ان يدرك ان استقلالية القرار والسيادة ليست مناورة تستخدم للتأثير بل هي من اسس بناء القرار الوطني المستقل برؤيا عربية، وجب ان يدرك المحور الناشئ ان الاصطفاف بين دول المنطقة يقوم على اسس المصلحة الوطنية قبل اي شيء وليس حماية مقاعد وعروش.

ايران اليوم في لحظات ضعف ويكاد شهر العسل بينها وبين "بشار" ان ينتهي بدخول الروس الذين فرضوا وجودهم على الساحة الدولية بمشهد تبعية النظام الاسدي لهم وتحكمهم بمسار العمليات من خلال فرض رؤيتهم الاستخباراتية بالتخلص من عدد لا بأس به من قيادة الحرس الثوري المتواجدين في سوريا، امريكا تنقذ ايران وتكسر عزلتها في الاطار السوري بتوجيه الدعوة لها لحضور مؤتمر "فينا".

امريكا لا تريد للازمة السورية ان تنتهي وتستخدم ايران لتأجيج الفتنة ، الازمة السورية بالنسبة لأمريكا ساحة صراع بين معسكر عربي يحاول حماية مصالحة وبين ايران الساعية لإعادة بناء إمبراطورية فارس البائدة.

تقسيم سوريا اجتماعياً كما حدث في العراق هو الغاية اولاً حماية للوجود الصهيوني "الدولة" اضعاف القوة العربية العسكرية المتضخمة نتيجة صفقات السلاح التي كانت السبب الرئيسي في حماية الغرب وخاصة امريكا من الانهيار، وبما ان منظومة السلاح تتجاوز الحد المعقول لمعنى الامن والاستقواء فلابد من تفريغ هذه القوة والتخلص منها في ظل منظومة دول تحكمها اسر تحميها اجهزة امنية والجيش هو المعادلة التي لا يمكن التنبؤ بتحركه اذا ما تجاوز القيادة التقليدية أو الشرعية.

مشهد بالغ التعقيد في عموم المنطقة العربية الا ان عنصر التفوق اذا ما تم استخدامه وتوجيه جيداً لازال في صالح المحور العربي اذا ما تخلص من التبعية واستطاع تحقيق الاستقلال والسيادة.

ايران تحتاج اشغال في حدودها المرسومة من قبل ولي الفقيه، فدعم المقاومة الوطنية في الاحواز وتوفير الغطاء الاعلامي لها سيعجل من نهاية الحلم الايراني، وستكون ردة الفعل الفارسي بالذهاب نحو دول الخليج العربي كردة فعل وكلما كانت ضربات المقاومة الوطنية الاحوازية شديدة كلما اسهمت اكثر في شلل القوة الايرانية، ولا يمكن للمقاومة الوطنية الانتصار الكامل بدون اعادة المقاومة الوطنية العراقية الى الواجهة الاعلامية بعد ان تسمم المشاهد العربي والباحث والمتابع بتنظيم "داعش" على انه قوة الطرف في المعادلة العراقية.

وفي سوريا مشهد اكثر عنفاً وتداخلاً الا ان الواجب ان نقول ان الائتلاف صار تحت فهم ابغض الحلال ، كونه عبء ثقيل على الثورة في الداخل، وضرورة تحرير الجيش الحر من الوصاية الاستخباراتية العربية و اشكال المعارضة الساعية الى توجيه الجيش الحر واشغاله في معادلات صراع نفوذ مناطق، المحور العربي ملزم اليوم اذا ما اراد الانتصار ان يتعامل مع الجيش الحر كقوة وطنية مستقلة بديلة لبشار وحلفائه وممهد لبناء سوريا الدولة، لا يمكن الانتصار بدون تحرير الجيش الحر من السيطرة وعدم اخضاعه بصفقات سلاح لا تتطور.

الانتفاضة الفلسطينية الخط الفاصل بين الحق ومعسكر الباطل، والانتفاضة بلا شك القوة الشعبية الوحيدة القادرة على اسقاط النصوص الداعية للاستسلام والتبعية وهي ريح تعري اجساد المتاجرين والعملاء من اثواب المقاومة المزيفة، دعم الانتفاضة وتوفير كل ما يلزم لاستمرارها بدون سيطرة جهة تنظيمية او قيادية عليها وتركها لحالة التطور الطبيعي سيعطي للمحور العربي اذا ما تبناها من خلال توفير الغطاء الاعلامي والمالي شرعية التحرك في عموم المنطقة العربية، والانتفاضة بالنسبة له ستكون بوابة المبايعة الشعبية العربية لكل فعل يقوم به، لان المحور وان تعاظم دورة وكانت نتائجه ايجابية لن يستطيع ان يحافظ على الانتصار والنتائج والمكتسبات بدون التفاف شعبي يدعم الجهد.

مع التشابك والتعارض والتعقيد الا ان الاقرار بأن الفرصة اليوم في صالح الامة اذا ما استطاعت توجيه الامور لصالحها ولن تستطيع هذا دون استقلالية القرار وفهم ان لكل طرف مصلحة وغاية وليس بالضرورة ان تتقاطع مع مصالح الامة وان تعارضت سيكون الصدام .
الاقرار ان الوقت حان والفرصة قائمة.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات