حوار وطني .. !


منذ عام 1989 والحوار يجري وطنيا بشأن ترسيخ الديمقراطية ، تلك التي قفزت آنذاك الى مستوى ما ، ثم انطلقت الحوارات بكل الأغراض ، لتخفيف حجم الخسائر التي تعرض لها بعضهم جرّاء تلك القفزة ، والغريب أن الحوار كان اسمه وطنيا أيضا رغم أنه احتوى الأغراض كلها إلا الوطني منها ؟، بدليل ما تمخض عنه وهو قانون الانتخاب بالصوت الواحد ، الذي قدم لنا نتائج لم يكن ليحلم بها لا المحاور الوطني ولا الآخر اللاوطني ، ومنذ 1993 والقوم في ندوة مفتوحة ، مضى عليها حتى الآن أكثر من 16 عاما ، وأكثر من ألف خسارة بحق الولاء للوطن أو الحرص على ترسيخ الديمقراطية ، فاضمحلت قيم ومبادىء وأخلاق ومؤسسات حكومية وغاب دور مؤسسات دستورية ، وكلها غيابات أهم كثيرا من الديمقراطية ومجالس النواب ، وتراكمت بدلا عنها مفاهيم أخرى تداولها القوم واجترحوا مآثر وقدموا لنا منتجات سياسية واقتصادية واجتماعية "فادحة" ..،.

الدهشة ليست التعبير المناسب عما يتم تداوله الآن ، سجالا وافتعالا وانفعالا حول إطلاق حوار وطني بشأن تغيير قانون الانتخاب ، ويبدو أننا بحاجة لأن نعود الى مدارس الف باء السياسة والسياحة كذلك ، لترسيم حدود جديدة للفكرة الوطنية المبتغاة من هكذا حوار ، فتلك الندوة المفتوحة التي امتدت منذ أكثر من 16 عاما ، والتي تم خلالها تقديم كل أفكار الانتخاب والتصويت المستخدمة على كوكبنا الأرضي على امتداد عمره ، لم تنجح في "تفصيل" القانون الأنسب لانتخاب قادة التاريخ والجغرافيا ، وهي حالة تعبر بكل جلاء عن مقدار الفوضى التي تتفجر عندما يقوم المتهم بدور القاضي أو المستشار في القضية المطروحة للتداول والنطق بالحكم.

لدينا دستور أردني قوي وشامل ، يتيح بل يضمن للدولة السيادة على قرارها ، ويقدم لها الأسباب القانونية لإجراء تغيير أو تعديل أو تبديل في مجريات حياتها السياسية ، وهو ما يجب أن تفهمه الحكومة قبل غيرها ، وعلى أساس من هذا الفهم يجب أن تتجاوز "الحكومة" فقرة اسمها الحوار الوطني ، لأنه أثبت عقمه ولست أعتقد أنه سيقدم غير المزيد من التناقض والاختلاف الذي يؤدي للنزاع ويتطور الى صراع ، ولدينا هنا مثال عن بعض مفردات هذا النزاع والصراع ، يتعلق برأي وموقف المستفيد من قانون الصوت الواحد ، وهو الذي لم يكن يستطع أن يحصل على مقعد في مجلس النواب بغير الصوت الواحد ، خصوصا وأنه حاز على هذا المقعد 4 مرات متتالية ، سيستخدم مفردة "الحقوق المكتسبة" ، وهي ذات الحقوق التي تحول دون إلغاء الكوتات ، كالكوتة المسيحية والشركسية والنسائية ، فأي طروحات وآراء جديدة وبناءة سيقدمها مثل هذا الطرف ، خصوصا ونحن نتحدث عن توجيه ملكي بتعديل قانون الانتخابات لإجراء انتخابات نيابية مبكّرة؟،

على الحكومة أن تقوم بطرح القانون الذي تراه يناسب مقاس الوطن ومصالح الدولة ، كما فعلت سابقا عندما اختارت الصوت الواحد ، فأي خيار غير الصوت الواحد سيكون أفضل ، ثم تنطلق بشأنه الحوارات الوطنية وغيرها للتقييم والمراجعة ، ولست أتوقع أن نصمت جميعا لـ16 عاما أخرى ، إن كان الخيار الحكومي غير مناسب ، لأن صلاحيات جلالة الملك الدستورية ديمقراطية وقانونية ومناسبة للخروج من المراوحات والشلل والفوضى.

سيكون الإجراء الحكومي أكثر وطنية لو استثنى النقاش والحوار في هذه المرحلة ، وخيار كهذا تقوم به الحكومة الوطنية القوية ، ويبدو أن لدينا فرصة لمشاهدة حكومة مثلها..

لنغير القانون ونجري الانتخابات ثم نقوم بتقييم قرارنا واختبار نتائجه العملية..وقد يكون الحوار وعاء لتنقية المواضيع من الشوائب ، إلا هذا الحوار فهو سيلقي عليها مزيدا من الشوائب ، ويحول دون تنفيذ التوجيهات الملكية التاريخية ، وهي نتيجة غير وطنية بكل المقاييس.

ibrahqaisi@yahoo.com


 



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات