امرأة في مهبّ القسوة !


تنتابنا حالات من القشعريرة ، ونوبات من الدموع ، "وفلتات" من المشاعر ، تدفعنا أن نشتُم زمنا رديئا ، أصبح فيه بسطاء الناس سلعة في سوق ، السواد الأعظم من تجارها وحوش ، والحزن يتعاظم على هيئة "فضيحة" عندما تكون الضحية إمرأة أمّا لطفل ، وهدفا لحزمة من الأخطاء والمشاكل ، ما كانت لتنال منها لولا غياب الرحمة قبل قلة "القروش"..

سيدة:أم لطفل وفتاة ، أمضت مع أطفالها أعواما تحت وطأة العذاب والعنف الجسدي والنفسي ، وهاجت بها الأيام والظروف وماجت ، وألقتها مرارا على ضفاف جزر معزولة تماما من الحس الانساني ، تزوجت وعمرها 14 عاما ، وأمضت أكثر من ربع قرن في دوامة القسوة والعنف والفاقة والمعاملة غير اللائقة ، تزوج زوجها بأخرى ، وتركها وأطفالها بلا معيل ، قاومت الظروف من أجل خبز أطفالها ، فتزوجت ابنتها ، وصمدت هي مع طفلها الذي لا يتجاوز عمره 12 عاما في مواجهة هجمات القسوة المتكررة ، وما زالت في دوامة يوميات يعجز عن مواجهتها رجال ، لتجد نفسها أخيرا على قارعة الطريق الجهنمي وبلا مأوى ، تتنقل من بيت لآخر ، كضيفة ثقيلة زادها الجوع والتذلل ، وسياط من قسوة وحرمان تلذعها بألوان من الألم ، لن يكون آخرها تراكم مبلغ مقداره أكثر من 5 آلاف دينار ، هو أجرة سكنها الذي تم إخلاؤها منه قضائيا ، بعد أن تم وضع أثاث بيتها في المزاد العلني..

من ينقذ هذه الأم ؟، ومن ينقذ طفلها؟، هل تسعفهما توجهات الحماية من العنف ، ذلك الذي استنفذ موازنات تحت شعارات وقفه ضد المرأة وضد الطفولة؟، عن أية إمرأة نتحدث وعن أية طفولة عندما نرى مثل هذه الحالات التي تؤكد أننا في غابة ، تواجدت فيها كل المخلوقات المتوحشة والبشعة ، وخلت تماما من الإنسانية ؟،

لن ننتظر أن تشفع استراتيجيات وبرامج المنظمات والهيئات الدولية وتتدخل لإنقاذ هذه الأم من التشرد والسجن ، حيث لا نتوقع أن تقوم تلك المنظمات بدفع قيمة المطالبة المالية للمحاكم ، ولن يأتي مندوب إحدى هذه المنظمات ليتكفل بسداد الدين وإنقاذ الأم وطفلها ، لكننا بالتأكيد نستنهض همم أهل الخير ليهبوا لإنقاذ "أم وطفلها" ، ويؤوهما بعد ضياع ، ويسدون رمق جوعهم المزمن ، لن تتصحر أرضنا المباركة من مثل أصحاب تلك الهمم ، فكلنا مرشحون لأن نتعرض لمثل هذه الظروف ، والوجع الآدمي أصبح مؤسسة ، أعضاؤها كما نرى ، نساء وأمهات وأطفال.. وقوانينها وأنظمتها الداخلية هي حزمة من قسوة مركزة ضد الضعفاء ، الذين لا نصير لهم سوى همّة شماء لا تحتكم لغير معاني الرحمة والتكافل والتضامن والإيمان بأننا أخوة ، نحظى برحمة الله وعطفه ما دمنا نرحم ضعفاءنا ونسعى للتخفيف عنهم.

كم هو حجم الدفء الذي نوفره لأطفالنا ولأمهاتنا وأخواتنا وبناتنا وزوجاتنا مع بدايات فصل الشتاء؟، ولن نسأل عن حجم الخبز والأمن الذي نكدّ ليل نهار لتأمينه لهم ، هل من الممكن أن نمدّ هذا الطفل بدفء منه؟،

أدركوهم بقليل من الدفء وقليل من الأمن.

ولا حول ولا قوة إلا بالله .

ibrahqaisi@yahoo.com


التاريخ : 07-12-2009



تعليقات القراء

نعم
ادركونا بقليل من الدفء
07-12-2009 11:10 AM
ابو جورج/الربه=نبيئ
رائع ياصديق برغم تجهمك وقسوة طفولتك الا ان الظلم ليس موجود بداخلك00
الرحمه يا ابناء وطننا -- الرحمه يا أصحاب القلوب الرحيمه
قليل مما وهبكم الله من اموالكم
07-12-2009 07:36 PM
رهام
كلام منطقي ومعقول وسلس... ورفقا بالقوارير
08-12-2009 10:58 AM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات