بين وبين


في وقفات تأمل ومراجعة أطلق لذاكرتي العنان في جولة ما استعرض فيها ماكان في الماضي وما يكون اليوم ، وذلك لبعض المظاهر التي تمر في حياة الفرد ؛ مما يؤثر بشخصية الفرد ويشكلها وقد تباينت مابين الماضي والحاضر .

كنا بين أن نستمع لقدوة واحدة في فخذ العشيرة وربما في كل العشيرة يتكلم باسم الجميع ويحترم رأيه ويكون قراره نافذا ، بينما نجد الآن أن البيت الواحد به مقررين بعدد افراد الأسرة ، وياليت أن يكون هذا مساهما في ترسيخ الحرية الفردية وحرية التعبير وحسن المشاركة فيكون محمودا ، لكنه قد يفضي للامبالاة في أي شئ ليصبح مذموما .

كنا نرى في معلمنا القدوة الحسنة ، حتى حينما تسأل احدنا ماذا تريد أن تصبح مستقبلا ؟ يقول لك معلما ، وكان معلمنا ينظر إلينا على أننا أبناءه يحرص علينا حتى إن وجدنا مصادفة في سوق أو في شارع فيسأل لما أنت هنا ؟ لنجد الآن تغيرا واسعا في العلاقة بين المعلم والطالب ، حتى أصبح يقف الاثنان أمام الشرطة والقضاء كمتخاصمين فيما نجد بعض الأهالي لايعلمون عن أبناءهم شيئا إلا إذا حصلت مشكلة ما .

كنا نرى النخوة الجماعية والفزعة والتشارك الوجداني في كل شئ من البيدر إلى البناء إلى العرس إلى المآتم ...الخ واذكر مثالا انه حينما يتوفى الله جارا لأحدنا ربما نغلق التلفاز أسبوعا في حرص على مشاعر جوارنا لنجد الآن غيابا لهذه المشاركات الدالة على التقارب فتجد سهرة الفرح بمكبرات الصوت تتجاور مع بيت عزاء.

كنا لانسمع عن الجرائم إلا بالإذاعات والصحف وفي بلاد غير بلادنا وحينما يصدف أن هذا الفعل قد حصل عندنا تهتز مكونات المجتمع استهجانا واستنكارا ، لنجد اليوم الجرائم اليومية والبشعة ، وبعضها في الأسرة الواحدة كشواهد على تدني مستوى التفكر والتدبر والحوار لتتعطل لغة الكلام ويستعاض عنها بلغة استسهال الإجرام .

كنا نجد السهرات الجميلة فيما بين الأقرباء والجيران أبناء الحي الواحد أو القرية في تقاسم للهموم والخبرات والمشاعر ، وكل ضمن فئته الرجال مع الرجال والنساء مع النساء والولدان يلعبون مع بعضهم البعض ، لنجد الآن أن اجتماع الأسرة الواحدة لايتم ، وان تواجد الأفراد مع بعضهم البعض تجد كلا منهم له عالمه الخاص مع الجهاز الخلوي ومواقع التواصل ، حتى يصل الأمر أن لو أن افراد الأسرة غادروا المكان ولم يبقى إلا واحد فلن يشعر بمغادرتهم .

كنا نجد عدم التردد في طلب الماعون من بعضنا البعض ، ولا نشعر بالحياء ، لنجد الآن أننا نريد إخفاء الحاجة لاعتقادات في النفس ولدتها ظروف حياة جديدة ، ومعطيات فرضت نفسها على واقع الحال وربما من صنع أيدينا .

كنا نشاهد السيارات وقد كتب عليها في التأني السلامة وفي العجلة الندامة أو لاتسرع نحن في انتظارك أو لاتسرع الموت أسرع في عبارات تدل على الوعي من مخاطر الاستخدام السلبي لنعمة انعم الله بها على البشر ، لتصبح السيارات وسيلة قتل بدل نقل ، وتصبح النعمة نقمة لفوضى السلوكات غير المسؤولة التي تودي بحياة الكثيرين الذين يطيشون بسياراتهم وكأنهم ظانين أنفسهم أنهم في لعبة(كمبيوترية) ولاحول ولا قوة إلا بالله .

كنت اذكر أن صاحب المتجر إذا مااستهم لقضاء حاجة ما أوكل لجاره أن يضع متجره في رعاية عينه ، فيكون قائما على كلا المتجرين لنجد الآن عبارات أن المكان مراقب بالكاميرات ، وفي كل جوانبه ليدل على حجم مااستجد كواقع في تدني الأمانة كنتيجة لتدني الوازع الديني عند البعض ، ليكون الشاهد على الإنسان آلة تصوير بدلا عن رقابة ضمير .

كان وكان وكان ، بين ماض جميل على قلة الموارد ، وبين حاضر ياليت أن نستثمر اكتشافاته العلمية في تعزيز القيم الايجابية التي يعود نفعها علينا جميعا ، فلنا حياة راقية في ظل تسخير النعم التي انعم الله بها علينا وما أكثرها من نعم ، وان نهجر المستورد الذي لايناسبنا عقيدة وحضارة وتاريخ ، وان نوظف منه ما يجعلنا نطبق قول الرسول صلى الله عليه وسلم الحكمة ضالة المؤمن أنى وجدها فهو أحق بها ( الحديث قد يكون ضعيفا لكن الكلمات المذكورة في العبارة يمكن الاستفادة منها والبناء عليها) والواجب في هذا يقع على عاتق الجميع سواء وسائل الإعلام الدينية أو التربوية أو الإخبارية وعلى دور الأسرة أولا وأخيرا ونسال الله التوفيق في العود والعود أحمد .



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات